مجلة البعث الأسبوعية

مع اقتراب انتخابات اتحاد الكرة …. إعادة الهيكلية وتطوير اللوائح الانضباطية والاحتراف ودعم الحكام مطالب تستحق التنفيذ!

البعث الأسبوعية -ناصر النجار

من المؤكد أننا مقبلون على انتخابات كروية ساخنة ستقام نهاية الشهر الحالي، والأسماء المرشحة سواء لمنصب الرئيس ونائبه أو لمنصب العضوية باتت معروفة، وبالتالي يمكننا القياس على ما ستؤول إليه كرتنا في المستقبل القريب.

أغلب الأسماء سبق لها أن عملت في اتحادات سابقة ومعروف عملها ونتاجها ومدى قدرتها على الاضطلاع بالمسؤوليات الجسام المنوط بها، فالبعض يدعي أنه لم يمنح الفرص الكافية ليقدم ما لديه من فكر ومعرفة وثقافة وخصوصاً أن من تولى الرئاسة كان منفرداً بالقرار دون الرجوع للأعضاء، وهذا الكلام غير مقبول لأن من تم تهميشه بالعمل كان من المفروض عليه أن يعترض أو أن يستقيل.

وكما نعرف خلال العقود الماضية أن أغلب من تولى مراكز في قيادة كرة القدم كان يهدف للفائدة الشخصية وقليل منهم أفاد كرة القدم، والفوائد هنا متعددة منها معنوية ومنها على سبيل الشهرة ومنها في المال.

والجميع عندما يكونون خارج الاتحاد يتحدثون عن رعونة القائمين على العمل أو إنهم يتحدثون عن أفكار تطويرية ومشاريع مستقبلية، وعندما يدخلون قبة الفيحاء ترى كلامهم قد طار في الهواء.

القضية كما يتحدث بها البعض أنها ليست سهلة، فالاتحاد لا يملك حرية التفرد بالقرار وهناك مرجعيات يجب أن يعود إليها في أي قرار وفي طليعتها الاتحاد الرياضي العام، لذلك فإن الاتحاد القادم (كما يقولون) إن أراد النجاح عليه أولاً أن يعمل بتناغم مع الاتحاد الرياضي وأن يقنعهم بكل أفكاره ومشاريعه التطويرية.

أيضاً العمل مرتبط بالقوانين والأنظمة السارية وسبق أن تحدث البعض عن عراقيل كثيرة يمكن تسهيلها إن اجتهد المسؤولون الرياضيون وعملوا على حل كل ما يقف بوجه التطور الرياضي الكروي.

إصلاحات داخلية

الجهد الأكبر المفترض أن يبذله الاتحاد الجديد هو إصلاح هيكلية الاتحاد والعمل على إصلاح اللوائح وما فيها من نقص ومواد باتت لا تلبي التطورات الكروية والاحتراف الواقع في كرتنا، وكما مر علينا في هذا الدوري من مشاكل ومنغصات لم نجد المواد القادرة على ضبط شطط الأندية وخروج البعض عن الروح الرياضية.

واللوائح العقابية وإن كانت قاصرة إلا أننا لم نجد بمقابلها لوائح ثوابية، فالمكافآت غائبة تماماً عن بال الاتحاد، وهذا الأمر مرفوض لأن غياب الحوافز عن المسابقات الرسمية يضعفها ويضعف كرة القدم بحد ذاتها، فكيف لبطل الدوري الذي يصرف أكثر من مليار ليرة سورية في الموسم الواحد تكون مكافأة بطولته خمسة وعشرين مليون ليرة، وهذا المبلغ لا يساوي عقد لاعب أقل من عادي!

وعندما يتحدث البعض في كواليسهم عن البيع والشراء والمجاملات في الدوري فذلك يعود لأن كل الفرق سواسية ولا يستفيد أي فريق من مركزه، فلا يمتاز فريق جاء بمركز الوصيف عن فريق جاء عاشراً، فالبطولة أولاً والأهم ألا يهبط الفريق إلى الدرجة الأدنى.

