مجلة البعث الأسبوعية

المؤتمر الأول للاستثمار في قطاع الكهرباء والطاقات المتجددة يفتح آفاقاً واعدة

البعث الأسبوعية – بشار محي الدين المحمد

فتح المؤتمر الأول “للاستثمار في قطاع الكهرباء والطاقات المتجددة” باب الأمل على مصرعيه لجهة التوجه للاستثمار الأفضل في السوق السورية كونها واعدة بالنظر إلى وجود مشاريع يجري تنفيذها من قبل شركات وطنية مع إمكانية التواصل مع شركات أخرى لها تجارب ناجحة بهذا المجال.

وزير الكهرباء المهندس غسان الزامل عزز هذا الأمل عندما لفت إلى السعي الجاد للوزارة لجهة تشجيع ودعم الاستثمار في مجال مشاريع توليد الطاقة من قبل القطاع الخاص أو العام أو بالمشاركة بينهما من أجل تأمين حاجة جميع المشتركين من الكهرباء على امتداد الجغرافيا السورية.

خارطة طريق

وأوضح الزامل أن الحكومة وضعت خارطة طريق لخلق بيئة استثمارية طموحة من خلال الاستراتيجيات القصيرة والمتوسطة وطويلة الأجل بشكل يمكّن من جذب واستقطاب المستثمرين الحقيقيين والجديين ومنحهم كل الامتيازات والتسهيلات الممكنة، لافتاً إلى أنه تم تعديل التشريعات الخاصة بنشاط توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة أو الأحفورية بهدف تهيئة البيئة الاستثمارية المناسبة والأرضية الخصبة للقطاع الخاص لإقامة مشروعاته وبيع الكهرباء المنتجة من هذه المشروعات لوزارة الكهرباء بأسعار تشجيعية كما تم إحداث صندوق لدعم الطاقات المتجددة لتذليل العقبات والصعوبات التي تعترض تنفيذ المشاريع الاستثمارية الشمسية والريحية لفتح آفاق جديدة وفضاء رحب للصناعة وتكنولوجيا المعلومات.

واقع بطيء

ولكن مع كل ما ورد في كلام الوزير نلاحظ أن العملية الاستثمارية ما زالت بطيئة والمنغصات تزداد يوماً بعد يوم وكان آخرها الغلاء المرعب الذي حدث في سوق الألواح الشمسية بعد شمولها بتمويل القطع الأجنبي، فلا هي مولت ولا تركت التاجر أو المستورد يمولها بنفسه، وطبعاً هذا الأمر سبب ارتفاعاً في التكاليف وندرتها في الأسواق مما انعكس سلباً على مشاريع الري والزراعة والمنشآت التي كانت تعول على الألواح الشمسية لحل أزماتها في ظل ارتفاع سعر المازوت وندرته، ونتساءل هنا كيف سيتحول المستهلك إلى منتج للطاقة في ظل ما ذكر؟.

أحلاهما مر!

وزارة الكهرباء ورغم تشكيلها لفريق فني للطاقات المتجددة إلا أنها قررت توسيع دائرة الاستثمار ليشمل التوليد التقليدي من قبل المستثمرين من الوقود الإحفوري، فتطوير المحطات الموجودة حالياً يعتبر أولوية كبيرة لتحقيق التنمية المستدامة والنهوض بكافة القطاعات، وذلك وفقاً لحديث معاون وزير الكهرباء الدكتور سنجار طعمة، مشيراً إلى أن تحديات كثيرة تواجه الاستثمار في قطاع الكهرباء أبرزها الحاجة لوجود استثمارات كبرى، بل وبنوك كبرى تمول مثل تلك المشاريع، وكميات من القطع الأجنبي غير متوافرة حالياً، عدا عن غياب التوازن بين كلفة توليد الكهرباء وسعر بيعها الذي بقي مدعوماً وبدرجة كبيرة رغم ما طاله من تعديلات.

سؤال منطقي

كلام معاون الوزير يدعونا للتساؤل من جديد: كيف سيتمكن المستثمر من تحقيق التوازن بين التكاليف والأرباح، فوزارة الكهرباء صرحت أكثر من مرة بأن تكلفة توليد الكيلو الواحد من الكهرباء أكثر من 300 ليرة، وهذا الكلام كان ما قبل الارتفاع العالمي لأسعار النفط، فما هو السعر الذي سيحصل عليه المستثمر للحصول على الربح، وهل يعني هذا أن الاستثمار سيبقى حلماً أم أنه سيتحقق لكن مع سعر خيالي للكيلو واط الساعي؟

لا شك في أن ذلك سيسبب تضخماً في جميع قطاعات الاقتصاد، والسؤال: هل ستكون الوزارة قادرة على التغطية؟!

