صحيفة البعثمحليات

في ندوة العمال.. دعوات لإيجاد حلول للعنف القائم على النوع الاجتماعي

دمشق- لينا عدره

عكست الندوة التي نظمها الاتحاد العام لنقابات العمال حول “العنف القائم على النوع الاجتماعي” مشهداً حقيقياً عن العنف، ولو نسبياً، من خلال إرغام بعض العاملين، على الحضور والبقاء لنهاية الندوة رغم البرد الشديد وانعدام وسائل التدفئة، والتي للمصادفة كانت إحدى محاورها إضاءة على اتفاقية القضاء على العنف والتحرش بالعمل.

واستهل رئيس الاتحاد جمال القادري في كلمته الافتتاحية الحديث بالدعوة للتحرى معاً إذا ما كان لدينا عنف ضد المرأة في سورية، من أجل وضع واستخلاص أهم المقترحات والتوصيات بالتعاون مع السلطة التنفيذية لتجاوز كل ما يمكن تجاوزه، مؤكداً أن سورية قطعت أشواطاً كبيرة في إطار مكافحة ومناهضة التمييز ضد المرأة الذي حرّمته كل الأديان، بما فيها الشريعة الإسلامية على اعتبارها مصدراً أساسياً من مصادر التشريع في سورية، إضافةً إلى كل ما أتى به الدستور السوري باعتباره أبو القانون وما تفرع عنه من قوانين وتشريعات، حرص فيها ألا يكون هناك تمييز ضد المرأة إلا فيما يتعلق بطبيعتها الفيزيولوجية التي تمنعها من القيام ببعض الأعمال، مختتماً كلمته بضرورة التفريق بين أنواع العنف، وخاصة النفسي منه، الذي عانت منه المرأة السورية على وجه الخصوص بسبب الحرب الإرهابية التي فرضها شذاذ الآفاق على بلدنا.

وانطلاقاً مما انتهى منه القادري، لا بد من الإشارة إلى أن مفهوم العنف القائم على النوع الاجتماعي ينطوي على إساءة استخدام القوة، وعلى نوع معيّن من الإرغام كالتهديد والإكراه الذي ينتج عنه ضرر، وخاصة مع انتهاكه للعديد من حقوق الإنسان العالمية التي تحميها الصكوك والاتفاقيات الدولية، وبالتالي فهو لا يقتصر على المرأة فقط، وإنما يشمل كل فئات المجتمع، وهو ما قام البعض فقط من المدعوين للندوة بتسليط الضوء عليه، الذين يمثلون عدة جهات رسمية وأهلية، لتكون ربما أهم النقاط التي تمت الإضاءة عليها والتي تبرز العنف القائم على النوع الاجتماعي ما ذكرته الأستاذة رنا المدني مسؤولة التنظيم في لجنة المرأة بنقابة المحامين في مداخلتها حول تعديل ما تبقى من القوانين التمييزية، ولاسيما قانون الجنسية من خلال إعطاء المرأة السورية الحق بمنح أطفالها من أبٍ غير سوري الجنسية السورية، إضافةً إلى تجريم وتشديد العقوبة بنصوص صريحة على العنف الأسري الواقع على المرأة والطفل وذوي الإعاقة بجميع أشكالها، وخاصة النفسي، وتعديل نص المادة 508 من قانون العقوبات العام الذي يعطي المجرم حق الاستفادة من العذر المخفف إذا عُقد زواج صحيح بين مرتكب جناية الاغتصاب أو الأفعال المنافية للحشمة، وبين المُعتَدى عليها وتوقف وملاحقته، وتعديل نص المادة 489 بحيث يُعاقَب كل من أكره زوجه أو غيره بالعنف أو بالتهديد على الجماع، والتشدد بالعقوبة حتى الإعدام إذا كانت المُعتَدى عليها لم تبلغ بعد سن الخامسة عشرة من عمرها، أو إذا وقع الجرم تحت تهديد السلاح.

فيما ركز عميد كلية الشريعة د. حسان عوض في مداخلته على احترام الدين الإسلامي للمرأة وإعطائها حقوقها كاملةً أسوة بالرجل، ووضع النقاط على الحروف، مؤكداً أن جميع الدول العربية استفادت من قانون الأحوال الشخصية السوري، كونه الأدق في عبارته، ليأتي عام 2019 ويغير أموراً مهمة جداً لصالح المرأة، كأن يكون سن الحضانة للذكر والأنثى واحد، إضافة للمساواة في الحقوق والواجبات، مع مراعاة الخصوصية بين الجنسيين، لافتاً إلى منح قانون الأحوال الشخصية المرأة حق اشتراط أن تكون العصمة بيدها على سبيل المثال لا الحصر، إضافةً لمنحها مكتسبات جديدة من أجل أن تكون في موقعها الحقيقي، منوهاً بأهمية هذه التعديلات التي ساهمت بالسيطرة والحدّ من قضية التعنيف بين الأزواج بسبب منح المرأة حقوقها.

فيما أكد د. عدنان عزوز مستشار العلاقات الدولية في اتحاد العمال على أهمية اتفاقية القضاء على العنف والتحرش بالعمل التي تُعنى لأول مرة بعالم العمل وأشكال المضايقات التي تحدث في عالم العمل وأنواع التحرش، التي تؤدي إلى إلحاق ضرر نفسي واجتماعي أو جسدي، وتؤثر على كرامة الشخص وعلى أسرته، وتعدّد وتنوع أشكالها كـ التنمر والنميمة والإهانة أو السخرية الخ التي قد تحدث في سياق العمل بدءاً من واسطة النقل، لتُسلِّط الأستاذة عواطف الحسن مديرة السياسات في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل خلال مداخلتها على الجهود التي تبذلها الوزارة، خاصة وأنها بصدد العمل على إصدار قانون الحماية من العنف الأسري الذي يهدف إلى حماية أفراد الأسرة من جميع أشكال العنف الواقعة ضمن نطاقها، والحدّ من انتشاره والوقاية منه ومعاقبة مرتكبيه والتعويض عن الأضرار الناتجة عنه، وتقديم الرعاية اللازمة للضحايا، إضافة لعملها ضمن نظام إدارة الحالة التي تقدم خلالها الحماية للأفراد شديدي الهشاشة ضمن عملية منظمة من خلال تقديم خدمات متكاملة لتلبية الاحتياجات الملحة لهم من قبل مقدّمي تلك الخدمة.

وأقيمت الندوة التي نظمها الاتحاد في مقره بالتزامن مع حملة 16 يوماً لمناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، بحضور عدد من الشخصيات الرسمية والأهلية والحقوقية والدينية، إضافةً إلى بعض أعضاء مجلس الشعب، على أمل ألا تكون مثل هذه الندوات والفعاليات مجرد استعراضات وتنظير.