وهنا نلمس تقصير القائمين على الاتحاد بدعم الأندية، والدعم لا يكون صدقة، لأن للأندية حق على الاتحاد من عمليات الاستثمار سواء بالنقل الإذاعي أو التلفزيوني أو على مواقع التواصل الاجتماعي أو الإعلانات الخاصة بالدوري، وهذه حقوق للأندية ويجب أن تدفع لهم سنوياً.

هذا الأمر فيه غبن للأندية لأنه حقها الكامل فإذا بيعت الحقوق بمليار ليرة (مثلاً) فلا بد من توزيعها على الأندية كاملة، فكيف لنا أن نتصور أن النادي يدفع لاتحاد كرة القدم ضريبة عقوده مع الكوادر واللاعبين ويدفع كل ما يؤمر به من عقوبات وغيرها ولكنه لا يستطيع المطالبة بأدنى حقوقه، وهذا الأمر ضروري لأن نجاح الاتحاد متعلق بنجاح الأندية وكلما تم دعم الأندية لاقت كرتنا النجاح الكامل في الدوري على الأقل، ومن جهة أخرى نجد أن اتحاد كرة القدم لا يمكنه أن يملك الأندية والكرة السورية بالعقوبات، بل يملكها بالتعامل الجيد المبني على العدالة بين الجميع وبدعم الأندية كلها معنوياً ومالياً وفنياً.

حلقة مترابطة

اللوائح الأخرى التي تحتاج إلى تعديل هي لائحة المسابقات وللأسف فإن الأمور فيها ليست على ما يرام، فكرة القدم سلسلة مرتبطة ببعضها بعضاً وأي خلل في أي حلقة من هذه السلسلة سينعكس على الجميع، وهنا نجد البون الشاسع بين دوري الدرجة الممتازة ودوري الدرجة الأولى وبقية الدرجات، وهذا الأمر بحاجة إلى حلول مجدية، فالفرق عندنا تقودها عقلية تؤمن بالمكان أكثر من الفعل، لذلك يفتخر البعض بقوله: فريقنا في الدرجة الأولى، وللأسف لا يملك هذا الفريق أدنى متطلبات الوجود، لذلك من الضروري إعادة النظر بهذه الأفكار، ومن الضروري أن يكون دوري الدرجة الأولى رديفاً للممتازة بعدده وأسلوبه، وفي أدنى الحاجات أن الفريق الصاعد إلى الدرجة الممتازة أن يكون قد لعب بظروف مشابهة كنظام دوري بعدده وعدته، وهنا نجد أن جعل دوري الدرجة الأولى 12 فريقاً يلعب دورياً كاملاً بمجموعة واحدة هو الأنسب والأفضل، ودوماً حجة الكثير من الفرق الإمكانيات المالية، لذلك من الطبيعي من لا يملك الإمكانيات أن ينسحب إلى دوري على مستوى المحافظة الواحدة أو مجموعة المحافظات القريبة، فتطوير كرة القدم في الأندية يجب أن يكون في طليعة الاهتمام.

دوري الدرجة الثانية من الممكن أن يكون مجموعات، تضم المجموعة الواحدة فرق المحافظات القريبة من بعضها، فمجموعة تضم فرق ريف دمشق لأن فرق الريف كثيرة ومجموعة تضم فرق دمشق والسويداء والقنيطرة ودرعا، وهكذا حسب عدد الفرق ومستواها.

وما نقصد من هذه الآلية هي فرز الأندية حسب مستواها وإمكانياتها، ففريق لا يملك إمكانيات كرة القدم وأراد ممارستها فليمارسها حسب إمكانياته.

الاحتراف الشكلي

قانون الاحتراف مهم وضروري لأن الأندية لم تعرف من الاحتراف إلا المال وهذا ما جعل الاحتراف أعوجاً، وبقاء الحال على ما هو عليه يزيد في مأساة أنديتنا وكرتنا على حد سواء، فالقاعدة التي تقول: إن العقد شريعة المتعاقدين صحيحة لكن تحتاج إلى ضوابط ، ومن الأمور السائبة في العقود أنها لا تخضع لميزان، من جهة أخرى فإن كرتنا شاخت واللاعبين العواجيز باتوا أكثر من في الملعب وإذا أحصينا الهدافين في الأندية (على سبيل المثال) لوجدناهم غائبين تماماً، فأفضل هداف في الكرامة والوحدة سجل أربعة أهداف وهذا وحده يدل على سوء الاحتراف وآلية عمل الأندية.

