مجلة البعث الأسبوعية

قرارات جديدة لتحسين واقع البطولة أم ردّ مدروس على بطولة السوبر ليغ.. اليويفا يعدل نظام دوري الأبطال

البعث الأسبوعيّة-سامر الخيّر

تتصدر أخبار كرة القدم عناوين الصحف الرياضية حول العالم وأي تفصيل صغير يصبح موضوع الساعة على مواقع التواصل الاجتماعي، ما يحتم على القائمين عليها دراسة أي خطوة أو تعديل حتى لا ينقلب عليهم، هذا ما حصل تحديداً مع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” عندما أقرّ حزمةً من التعديلات على أقوى مسابقات العالم للأندية، دوري الأبطال، طبعاً أتت خطوته المحسوبة هذه ردّاً صاروخياً على مشروع إقامة دوري “السوبر ليغ” الذي أجهض بالقوة، فما هي هذه التعديلات وما تأثيرها على الكرة الأوروبية؟ وهل هي الضربة القاضية لمشروع السوبر ليغ؟.

تعتبر هذه الإصلاحات الأكثر شمولية منذ عام 1992، عندما انطلقت المسابقة بشكلها الحالي وتحولت إلى أهم بطولة للأندية في العالم منذ ذلك الحين، وتشمل هذه التعديلات زيادة عدد الأندية المشاركة في المسابقة إلى 36 بدلاً من 32 فريقاً، على أن يتم استبدال دور المجموعات بمجموعة واحدة تضم جميع الفرق تلعب عبر أربعة أدوار، وبالتالي سيرتفع عدد المباريات لكل نادٍ إلى 8 مباريات (4 مباريات على أرضه و4 خارج الأرض) في الدور الواحد بدلاً من 6 مباريات حالياً في الدور الأول، وستتأهل الفرق الثمانية الأولى في المجموعة تلقائياً لمرحلة خروج المغلوب، بينما تتنافس الأندية، التي تحتل المركز الـ9 إلى المركز الـ24، في مباريات فاصلة ذهاباً وإياباً، للوصول إلى دور الـ16 من المسابقة، وستقصى الفرق من الـ24 للـ36 من دوري أبطال أوروبا، ولن تتحول للدوري الأوروبي، بينما من ثمن النهائي للنهائي سيبقى الوضع على ما هو عليه.

وستمنح دولة خامسة مقعدا ًإضافياً في البطولة إضافةً إلى إنكلترا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا، وستمنح مقاعد الفرق الـ4 التي ستضاف لدوري أبطال أوروبا إلى 4 مرشحين، المقعد الأول للفريق الذي يحتل المركز الثالث في الدولة الخامسة في تصنيف الـ”يويفا”، أي الدوري الفرنسي في الوقت الحالي.

أما المقعد الثاني فسيحصل عليه بطل الدوري المحلي صاحب أعلى تصنيف، ولكنه ليس من ضمن الفرق المتأهلة مباشرة لدوري أبطال أوروبا، أي من بلدان اسكتلندا ورومانيا وأذربيجان، أما المقعدان الثالث والرابع فسيذهبان للفرق التي لديها أفضل تصنيف في أوروبا ولكنها فشلت في التأهل لدوري أبطال أوروبا بشكل مباشر، مثل مانشستر يونايتد الذي لا يتيح له النظام الحالي المشاركة في المسابقة بسبب فشله في التواجد بين الـ4 الأوائل في الدوري الانكليزي، لكن تصنيفه بحسب نتائجه السابقة يتيح له فرصة المشاركة.

ويأتي هذا البند تحديداً ليحمل وجه التشابه بين تعديلات الـ”يويفا” ونظام دوري السوبر ليغ الذي قيل إنه سيضمن مشاركة 12 فريقاً بشكل دائم في البطولة، وهو ما لاقى اعتراضاً وقتها من قبل الاتحاد الأوروبي.

