مجلة البعث الأسبوعية

أربعون عاماً.. المعلمة سلوى داخل الغرفة الصفية دون أي إجازة أو استراحة

البعث الأسبوعية- علي حسون

في الوقت الذي يسعى أغلب المدرسين للحصول على عمل إداري وإراحة أنفسهم قررت المعلمة سلوى موسى علي من محافظة طرطوس منطقة صافيتا أن تنهي خدمتها من الغرفة الصفية لتسجل أطول مدة تربوية تعليمية لمدة أربعين عاماً من دون كلل ولا ملل، إذ تؤكد المعلمة سلوى أنها دخلت التدريس عام 1983وفي هذا العام بدأت في إجراءات التقاعد بعد أن أدت رسالتها الإنسانية والعملية والمعرفية، علماً أنه عرض عليها أكثر من عمل إداري وإدارة مدرسة لكنها رفضت كونها ترى أن من واجبها أن تبقى في الغرفة الصفية مع التلاميذ لإعطاء كل ما بحوزتها من علم حسب رأيها.

المعلمة سلوى وفي حديثها الخاص مع “البعث الأسبوعية” أوضحت أنها لم تأخذ أي إجازة إدارية كانت أو صحية خلال مسيرتها التربوية حتى أنها في إحدى السنوات أجرت عمل جراحي لعينها وأصرت أن تذهب في اليوم التالي للمدرسة وهي مغطاة العين من شدة حرصها على عدم ترك التلاميذ من دون معلمة.

المعلمة سلوى تدرجت خلال مسيرتها الوظيفية على كل الصفوف في المرحلة الأولى من الصف الأول إلى السادس وكانت علاقتها مع التلاميذ علاقة أم وأبنائها فهي تراهم وتجلس معهم يومياً أكثر من أفراد أسرتها -حسب كلامها-.

ولفتت المعلمة سلوى إلى أنها لم تبخل على تلاميذها في يوم من الأيام من ناحية تقديم المعلومة والفائدة ولو على حساب وقتها خارج أوقات الدوام الرسمي من دون أي مقابل مادي، مستغربة من تصرف بعض المدرسين والمدرسات باستغلال التلاميذ من خلال الدروس الخصوصية، إضافة إلى ما يسمى دروس متابعة، متسائلة هل هذا مقبول؟ وكيف ترضى المدرسة على نفسها تجزئة المعلومة مابين المدرسة والمنزل كي تستفيد مالياً؟.

وحملت المعلمة سلوى الأهل المسؤولية بالدرجة الأولى من خلال تعويد أبنائهم على هذا النهج الخاطئ وفق رأيها.

المعلمة سلوى لم تكن فقط مربية أجيال في المدرسة بل أنها بنت أسرة متعلمة ومثقفة من خلال أربعة أبناء من حملة الإجازات الجامعية تنوعت منها الطبيب والمحامي والمدرس.

ووجهت المعلمة سلوى نصيحة للمدرسين والمدرسات الجدد ببذل الجهد والإعطاء من القلب واعتبار كل تلميذ أو طالب ابن لهم لاسيما في ظل تطوير المنهاج وضرورة الاعتماد على التحليل واكتساب المهارات والابتعاد عن التلقين والحفظ والعمل على اكتشاف المواهب.

يشار إلى أن وزارة التربية كرمت في مبادرة نوعية من خلال موجهين مختصين في الوزارة المعلمة سلوى كونها مثالاً للمعلمة الملتزمة والتقاها وزير التربية الدكتور دارم طباع وأشاد بعملها  كونها حملت لواء بناء عقول أبناء وطنها، وتنمية مهاراتهم وقدراتهم فضلاً عن التزامها بالعمل داخل الغرفة الصفية، ورفضها أي عمل إداري، فيما شكرت المعلمة المذكورة الوزارة على هذه المبادرة التي لم تأتي من مديرية تربية طرطوس، أملة الدعم الكامل للأطر التعليمية في سورية، وتكريمهم بشكل دائم فهم الحامل الأساسي للعملية التربوية.