مجلة البعث الأسبوعية

فلورنتنيو بيريز صاحب أنجح خلطة سرية لإدارة أقوى نادٍ في العالم

البعث الأسبوعية-سامر الخيّر

تذيل نادي ريال مدريد الإسباني دراسة لأكثر الأندية إنفاقاً على التعاقدات في السنوات العشر الأخيرة، وتصدر مانشستر يونايتد القائمة التي ضمت 25 نادياً، لتضجّ الصحافة العالمية بتقارير تمجد بقوة رئيس النادي فلورنتينو بيريز حيث عزت كل ما حصده النادي في السنوات الأخيرة وخاصة هذا الموسم إلى نجاعة إدارته وقدرته على التصرف في الأزمات والأوقات الحرجة التي شهدتها الكرة العالمية وليس فقط الأوروبية.

فلا يعتبر فلورنتينو بيريز مجرد رئيس عابر لريال مدريد، فهو واحد من رؤساء الفريق التاريخيين، وربما يكون أفضل رئيس لنادٍ في تاريخ كرة القدم، لقد بنى بيريز نفسه من الصفر، وأعاد ترتيب أوراق البيت الملكي من تحت الصفر، ففي صيف عام 2000، كان البرتغالي لويس فيغو في ذروة حياته المهنية، وكان قائداً لنادي برشلونة، الغريم الأزلي لريال مدريد، ورمزاً للفريق، ورغم ذلك أعلن بيريز أنه إذ أصبح رئيسًا فإنه سيوقع مع لاعب خط الوسط البرتغالي، معتمدا ًعلى صفقة مع وكيل أعمال فيغو، وطلب تأكيدات بأن فيغو سيوافق على هذه الخطوة في حال تفصيل عملية النقل، وإذا خسر بيريز الانتخابات ، فإن اللاعب سيحصل على تعويضات كبيرة ليوافق اللاعب على الشروط، وبمجرد خروج هذا الإعلان حتى اندفع مشجعو الملكي للتصويت لصالحه، وفاز في الانتخابات التي خاضها مع لورينزو سانز، وبعد إعلانه رئيساً وفى بوعده مباشرةً، وكان نادي برشلونة عاجزًا عن التدخل لإيقاف الاتفاق بين الطرفين، فانتقل اللاعب مقابل 50 مليون يورو.

وهنا بدأ العمل الجاد، فهو ورث مشاكل مالية وديوناً فاقت 300 مليون يورو، وكان قادراً على إنقاذ الموقف وانتشال النادي من أزمته، فاتخذ قرارات أثارت الجدل بالأوساط الرياضية الإسبانية، في سعيه لتخليص النادي من ديونه، حيث باع الأراضي التي يمتلكها ريال مدريد في شارع لاكاستيلانا بالقرب من وسط المدينة، بحوالي 500 مليون يورو بعد الحصول عليها من مجلس مدينة مدريد، ونقل بذلك النادي خطوة كبيرة إلى الأمام، فعّل فيها سياسته الجديدة بالاستحواذ على السوق الكروية، حينما تعاقد مع ما يسمى بـ “الغلاكتيكوس” عام 2001– تعني المجرات، في إشارة إلى نجوم كرة القدم ذوي الشهرة العالمية- ليلخص بيريز سياسته بثلاثة مبادئ “الأعمال والمال والسلطة”، ليصبح الرقم الصعب إسبانياً وأوروبياً.

ومع تفشي فايروس كورونا والآثار الاقتصادية التي لحقت بالأندية لمع اسمه مجددا ًكمنقذ لناديه عندما قام بعدة خطوات احترازية أدت إلى تفادي أزمة اقتصادية كبيرة، حيث مدد عقده مع صندوق بروفيدينس الأمريكي حتى 2027، بعد أن كان العقد القديم ينتهي في 2021، ولكن في خطوة ذكية من الرئيس المدريدي اتفق على تمديده، ليتمكن هكذا من جمع أموال الرعاية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي، كما أنه لم يبرم أي صفقات لسوقي انتقالات على التوالي.

