مجلة البعث الأسبوعية

في المؤتمرات الرياضية… الحلول عبر المقترحات المجدية مطلوبة لتصويب العمل الكوادر تبحث عن واقع برؤية جديدة تضمن إنفاقاً أقل ونشاطاً أفضل

البعث الأسبوعية- ناصر النجار

الأخبار الواردة من المكتب التنفيذي تشير إلى ضغط المؤتمرات السنوية لهذا العام، أي إنها ستقام مسلوقة ولن تحقق الهدف الذي من أجله أقرت رغم أنها تعتبر من المواد الأساسية في النظام الداخلي للاتحاد الرياضي العام نظراً لحيويتها وأهميتها في وضع النقاط على الحروف لأنها مكاشفة حقيقية لما تم انجازه والقيام به في موسم سابق، ولأنها بالوقت ذاته تضع خططاً استراتيجية وروزنامة نشاط داخلي وخارجي لموسم قادم.

وسبق لهذه المؤتمرات أن ألغيت قبل موسمين بسبب تداعيات وباء كورونا التي أوقفت النشاط الرياضي ليس في سورية وحدها بل بالعالم أجمع وقد ألغيت بطولات دولية وقارية أو أجلت إلى أوقات أخرى.

بكل الأحوال أكد لنا أحد مسؤولي الرياضة أسباب ضغط الوقت وفضل عدم ذكر اسمه لحساسية الموضوع، والمشكلة عندنا في الرياضة أن كل تصريح له حسابه وقد تكون له إجراءاته وعقوباته المناسبة، فالتصريح الذي له شكل النقد في الشأن الرياضي ممنوع لأننا اعتدنا أن يكون التصريح شكلاً من أشكال حمد القيادة الرياضية والثناء عليها وتمجيدها، أما غير ذلك فهو من المحرمات وصاحبها يلق الآثام والعقوبات.

هذا المسؤول الرياضي الذي يخشى على كرسيه من الاهتزاز إن تم تسريب أقواله، قال في تصريح خاص لـ”البعث الأسبوعية”: لا يوجد أي شيء جديد يمكن مناقشته أو مراجعته، فلم تتغير الأحوال والأوضاع ولم تعالج المشكلات والعثرات التي طرحت في المؤتمرات السابقة، ولم تنفذ أغلب الاتحادات الرياضية روزنامة نشاطها في الموسم الماضي، فأي شيء سيتم مناقشته وتداوله، لذلك كانت الفكرة إما إلغاء المؤتمرات هذه الموسم أو ضغطها لتمر مرور الكرام ولتكون بمنزلة رفع العتب.

مواجهة صعبة

من جهة أخرى من الصعب أن يقف المسؤولون الرياضيون بمواجهة الرياضيين لأنهم عاجزون عن حل أي مشكلة فضلاً عن عدم قدرتهم على الإجابة على أي سؤال يخص تقصير الرياضة بحق الرياضيين، فالحلول غائبة والقدرة على مواجهة المعضلات الرياضية وطلبات الرياضيين معدومة.

وعلى سبيل المثال فإن طلبات الرياضيين في المؤتمرات السابقة كانت ملخصة في تأمين تجهيزات رياضية، فما زال أبطال المصارعة يبحثون عن بساط، وأبطال الملاكمة عن قفازات وأبطال الكاراتيه عن لباس اللعبة وأبطال الريشة عن المضرب والريش، أما بقية الرياضيون المختصون بألعاب الكرات المختلفة فمازالوا ينتظرون الكرة والحذاء.

وإذا فُتح ملف المنشآت فالمشكلة أكبر لعدم توافر الكثير من الملاعب والصالات الصالحة لإقامة التمارين والمباريات والبطولات، والإجابة عنها ستكون عبر تقاذف المسؤوليات مع الوعود بحل هذه المعضلة والوعد سيكون نسخة مكررة عن الوعود السابقة لأن شيئاً على هذا الصعيد لم يتغير منذ سنوات ولن يتغير في القريب العاجل.