وتستمر مباريات دوري أبطال أوروبا في منتصف الأسبوع لتتماشى مع الرزنامة المحلية لكل دوري، فيما عدا المباراة النهائية التي تجري لها جدولة منفصلة، وسيُطبق نفس النظام في الدوري الأوروبي، ودوري المؤتمر الأوروبي الذي ستلعب فيه الفرق 6 مباريات في المرحلة الأولى بدلاً من 8.

وإذا قارنا هذه التعديلات بالأفكار التي طرحها القائمون على دوري السوبر، فسنجد أوجه تشابه كبيرة مع تحسينات ستلاقي ردات فعل إيجابية، فمشروع البطولة الجديدة كان يرتكز على زيادة عدد المباريات في المسابقة وربط مشجع كرة القدم الأوروبية بشكل أكبر بالمسابقة الأوروبية الأبرز، وما قام به “يويفا” هو إضافة نحو 100 مباراة زائدة عما كان يحدث في النسخ الاعتيادية للمسابقة من أجل إنهاء الفكرة البراقة لدوري السوبر ليغ، وبينما كان الأخير يرتكز على 12 فريقاً أساسياً وفرق أخرى تأتي عن طريق المداورة، بدا واضحاً أن الاتحاد الأوروبي درس ذلك النموذج الذي يفتقر إلى كثير من العدالة قبل طرحه علانيةً، ويؤمن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” أن تغيير شكل البطولة الأوروبية لنظام الدورة بداية من نصف النهائي وإقامتها في ملعب محايد سيدر المزيد من أرباح البث التلفزيوني والإعلانات التجارية ما يعني جني المزيد من الأموال.

والغريب أن رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم ألكسندر تشيفرين وقبل أيام من إقرار التعديلات قال إنه لم يعد يفكر في تحدي مشروع دوري السوبر، وأن الكرة الأوروبية قد لفظته تماماً، ولكن يبدو أن السلوفيني كان متأكداً من أن ضربته القادمة ستكون الأخيرة تجاه المشروع الذي لا يزال كل من ريال مدريد وبرشلونة ويوفنتوس متشبثين بإقامته.

وإذا أردنا الغوص أكثر في تفاصيل التعديلات بعيدا ًعن مشروع البطولة الحلم لرئيس النادي الملكي بيريز ورفاقه، كل ما أقرّ يأتي لأهداف عدة خصوصاً أنها البطولة الأكثر متابعة سنوياً حول العالم، إذ تسعى يويفا لزيادة أرباحها من تلك البطولة عبر حقوق البث التلفزيوني بالإضافة لعقود الرعاية والإعلانات، فبزيادة عدد المباريات بالدور الأول سيمكن لأندية جديدة الدخول بالبطولة خصوصاً تلك الأندية التي تعيش في دول لم تتوج بالبطولة من قبل ويصعب مشاركتها في ظل وجود نظام تصفيات صعبة، كما ستدعم بشكل كبير الأندية المتوسطة في أوروبا، لكنها ستسبب المزيد من التعب والإصابات في صفوف اللاعبين خصوصاً أنهم يشاركون على الأقل في ثلاث بطولات خلال الموسم هي الدوري والكأس المحليين ودوري الأبطال، وسلفاً تشتكي الفرق من أجنداتها المضغوطة.

وكأي قرار جديد هناك جوانب إيجابية وسلبية، والأيام القادمة ستكشف أيها أكثر وبالتالي نجاحها، فالعديد من المحللين يتنبؤون أن صراعاً سينشأ بين داعمي السوبر ليغ واللاعبين الذين يخشون الإصابات من جانب، واليويفا من جانب آخر، فهل سينجح الاتحاد الأوروبي مجددا ًكما يزعم رئيسه تشيفرين الذي بدا واثقاً أن تعديلاته تتماشى والتطور في “مهنة” كرة القدم، وستكفل 20 عاماً من الاستقرار للكرة الأوروبية؟ أم أن كبار أندية أوروبا سيكون لهم خطوة مضادة؟.