مجلة البعث الأسبوعية

أسرار برنامج البنتاغون “دترا” في أوكرانيا لإنتاج الأسلحة البيولوجية والجرثومية

البعث الأسبوعية- عناية ناصر

ينتج الجيش الأمريكي بشكل روتيني فيروسات وبكتيريا وسموماً مميتة في انتهاك مباشر لاتفاقية الأمم المتحدة للأسلحة البيولوجية، ما يجعل مئات الآلاف من الأشخاص العاملين في هذه المخابر المنتشرة في عدة دول يتعرضون لمسببات الأمراض الخطيرة وغيرها من الأمراض المستعصية. كما يقوم علماء الحرب البيولوجية الذين يستخدمون الغطاء الدبلوماسي باختبار فيروسات من صنع الإنسان في مختبرات البنتاغون البيولوجية في 25 دولة حول العالم، ويتم تمويل هذه المختبرات الحيوية الأمريكية من قبل وكالة الحد من التهديدات الدفاعية ” دترا” كجزء من برنامج عسكري بقيمة 2.1 مليار دولار، وبرنامج التعاون البيولوجي، وتقع في دول الاتحاد السوفييتي السابق مثل جورجيا وأوكرانيا. ويعتبر مركز” لوغار” الشهير المختبر البيولوجي للبنتاغون في جورجيا، ويقع على بعد 17 كيلومتراً فقط من القاعدة الجوية العسكرية الأمريكية في فازياني بالعاصمة تبليسي. يتم التعاقد على البرنامج العسكري مع علماء الأحياء من وحدة البحوث الطبية بالجيش الأمريكي في جورجيا بالإضافة إلى متعاقدين من القطاع الخاص. يمكن الوصول إلى مختبر المستوى 3 من السلامة الحيوية فقط لمواطني الولايات المتحدة الذين لديهم تصاريح أمنية، وهم يتمتعون بالحصانة الدبلوماسية بموجب اتفاقية التعاون الدفاعي بين الولايات المتحدة وجورجيا لعام 2002.

تم نشر الجيش الأمريكي في قاعدة فازياني الجوية، على بعد 17 كيلومتراً من المختبر البيولوجي للبنتاغون في مركز لوغار. تمنح الاتفاقية الأمريكية الجورجية وضعاً دبلوماسياً للأفراد العسكريين والمدنيين الأمريكيين (بما في ذلك المركبات الدبلوماسية)، الذين يعملون في برنامج البنتاغون في جورجيا. توضح المعلومات التي تم الحصول عليها من سجل العقود الفيدرالي الأمريكي بعض الأنشطة العسكرية لمركز لوغار بما في ذلك البحث في العوامل الحيوية (الجمرة الخبيثة والتولاريميا وهو مرض معد نادر ويُعرف أيضاً باسم حمى الأرانب ) والأمراض الفيروسية (مثل حمى القرم والكونغو النزفية) وجمع العينات البيولوجية للتجارب المستقبلية.

عوامل بيولوجية تحت غطاء دبلوماسي

أسندت وكالة الحد من التهديدات الدفاعية ” دترا” الكثير من العمل في إطار البرنامج العسكري إلى شركات خاصة، التي لا تخضع للمساءلة أمام الكونغرس، والتي يمكنها العمل بحرية أكبر والتحايل على سيادة القانون. كما يتمتع الموظفون المدنيون الأمريكيون الذين يؤدون عملهم في مركز لوغار بالحصانة الدبلوماسية، على الرغم من أنهم ليسوا دبلوماسيين. لذلك، يمكن للشركات الخاصة أداء العمل، تحت غطاء دبلوماسي لحكومة الولايات المتحدة دون أن تكون تحت السيطرة المباشرة للدولة المضيفة، وفي هذه الحالة، جمهورية جورجيا، وغالباً ما تستخدم وكالة المخابرات المركزية هذه الممارسة لتغطية عملائها.