هذه من أبسط الطلبات التي استنهض بها الرياضيون همم قيادتهم الرياضية على مختلف المستويات والصفات والمراكز في المؤتمرات السنوية التي عقدت في الموسم الماضي وهذه الطلبات صدرت عن كل المؤتمرات سواء في اللجان الفنية أو الأندية أو الاتحادات وهي حق مكتسب لكل رياضي عضو في الأسرة الرياضية وليس لأحد منية أو فضل على الرياضة عندما يقوم بواجبه ويقدم كل ما تحتاجه الرياضة من المستلزمات الرياضة وتجهيزاتها للاعبين والكوادر والفرق والمنتخبات.

خارج موضوع التجهيزات وهي مشكلة لا نراها إلا في رياضتنا لأنها لا تعتبر مشكلة عند غيرنا لأنها من الضروريات ودونها لا تقوم للرياضة أي مقام، خارج هذا الأمر فإن الشأن المالي ما زال عسيراً، فالتعويضات الشهرية وأذن السفر وما شابه ذلك ما زال مكانك راوح، ورغم ارتفاع الأسعار يشكل جنوني إلا أن الأمور المالية في الرياضة تسير نحو الوراء ولا تلبي الحاجات والمتطلبات، وهذا ماساهم بشكل مباشر بتقليص النشاط الرياضي إلى أدنى الدرجات بل إن الكثير من الألعاب الرياضية اختفت هذا الموسم ولم نسمع لها نشاطاً يمكن أن يؤخذ بالحسبان، والأسوأ من ذلك أن رياضتنا بدأت تتحول  إلى رياضة مهرجانات بعيداً عن أي تنافس رياضي حقيقي لأن هذه المهرجانات تفتقد إلى آلية المنافسة وشروطها وأركانها ومن هذه المهرجانات مهرجان في التايكونداو بنادي المحافظة غايته الاستعراض ومهرجانات للإيروبيك والزومبا، إضافة لبعض البطولات التي لا تسمن ولا تغني من جوع وتقام على مبدأ أنا موجود.

نشاطات غير موجودة

وإذا حاولنا استعراض الألعاب الرياضية وما قامت به من نشاط في كل الموسم الذي انقضى لوجدنا أن العديد من الألعاب الرياضية أغلقت أبوابها كألعاب البلياردو والسنوكر دون نشاطات داخلية، وهذه اللعبة نجدها مزدهرة في كل مكان من حولنا، في المقاهي وحتى الأندية عبر المستثمرين إلا عند اتحاد اللعبة فهي غير موجودة لأنه أماتها، ويعتمد في نشاطه على عدد قليل جداً من اللاعبين الذين  باتوا محفوظين عن ظهر قلب منهم لاعبين أو ثلاثة مختصين بالبطولات الخارجية إن شارك بها وإن توافرت أسباب المشاركة من معسكرات وتجهيزات وأموال، مع العلم أن كل هذه الأمور العسيرة تحضر دون منغصات عند مشاركة المسؤولين في الرياضة والاتحادات الرياضية لحضور المؤتمرات والبطولات والندوات والاجتماعات الخارجية، لذلك فإننا نجد رؤساء الاتحادات جاهزون لكل هذه المشاركات ويتم تأمين كل نفقات السفر ومصروف الجيب وبدل الاغتراب أيضاً وتذكرة سفر سياحة، فالتواجد في هذه المحافل الخارجية ضروري جداً أما التواجد كرياضة أو نشاط تنافسي فهو غير مهم على الإطلاق.

ومن الألعاب التي لم نعد نسمع بها الرماية والقوس والنشاب والريشة الطائرة، والأخيرة اقتصر نشاطها على  معسكر إعدادي للمنتخب الوطني للصغار، أما ما يخص النشاطات والبطولات فهو أمر خارج اهتمام الاتحاد، وبفضل تكاسل اتحاد اللعبة واعتمادها على المدعومين فقط من كوادرها فقد تقلصت اللعبة كثيراً ولم يعد لها وجود على ساحة النشاطات، وهناك الكثير من المحافظات والأندية التي كانت رياضة الريشة الطائرة في المقام الأول عندها، صارت خارج كل الحسابات، ولنقل بكل صراحة فإن الممارسين لهذه اللعبة اليوم لا يعادل بعددهم ومستواهم فريقاً واحداً مما كان في الأمس القريب.

