ثقافةصحيفة البعث

المخرجة الجنوب أفريقية تشبيسو فيري: هوليوود لم تعد المثل الأعلى لصناع الأفلام

أتاح المهرجان الدولي السينمائي الأول للمرأة الذي أقيم بالتعاون بين سفارة الفلبين والنادي الدبلوماسي السوري ووزارة الثقافة-المؤسسة العامة للسينما والذي انتهت فعالياته مؤخراً تحت شعار “المرأة تصنع التغيير” من خلال ورشة العمل “صناعة الأفلام” التي أقيمت تحت إدارة المخرجة تشبيسو فيري من دولة جنوب افريقيا مع مجموعة من طلبة المعهد العالي للسينما والمهتمين بالفن السينمائي فرصة التعرف على تجربة فيري كمخرجة وصاحبة شركة إنتاج، وعلى واقع السينما في جنوب إفريقيا.

إنجاز الكثير بالقليل من المال

وعبّرت فيري في بداية حديثها للطلاب عن سعادتها بوجودها في سورية، شاكرة الذين حضروا الورشة، مبينة لهم أن وجودهم يعبّر عن تصميمهم على النجاح في مجال السينما الذي اختاروه لمستقبلهم، مؤكدة أن العمل في صناعة الأفلام لا يمكن أن يتم دون شغف ومحبة لهذا النوع من الفن، مشيرة إلى رغبتها في أن تشارك الطلّاب تجربتها إلى أنها منذ عامين وأثناء جائحة كورونا أقدمتْ على تقديم النسخة الأفريقية للمسلسل الشهير Ugly Bettyالمقتبس عن مسلسل كولومبي حيثُ قامت بتصوير 51 حلقة منه، وهي اليوم تعمل على الموسم الثاني منه، مؤكدة أن هذا المشروع بالنسبة لها كان بمثابة الحلم لأنها شاهدته بنسخته الأميركية في صغرها، وأنها عندما قررت العمل على تقديم نسخة افريقية منه كان من الصعب إيجاد تمويل لهكذا عمل لكنها وفقت في نهاية المطاف في الحصول على تمويل من هيئة البث الحكومية في جنوب إفريقيا مقابل مبلغ صغير كما نجحت في الحصول على موافقة إحدى الشركات الشهيرة للاستثمار في هذا العمل، وقامتْ وزارة الصناعة في جنوب إفريقيا بمنح الشركة إعفاء من الضرائب بنسبة 50% لإنجازه، مشيرة كذلك إلى مشروع آخر “أتلانتس” عملت عليه لمدة عشر سنوات وكان كاتب العمل مؤمناً أن هذا العمل لن يرى النور لأنه كان يتطلب ميزانية أكبر من التي قامتْ باستخدامها، وقد تم عرضه على شبكة شبيهة بشبكة نتفلكس لبث الأفلام والأعمال السينمائية وحاز على جائزة العرض في جنوب إفريقيا وهي اليوم فخورة بهذا الإنجاز الذي حققته الشركة بميزانية متواضعة وحقق نجاحاً كبيراً، لتؤكد للطلاب أن موضوع النجاح ليس مرتبطاً دوماً بالميزانيات الكبيرة وإنما بالرغبة في إنجاز مشروع ما والإخلاص له: “إنجاز الكثير ممكن بالقليل من المال”.

خطورة ومجازفة

وعن سبب أن بعض أعمالهم مقتبسة عن أعمال أجنبية أوضحت أن هذه الأعمال العالمية ليستْ حكراً على أحد، فـ”Ugly Betty” أُنجِزت منه نسخ في الصين وروسيا ومصر وبلاد أخرى، مؤكدة أنها قدمت نسخة أفريقية 100% مع إشارتها إلى أن شركتها تقدم أفلاماً ومسلسلات متنوعة تستهدف قطاعات مختلفة من الجمهور، وأن الكثير من محتواها من صميم المجتمع الأفريقي وتعكس واقع جنوب إفريقيا، مؤكدة أن العمل في هذا المجال ينطوي على خطورة ومجازفة ولكنّها حين تُنجز عملاً من الأعمال يكون ضميرها مرتاحاً، منبهة إلى أن الحصول على عائدات جيدة للأفلام التي تقوم بإنجازها هي أو سواها يتطلب التسويق والترويج بأفضل طريقة ممكنة، مشيرة إلى أنه وفي 27 نيسان وهو اليوم الذي يُصادف يوم الحرية في جنوب إفريقيا سوف يتم عرض أحد أعمالها عن هذه المناسبة وهو أول فيلم استثمرت فيه نتفلكس في القارة الإفريقية لتؤكد لمّحبي صناعة الأفلام أنه مهما كانت ميزانية العمل متواضعة يمكن إنجاز أعمال ناجحة.