وكان بيريز قد ترك رئاسة النادي عام 2006 وتولى المنصب بدلاً عنه رامون كالديرون حتى عام 2009، ليعود  =بدور المنقذ مجدداً بعد فترة متذبذبة شهدها النادي على صعيدي المنافسة الأوروبية والمحلية، ونجح في الانتخابات على الرغم من حملة مضادة لمنعه من الوصول إلى سدة قيادة النادي.

وما بين الفترتين اخلف نهجه في كرة القدم، ففي حين اعتمد على الغلاكتيكوس كما ذكرنا في الفترة الأولى أمثال لويس فيغو وديفيد بيكهام ورونالدو دا ليما وأوين، اتجه في الفترة الثانية إلى إعطاء الشباب دورا ًمهما ًفي مسيرة النادي، وكان ربان هذه المرحلة المدرب الفرنسي زين الدين زيدان الذي ساعد في تصحيح بعض الأمور وعَدَّل اتجاه السفينة لحصد البطولات بالوجوه الشابة أمثال فينيسيوس جونيور ورودريغو وفالفيردي وميندي وميليتاو.

كما أن تتويج الريال بلقبيه هذا العام، والذي لم يكن مفاجئاً جداً كما يعتقد البعض، لوجود العديد من العوامل وراء هذا الإنجاز، فقد نجح بيريز في إضافة اللقب الـ28 للنادي في الدوري المحلي والـ14 في دوري الأبطال، بفضل سياساته التي بدت لوهلة غير محببة للجماهير، حيث رفض فلورنتينو إجراء صفقات قياسية أو عالمية في الموسم الماضي ، كما رفض البحث عن بديل هجومي لأنه يدرك جيدا أنه يمتلك كريم بنزيما الذي أثبت أنه قادر على حمل المسؤولية، وفي الوقت نفسه قرر الاستغناء عن نجمين كبيرين من نجوم دفاع الفريق خلال السنوات الأخيرة، وهما الإسباني سيرخيو راموس والفرنسي رفائيل فاران، كما منح بيريز الاستقرار الفني لريال مدريد من خلال تجديد عقود مجموعة من أهم نجوم الفريق في الموسم المنصرم وعلى رأسهم كريم بنزيما هداف الدوري الإسباني ودوري أبطال أوروبا، وآخر خطوة كانت التعاقد مع الإيطالي المحنك كارلو أنشيلوتي ليكون البديل الأمثل عن زيدان الذي قاد الفريق إلى 11 لقباً في غضون 4 سنوات ونصف، منها 3 بطولات لدوري أبطال أوروبا.

بالعودة إلى الدراسة الإنكليزية، فقد تصدر مانشستر يونايتد لديه أكبر صافي الإنفاق في البطولات الخمس الكبرى في أوروبا في السنوات العشر الماضية، حيث استثمر الشياطين الحمر مبلغاً مذهلاً بلغ 897 مليون جنيه استرليني، ومن بين الصفقات الكبيرة التي قاموا بها في تلك الفترة هي هاري ماغواير، وبول بوغبا وجادون سانشو وروميلو لوكاكو، واحتلّ مانشستر سيتي المركز الثاني في القائمة بصافي إنفاق بلغ 821 مليون جنيه استرليني، أي أقل بنحو 76 مليون جنيه استرليني عن غريمه مان يونايتد، لكن مان سيتي حقق خلال هذه الفترة 14 لقباً كبيراً يتفاخر بها، مقارنة بـ6 ألقاب لمانشستر يونايتد منذ صيف عام 2012، واحتل كل من باريس سان جيرمان الفرنسي وبرشلونة الإسباني المركزين الثالث والرابع على التوالي في القائمة، ومع ذلك، فإن هذا الأخير يدفع ثمن سنوات من الإنفاق المتهور، ويطبق الآن نهجاً متقشفاً في سوق الانتقالات لتعديل وضعيته الاقتصادية، أما الريال فبلغ صافي إنفاقه 149 مليون جنيه استرليني فقط، وهو الفائز بخمس بطولات دوري أبطال أوروبا، و4 بطولات كأس العالم للأندية، و3 كؤوس سوبر أوروبية منذ عام 2012، كما فاز العملاق الإسباني بثلاث ألقاب للدوري الإسباني، ويمكن أن يحقق ريال مدريد المزيد من النجاحات مستقبلاً، دون إنفاق مبالغ ضخمة.