ضبط الاحتراف يكمن بفرض اتحاد كرة القدم على الأندية إشراك عدد معين من اللاعبين الشبان وعدم التعاقد مع أكثر خمسة لاعبين من خارج النادي وعدم السماح بتسجيل أكثر من ثلاثة لاعبين تجاوزوا سن الثلاثين، وفي ذلك ضمان للأندية وللكرة السورية ومنع لهدر المال بلا طائل على محترفين أكل عليهم الزمن وشرب.

مقومات غائبة

قضية التحكيم هي قضية مفصلية ومهمة وتوازي في أهميتها الكثير من الأمور الإدارية والتنظيمية والفنية، وشاهدنا بأم أعيننا ما حدث الموسم الماضي من أخطاء وعثرات منها ما يتحمله الحكم نفسه ومنها ما يتحمله القائمون على التحكيم.

وللأسف لا توجد لدينا إرادة لتطوير المسألة التحكيمية، وهذا الأمر أشرنا إليه أكثر من مرة سابقاً، وكنا نتمنى لو استطاع المعنيون في اتحاد كرة القدم وضع تصور لدعم الحكام ووضع تصورات للارتقاء بمستواهم نحو الأفضل وذلك من خلال دعم الحكام بمعسكرات محلية وخارجية، مع استقدام محاضرين من كبار خبرات التحكيم العربي والآسيوي لتقديم الندوات والمحاضرات وإقامة الدورات التدريبية.

على صعيد التجهيزات فإن حكامنا ينقصهم كل شيء في عالم التحكيم بدءاً من اللباس إلى الصافرة إلى البطاقات الملونة إلى الراية وغيرها، وهذه التجهيزات كلاسيكية قديمة، أما التجهيزات الحديثة فربما الحكام لا يحلمون بها أبداً.

القصة أنه تم الصرف في هذا الموسم على المنتخبات الوطنية بما تضمنه من مشاركات ومعسكرات ومباريات وتجهيزات وسياحة وتسويق أكثر من سبعة ملايين دولار، ولو أن جزءاً بسيطاً من هذه الأموال صرفت على تطوير العملية التحكيمية لوجدنا الحكام بخير، ولوجدنا القرار التحكيمي في تطور وتقدم ولتقلصت مساحة الأخطاء التحكيمية.

للأسف ما زلنا نتحدث عن أجر المباراة وعن أذن السفر، وما دمنا ضمن هذه الدائرة الضيقة فلا يمكن لأي شيء بالرياضة أن يتقدم أو يتطور.

استعادة الكوادر

نتيجة الأحداث الأخيرة التي جرت فإن بعض الحكام الذين نتوسم بهم الخير ابتعدوا أو اعتزلوا، والسبب الشعور بالهزيمة والمكيدة وكيف أن الجميع تخلى عنهم في ساعة العسرة.

وهنا لا يمكننا تقييم هذه الجزئية غير المفهومة في زحمة الأحداث، لكننا نستطيع القول بأن الحكم قد يخطئ لأنه بشر، وخصوصاً أن القرار المتخذ لا يحتاج تفكير بل يعتمد على سرعة البديهة لأن اتخاذ القرار لا يستغرق أكثر من ثوان معدودة، وبغض النظر عن تقييم حالات المباراة فإن الخسارة ليست بنتيجة المباراة أو ما فيها من أخطاء مرتكبة، لأن الخسارة الحقيقية هي خسارة كوادرنا المؤهلة، ونعتقد أن الكثير من الحكام الشباب الموهوبين الذين ينتظر منهم الكثير قد فقدوا الحماس والدافع من أجل المعاناة التي يعيشون بها والعراقيل الكثيرة التي تقف ضدهم.

هذا الذي استعرضناه اليوم هو غيض من فيض فهناك الكثير من القضايا المهمة التي تحتاج إلى إصلاح وعندما يتم إصلاح الوضع الداخلي والإداري والتنظيمي يمكننا البدء بإصلاح الأمور الفنية، ورعاية المنتخبات الوطنية، وتحقيق الريوع الجيدة من الاستثمار الواسع والكبير.