أعمال شهيرة

وبينت فيري في حديثها للطلاب أن شركتها في العام 2018 لم يكن لديها سوى مشاريع على الورق في غياب التمويل الكافي، وكانت تُقدّم جزءاً من الأجر للكتّاب ليكتبوا جزءاً من النص، وحين يتم اعتماد نصوصهم يتم الاتّفاق معهم بإعطائهم نسبة من عائدات الفيلم حين عرضه، وهي بشكل عام تطلب دائماً من الكتّاب مرافقتها في عملية صنع الفيلم لأن لهم مصلحة في المُنتج النهائي، مبينة أن في الشركة منصباً اسمه المنتج المطوّر يقوم بتلقي الأفكار من الكتّاب ويعمل على تطويرها لتصبح ملائمة للشاشة ومن ثم يتم تقديم نص الفيلم للجهات المُستعدّة لتمويله، مشيرة إلى أن شركتها تتعامل مع منتجين من بلاد أخرى مثل ساحل العاج ونيجيريا وقد أنجزت أعمالاً شهيرة بالتعاون معهم.

رواج كبير

وفي ظل الحصار والعقوبات المفروضة على سورية اقترحتْ فيري على صنّاع الأفلام فيها التوجه إلى الأسواق في إفريقيا وآسيا، منوّهة إلى أنهم في القارة الإفريقية مثلاً لم يعودوا ينظرون إلى هوليوود على أنها المثال الأعلى، وأن الأفلام السينمائية في جنوب إفريقيا لها رواج كبير في أميركا اللاتينية والبرازيل تحديداً، كما تُشجّعهم على العمل مع الجانب الجنوب إفريقي حيث تُقدّم الحكومة هناك إعفاءات ضريبية تصل إلى 50% للأعمال التي تقام بالشراكة مع طرف جنوب إفريقي.

الثقافة الدبلوماسية

كما تحدّثت القائم بأعمال جمهورية الفيلبين في سورية السيدة فيدا ثريا فيرزوساعن السينما في الفلبين وبيّنت أن جزءاً من الثقافة الدبلوماسية يقوم على إنتاج وتصدير بعض الأفلام إلى دول الشرق الأوسط والدول الإفريقية من أجل تعزيز العلاقات الدبلوماسية بين الدول، مبيّنة أن السفارات لها دور مهم في بيع الأفلام وكذلك الاتفاقيات التي تُعقد بين الدول كالاتفاقية التي بين سورية والفلبين والتي نظمت هذا المهرجان وإن الدبلوماسية الثقافية تتضمن التعاون وتبادل المعرفة والخبرات بين الدول التي تستطيع في بعض الأزمات اليوم أن تتجاوز كل العقبات كاللجوء إلى صناعة الأفلام الرقمية ومنصات التواصل الاجتماعي، فمن خلال ذلك يتم كسر جميع الحواجز، وهذا يعني برأيها أنه ورغم العقوبات الاقتصادية والحصار على سورية يمكن المضي قدماً في صناعة الأفلام فيها.

فرصة ثمينة

وأشارت ريما عطية نائب رئيس إدارة مجلس النادي الدبلوماسي في سورية في تصريحها لـ “البعث” إلى حرص المهرجان الدولي السينمائي للمرأة على وجود ورشة عمل لمخرجة أتت خصيصاً من جنوب أفريقيا لتُقدّم لطلّاب المعهد العالي للسينما فكرة عن كيفية صناعة الأفلام في بلدها وكذلك لخلق حوار بينها وبين هؤلاء الطلّاب الذين يؤسسون طريقهم في مجال السينما في سورية للاستفادة من خبرات وتجارب الآخرين، في حين بيّن أ.حسن م يوسف الذي حضر الورشة مع طلابه في المعهد العالي للسينما أن مثل هذه الورشات مهم جداً لأنها تحقق احتكاكاً مباشراً بين المبدعين والطلّاب وقد كانت فرصة ثمينة للاطّلاع على صناعة الأفلام في جنوب أفريقيا من خلال فيري التي تحدّثت عن تجربتها في هذا المجال، أما قتيبة الخوص وهو أحد طلّاب المعهد العالي للسينما فقد أكد حرصه على المشاركة في هذه الورشة لأن أي ورشة تفيده كطالب وتفسح له المجال للاطّلاع على تجارب الآخرين في السينما، خاصّةً وأن تجربة جنوب أفريقيا تشبه تجربتنا حيث عانت من الاستعمار لسنوات طويلة وعاشتْ ظروفاً صعبة على مدار سنوات.

أمينة عباس