المحافظة على الشبكة!

أشار طعمة إلى تفاقم مشكلة التقنين التي قد تصل إلى برامج ساعة وصل كل 12 ساعة في معظم المناطق الريفية، وهذا ما ضاعف الطلب على التيار ضمن هذا الزمن القصير إلى خمسة أضعاف، وبالتالي سيسبب ذلك بانهيار الشبكات والبنى التحتية للكهرباء، ولكن بذات الوقت عاد ورفع معاون الوزير شعار الحفاظ على الشبكة!

ونتساءل هنا كيف سيتم الحفاظ على الشبكة إذا كانت وضعت في واقع قد يقودها للانهيار الحتمي، وخاصة أن الوزارة أصبحت تعتمد كابلات الألمنيوم بدلاً من النحاس، وهذا وإن قلل من الكلفة لكنه بذات الوقت سيسرع الأعطال، ويزيد من ضياع التيار الذي نعاني منه أساساً، وعلاوة عن ذلك يشير العديد من الخبراء إلى أن توزع مشاريع التوليد من الطاقات المتجددة غير متوازن بين المحافظات واحتياجاتها مما سيزيد الضغط على محطات التوليد التقليدية.

ثقافة كفاءة الطاقة

وبحسب مدير التخطيط والتعاون الدولي في وزارة الكهرباء الدكتور أدهم بلان أنه يجب تكثيف مشاريع رفع كفاءة الطاقة بغية توفير الفاقد الكبير في الطاقة الكهربائية سواء في القطاعات الصناعية أو حتى المنزلية، أو أية قطاعات أخرى، مع التوجه لإيجاد فرص عمل للشباب ضمن هذا القطاع، مؤكداً وجود تسهيلات بهذا الخصوص، ففي القطاع المنزلي هناك قروض بلا فوائد ضمن صندوق دعم الطاقات المتجددة، وفي القطاع الصناعي هناك إعفاءات وتشجيع على إنتاج وتوطين صناعات الطاقة المتجددة، إضافة لتوجيه الصناعيين للتحول في جزء من احتياجاتهم إلى الطاقات المتجددة لتخفيف العبء على الشبكات إضافة لاعتماد برامج زيادة كفاءة الطاقة.

هنا ثمة سؤال يمكن طرحه: كيف سيتم رفع الكفاءة وتخفيف الفاقد في ظل غياب تكنولوجيا معتمدة منذ عشرات السنين في معظم الدول، مثل إعادة نصف التيار المستهلك من قبل معامل الاسمنت للشبكة عبر التوليد من خلال الاستفادة من حرارة تبريد “الكلنكر” أو تيارات السحب والتسخين، أو غياب ثقافة العزل الحراري واللاصقات الحرارية عن تصميم منازلنا، إذا ما علمنا أن هذه اللاصقات عندما توضع على منزل فإنها تسبب رفع سعره في بلاد أخرى؟!

بيئة استثمارية

فيما يخص التشريعات الناظمة لقطاع الكهرباء يرى الدكتور بسام الدرويش أنها جزء هام من البيئة الاستثمارية سواء في قطاع الكهرباء أو على مستوى القطاع الاستثماري ككل، مشيراً على أهمية تحديث قانون الكهرباء وتقديم تسهيلات الاستثمار، سواء في قطاع التوليد المتجدد أو التقليدي، لافتاً إلى أن المشرع سمح بتصدير الكهرباء إلى دول الجوار، مع منح أسعار تشجيعية للمستثمرين، كما تضمن قانون الاستثمار رقم 18 تسهيلات استثمارية للمستثمر مثل الإعفاء من ضريبة الدخل لمدة عشر سنوات، إضافة للإعفاءات الجمركية.

لكن مع كل ما سبق من تطمينات يبقى السؤال: هل التشريعات لوحدها كافية لجذب المستثمر وهل حققنا البيئة الاستثمارية التي لطالما تحدث عنها المستثمرون؟!.