تعمل ثلاث شركات أمريكية خاصة في المختبر الحيوي الأمريكي في تبليسي، وهي شركة “سي إتش تو إم هل” و ” باتيل”  وشركة “ميتابيوتا” المقاول في إطار المشروع الفيدرالي لوزارة الدفاع الأمريكية في جورجيا. فازت شركة ” سي إتش تو إم هل” بمبلغ 341.5 مليون دولار في عقود وكالة ” دترا” بموجب برنامج البنتاغون للمختبرات البيولوجية في جورجيا وأوغندا وتنزانيا والعراق وأفغانستان وجنوب شرق آسيا. و يخصص نصف هذا المبلغ (161.1 مليون دولار) لمركز “لوغار” في إطار العقد الجورجي. ووفقاً لشركة ” سي إتش تو إم هل”  ، حصلت الشركة الأمريكية على عوامل بيولوجية ووظفت علماء حرب بيولوجييين سابقين في مركز “لوغار”، يعملون لدى شركة أمريكية أخرى تشارك في البرنامج العسكري في جورجيا  مثل “معهد باتيل” . و “معهد باتيل” بصفته متعاقداً بقيمة 59 مليون دولار في مركز “لوغار” ، لديه خبرة واسعة في أبحاث العوامل الحيوية، حيث عملت الشركة سابقاً في برنامج الأسلحة البيولوجية الأمريكي بموجب 11 عقداً من عقود الجيش الأمريكي في السابق (1952-1966). وتقوم شركة “باتيل” الخاصة بالعمل في مختبرات ” دترا” البيولوجية التابعة للبنتاغون في أفغانستان وأرمينيا وجورجيا وأوغندا وتنزانيا والعراق وأفغانستان وفيتنام. وتجري “باتيل” البحث والتطوير والاختبار والتقييم باستخدام مواد كيميائية شديدة السمية وعوامل بيولوجية شديدة الإمراض لمجموعة واسعة من الوكالات الحكومية الأمريكية. حيث فازت بعقود فيدرالية تبلغ قيمتها الإجمالية حوالي 2 مليار دولار، وتحتل المرتبة 23 في قائمة أفضل 100 مقاول للحكومة الأمريكية.

قام مشروع “كلير فيجن” (1997 و 2000) ، وهو تحقيق مشترك بين وكالة المخابرات المركزية ومعهد “باتيل”، بموجب عقد منحته الوكالة، بإعادة بناء واختبار قنبلة الجمرة الخبيثة من الحقبة السوفيتية لاختبار خصائص توزيعها. وكان الهدف المعلن للمشروع هو تقييم خصائص انتشار العوامل الحيوية من القنابل الصغيرة. تم إخفاء عملية وكالة المخابرات المركزية –باتيل السرية- من بيان اتفاقية الأسلحة البيولوجية الأمريكية المقدمة إلى الأمم المتحدة.

 تجارب سرية للغاية

قامن شركة “باتيل بتشغيل” مختبر المركز الوطني لتحليل الدفاع البيولوجي والإجراءات المضادة” في فورت ديتريك بولاية ماريلاند بموجب عقد وزارة الأمن الداخلي الأمريكية على مدار العقد الماضي. وحصلت الشركة على عقد اتحادي بقيمة 344.4 مليون دولار (2006 – 2016) وعقد آخر بقيمة 17.3 مليون دولار (2015-2026) من وزارة الأمن الوطني.وقد  تم تصنيف المركز الوطني لتحليل الدفاع البيولوجي والإجراءات المضادة على أنه منشأة فائقة السرية في الولايات المتحدة.

إلى جانب التجارب العسكرية في مركز “لوغار” في جورجيا، أنتجت “باتيل” بالفعل عوامل الإرهاب البيولوجي في مختبر المركز الوطني لتحليل الدفاع البيولوجي والإجراءات المضادة. فيما فازت شركة “ميتابيوتا” ومقرها الولايات المتحدة بعقود فيدرالية بقيمة 18.4 مليون دولار بموجب برنامج البنتاغون “دترا” في جورجيا وأوكرانيا لخدمات الاستشارات العلمية والتقنية. تشمل خدمات شركة “ميتابيوتا” البحث الميداني العالمي للتهديدات البيولوجية واكتشاف العوامل الممرضة والاستجابة للأوبئة والتجارب السريرية. كما تم التعاقد مع “ميتابيوتا” من قبل البنتاغون للقيام بعمل لصالح وكالة “دترا” قبل وأثناء أزمة الإيبولا في غرب إفريقيا وحصلت على 3.1 مليون دولار (2012-2015) للعمل في سيراليون، بؤرة تفشي فيروس إيبولا. عملت شركة “ميتابيوتا” في مشروع البنتاغون في بؤرة أزمة الإيبولا ، حيث توجد ثلاثة مختبرات أمريكية في هذا المجال. وفي 17 تموز 2014 اتهم تقرير صادر عن اتحاد الحمى النزفية الفيروسية شركة “ميتابيوتا” بالفشل في احترام اتفاق قائم بشأن كيفية الإبلاغ عن نتائج الاختبار والتحايل على العلماء السيراليونيين العاملين هناك. كما ناقش التقرير إمكانية قيام شركة “ميتابيوتا” بزراعة خلايا الدم في المختبر، وهو الأمر الذي قال التقرير إنه خطير، بالإضافة إلى التشخيص الخاطئ للمرضى الأصحاء، وقد نفت “ميتابيوتا” كل هذه الادعاءات.