ثقافةصحيفة البعث

“مبدعون من أجل وطن” تشارك بأيام الثقافة السورية

ملده شويكاني

السيفُ الدمشقي أحد معالم دمشق الخالدة، كان حاضراً في الاحتفاء بأيام الثقافة “تراث وإبداع” بالفعالية التي أقامتها مؤسّسة “مبدعون من أجل وطن” بالتعاون مع مديرية ثقافة دمشق في مركز ثقافي (كفر سوسة)، وقد دمجت بين الشعر وأنماط متنوّعة من الموسيقا والغناء والرقص، واتكأت في جانب كبير منها على التراث بالأهازيج والرقصات والمشاهد المسرحية الصغيرة لتفاصيل دمشق بالزيّ الدمشقي وبيوتها وأسواقها، وتغنّت بسمات دمشق بالياسمين والورد الجوريّ، كلّ هذه المحاور استمدت من الانتماء إلى الوطن والتمسّك بثقافته وهويته، وفي جانب آخر أكدت على التآخي بين القدس ودمشق.

وتنوّعت فقرات الشعر، فحيا كلّ شاعر الثقافة من رؤيته الخاصة، إذ بدأ الشاعر جمال المصري بقوله: كلّ عام وأنتم بثقافة متجدّدة تنفي التعصب وتهتمّ بالإنسان وجوهره، وقرأ قصيدة “سامحيني يا حمامة” تغنّى بها بالشام وتطرق إلى الحرب بدمج بين الذات والمحيط، وبين سورية وفلسطين.

القصة الشعرية

أما الشاعر رضوان قاسم الملتزم بالهمّ الفلسطيني فقد حيا الثقافة بالتوحد بين دمشق والقدس:

أنا من بصدر جميع القصائد

دمشقتُ قدساً وقدستُ شاما

متمسكاً بالليمون وبحة الناي والبرتقال الحزين الذي لوّن الخيام في شعره، لتتكامل مع مفردات القتل والتدمير والسلاح:

لكننا في الوقت الضائع

نتذكر أحزان الطرقات

متوقفاً عند قصيدة “الظلال” التي كتبها بعد تدمير المخيم موظّفاً القصة الشعرية بجمالية سرد الأحداث، ابتداء من الطابق الثاني من الشرفة، من النافذة، من خلف الستائر، حكاية عاشقة، وجدت نفسها في برلين:

يلتقيان ببرلين

ويطالبان بلمّ شمل الذكريات

ثقافة الفرح

في حين حيّت الشاعرة جدعة أبو فخر الثقافة بتبني الفرح ونشر ثقافته، رغم كلّ الأوضاع الصعبة التي نعيشها “الفرح أن ترتق عين البؤس بإبرة”..

وقرأت قصيدة تمجّد بالشام وبردى وقاسيون “قالوا الشام: فقلتُ: طابت مسكنا”

وتابعت عن الحب ولاسيما أنها خصّت عشتار وتموز بقصائدها:

على خيوط الفجر هذا مولدي

وقيامة الحب الشغوف ينادي

 روح القصيدة

وتابع الشاعر د. أسامة حمود، فحيا الثقافة بروح القصيدة، وتأتي ضمن مساره الشعري بإتقان الشكل العمودي، واستخدام المفردات الأصيلة:

ضوء على سفح السما يتربع

والتاج بالحرف المهيب مرصّع

والنور غيث هاطل ملء الرؤى

وقصيدة في دوحة تترعرع

التجذر بالوطن

وأنهى فقرات الشعر الشاعر غدير إسماعيل بقصائد مستمدة من روح المقاومة ومتمسكة بالانتماء:

“لو كنتُ أعلم يا بلادي

أنني أسقيك من عمري

إذاً لشربتُ منك

إلى ثمالة أحرفي”..

كمال سكيكر والعود

كما توزّعت الفقرات الموسيقية والغنائية والراقصة للشباب من المسرح المدرسي والجامعي على مدى الفعالية، فبدأت فرقة التخت الشرقي المؤلفة من الناي والقانون والكمان والرق بقيادة المايسترو كمال سكيكر وبمشاركته بالعزف على العود أيضاً بتقديم مجموعة أغنيات لفيروز، ومن التراث أغنية “خفيف الروح” لسيد درويش سُبقت بتقاسيم العود، وأغنية “لما غرامك” ثم وصلة من التراث، بتناوب الغناء الإفرادي لشام أبو رسلان وميس سليمان وزياد آمونة.

وكان للموسيقا الآلية دور، فعزفت الفرقة لونغا لرياض السنباطي بشكل رائع رغم قلة الآلات، وأخذ العود الدور الأكبر.

الصوت الطربي

ومن حلب شاركت عازفة العود رود أبو عابد بالعزف والغناء بصوتها الطربي وتدرجات مقامات صوتها، متميزة بامتدادات صوتية بدرجة مرتفعة بالموال، وقدمت وصلة من التراث “فوق النخل، وعلى العقيق اجتمعنا، وهيمتني.. وغيرها”.

التراث الدمشقي

وشغلت فرقة ميرال للفنون الشعبية للراقصات والراقصين الشباب الحيّز الأكبر بالرقصات والمشاهد المسرحية الصغيرة المتكئة على التراث، فمن مشهد الفارس الذي يبحث عن السيف الدمشقي، إلى لوحات راقصة على وقع الأهازيج الشعبية “ياسمين الشام على خدك”، ثم تتالت المشاهد المستمدة من روح دمشق من المقهى والحكواتي ولوحة كركوز وعواظ، إلى سوق الحمدية وعرض قماش البروكار والزيّ الدمشقي، ثم دبكات على وصلة شعبية، كما جسّدت المشاهد جلسات الذكر من تراثنا الديني.

بانوراما الورد

الوصلة الثانية عكست جمال الورد الذي تتميّز به دمشق، فقدمت الفرقة وصلة راقصة على إيقاعات أغنيات الورد من التراث السوري والمصري بتوليفة جميلة جداً، ودمجت الرقصات بين حركات الرقص الشرقي والشعبي والدبكات، فمن “لازرعلك بستان ورود” إلى ميكس من أغنيات الورد “يابتاع الورد، يا بدع الورد، يازهرة في خيالي، يا وردة الحب الصافي”، والرقص على إيقاعات الفالس والتانغو والمزج بينهما في مواضع.

الثقافة الحركية

وفي حديث “البعث” مع مؤسّس فرقة ميرال للفنون الشعبية، ومصمّم الرقصات محمد طرابلسي المدرّس بالمعهد العالي للفنون المسرحية، بيّن أن الفعالية عن أيام الثقافة، والثقافة الحركية إحدى ألوان الثقافة، فركز على الشاميات والياسمين ومن ثم بانوراما الورد التي ارتبطت بأنماط الرقص العالمي مع الشرقي، ونوّه بأن فرقة ميرال مؤلفة من طلاب وطالبات في المعهد العالي وكليات أخرى.