ونسأل أيضاً: ما أخبار كرة المضرب والجمباز والسباحة والترياتلون وألعاب القوى؟.

وبعيداً عن معن أسعد البطل الاستثنائي نتساءل: كيف تسير الأمور في رفع الأثقال؟ ولماذا غاب معن عن بطولة آسيا وهي من أهم البطولات المفترض أن يشارك فيها؟ وهل تخلفه عن هذه البطولة كرمى عيون بطولة العرب أو غرب آسيا أمر يمكن تقبله؟وهل هذا التفاضل بين البطولات هذه يدل على الحكمة في التصرف وحسن الإدارة؟

نحو الهاوية

بالمحصلة العامة رياضتنا نحو الهاوية وبات يخشى من توقف مسيرتها لأسباب لم تعد خافية على أحد، ومع غياب العديد من الألعاب وتلاشيها وتقليص النشاطات الرياضية وبطولاتها نسأل: كيف ستتطور الرياضة، وهل يمكن بهكذا إجراءات أن تحافظ على مكانتها الخارجية؟.

الأندية في رياضتنا باتت مجرد أرقام وأعداد، لكن من يدخل في العمق لا يجد الأثر الايجابي للكثير من هذه الأندية، وربما نضرب المثل برياضة ريف دمشق التي اختفت تماماً ونسأل عن أسباب غيابها ونسأل أيضاً عن الألعاب الممارسة في سبعين نادياً أو أكثر وعن نشاطات هذه الأندية؟ ومثلها أندية طرطوس التي لا نسمع عنها خبراً، والحبل على الجرار ليشمل بقية المحافظات أيضاً.

ولو اتجهنا إلى كرة القدم الممولة ذاتياً ومن مساعدات الاتحاد الدولي نجد أنها متهالكة، والكثير من أنديتها الكبيرة في الموسم الذي انقضى انسحبت من دوري الفئات، وبدأت عدوى الانسحاب هذا الموسم تسري في العديد من البطولات كانسحاب الشعلة والضمير وغيرها الكثير من أندية الدرجة الأولى التي تلعب في الظل على مستوى المحافظات، وعذر هذه الأندية أنها لا تملك القدرة على الإنفاق على أربعة فرق (رجال وشباب وناشئين وأشبال) وفي كرة السلة الوضع متشابه، وهاتان اللعبتان قائمتان على عدد محدود جداً من الأندية.

في الكرة الطائرة الأندية التي تمارس اللعبة عددها قليل جداً ونشاطها أقل وهو عبارة عن بطولة لأيام قليلة وكفى، وكرة اليد التي تعاني من مشاكل لا تنتهي ليست بأفضل حال، وكل محاولات الإنقاذ التي يقوم بها أبناء اللعبة تبوء بالفشل لأن هذا الاتحاد بالأصل منقسم على بعضه وغير متفق على أي شيء.

ورغم أن البطولات في ألعاب القوة قليلة وتبعاً للظروف إلا هذه البطولات غارقة في الشبهات لكثرة الاعتراضات وللشكوى من هنا وهناك وكأنها ساحة لتصفية الحسابات بين أبناء اللعبة الواحدة.

وما حدث ببطولة الملاكمة الأخيرة أمر يندى له الجبين، والمشاركة القليلة ببطولات المصارعة توصف الحالة الراهنة للرياضة فالرياضيون لم تعد لديهم القدرة على الإنفاق والتنقل والسفر بغياب الدعم المالي والفني واللوجستي، وهذا ما شاهدناه في الكثير من البطولات التي أقيمت بعدد قليل من المشاركين الذين لم يمثلوا إلا نصف المحافظات أو أقل.

أما هذا الواقع الضبابي الذي تعيش به الرياضة فإن الأمل أن تطرح المؤتمرات الرياضية الحلول المجدية للنهوض من جديد وأن تعمل المقترحات على تصويب العمل الرياضي والتعايش مع الواقع برؤية جديدة تضمن إنفاقاً أقل ونشاطاً أكثر وأفضل.