مجلة البعث الأسبوعية

الزلازل الكبيرة ليست غريبة على المنطقة.. وخطورتها بإرتباطها العضوي بصدوع نشطة تاريخياً

دمشق – حياة عيسى

إن ظاهرة الزلازل قديمة حديثة على مستوى منطقتنا كونها نشطة زلزالياً منذ الأزل، ويعتبر الزلزال الحالي من الزلازل القوية التي تحدث كل 300 أو 350 سنة لارتباط المنطقة عضوياً بصدوع نشطة تاريخياً، مع الإشارة إلى أن الزلزال الذي حدث كبير مدمر وهو أو مرة تشهده المنطقة منذ زمن بعيد وبالتالي وقع مثل هذا النوع من الزلازل الكبيرة ليس غريب عن المنطقة تاريخياً وحدث سابقاً وقد دمر ممالك ومدن وحصد ألاف الضحايا.

حركة مستمرة

رئيس قسم الجيولوجيا في كلية العلوم بجامعة دمشق سابقاً الدكتور نضال جوني بين في حديث لـ”البعث” أن المنطقة مستمرة بالنشاط الزلزالي وليست مقبلة  على حدوث زلزال طالما أن حركة الصفائح  المتمثلة بـ” الصفيحة العربية، الصفيحة الإفريقية، الصفيحة الأناضولية” الصفائح الثلاثة المتلاقية في منطقة مثلث ومرتبطة بطريقة عضوية فهنا الزلزال محتمل ويعتبر حركة مستمرة وليست متوقفة، لكنها ضمن حركة محددة بنشاطها، بحيث تكون ضمن حدود مقبولة ولكن مع تراكم السنوات يكون هناك طاقة كامنة تختزنها ثم تفرغها الصدوع كحركة زلزالية تنتشر في كافة الاتجاهات.

الخطورة بالارتباط العضوي

مع التأكيد أن الزلزال الذي ضرب تركيا في منطة غازي عينتاب كان زلزالاً قوياً وصل إلى 7,8 درجات على مقياس ريختر وبالتالي كان تأثيره كبير، حيث ضرب منطقة واسعة من تركيا وسورية “شمال غرب سورية” (حلب، ادلب، الساحل السوري” و لم يحدث منذ فترة طويلة جداً وقد وقع على الصدع الأناضولي المرتبط ترابط عضوي مع صدع البحر الميت و صدع قبرسي وصدع فالق اللاذقية ، وهنا تأتي خطورته، حيث استطاع التأثير على البلدان المجاورة التي ترتبط مع تلك الصدوع بتواجد جيولوجي كقبرس، سورية، تركيا، لبنان، فلسطين، الأردن وقد يصل إلى مصر منطقة سيناء كون الارتباط بينهم عضوي،  كما يجب لفت الانتباه إلى  أن مناطق التدمير كمنت  في شمال سورية، غرب شمال سورية” حلب، ادلب، الساحل السوري، بالإضافة إلى المناطق التركية التي تعتبر المركز السطحي للزلزال، إلا أنه  كان محسوس على مناطق واسعة جداً وصل إلى  (ارمينية، العراق، أطراف السعودية، الأردن كان 4 درجات ، فلسطين، لبنان 5 درجات، وكافة الأراضي السوري وصل إلى المملكة المتحدة بمقدار 3 درجات) ولم يكن مدمراً أو خطراً كما حدث في شمال غرب سورية أو في المناطق التركية ، المناطق التي أصيبت بكوارث وتهدمات المباني، والأرواح، ولكن كان محسوس في كثير من الدول المحيطة بتركيا.

التنبؤ معقد وشائك

وتابع جوني أنه بالنسبة لموضوع التبؤ بالزلازل من المواضيع المعقدة و الشائكة ومن الصعب التبؤ بحدوث زلزال بوقته لكن يمكن أن يتم وضع احتمالية لحدوث زلزال بقدر معين ضمن فترة زمنية ممتدة نسبياً بضع سنوات،  لكن ليس من الممكن  القول  أن زلزال سيحدث بين ساعة أو ساعتين أو في تاريخ محدد فهذا غير ممكن، هناك بعض التنبوات لبعض الدول في الولايات المتحدة ، اليابان، الصين، الدول التي تعتبر ذات نشاط زلزالي يمكن أن تنجح في بعض الأحيان بالتنبؤ بالزلازل ولكن ليس  من الضروري أن ينجح التنبؤ، أما  بالنسبة للزلالزل  الذي وقع في منطقتنا من الصعوبة التنبوء لكن ممكن للدراسات الإحصائية عبر تاريخ الزلازل التي حدثت في المنطقة  أن يتم الإشارة أنها منطقة نشطة زلزالياً حسب موقعها على الكرة الأرضية، وبالتالي يتم توقع حدوث زلازل من درجات قوية  عبر دراسة لتاريخ الزلازل فمن الممكن أن يكون هناك زلازل دورية وقد تتكرر كل 300 أو 350 عام، ومن حدوث زلازل مشابها خلال الفترات القادمة، ولكن لا يتم التنبوء متى و أين فهو من الصعب تحديده إلا وفق طرائق وأساليب تبدو حتى الآن صعبة.

 

منطقة نشطة زلزالياً

كما لفت جوني أنه عندما نقول هل هناك زلازل قادمة؟ فطالما نحن في منطقة نشطة زلزالياً ونوصف الحالة ولدينا صدوع نشطة تاريخياً ونعرف البنية التكتونية لسورية وموقعها على الصفيحة العربية و حركة  الصفيحة العربية وعلاقتها مع الصفيحة الافريقية و الصفيحة الاناضولية نستطيع أن نقول نعم  كونه حدث زلازل سابقة وتم حدوثه الآن فمن المؤكد حدوثها في المستقبل، وهي تعتبر ظاهرة طبيعية حسب نظرية “تكتونيك الصفائح” وبالتالي لا مفر كون الزلازل ستحدث “صغيرة، كبيرة، محسوسة، غير محسوسة، مدمرة، غير مدمرة” لكن يجب الاستعداد واخذ الإجراءات الكفيلة بالتقليل من أضرار الزلازل كبناء منشآت ومباني مقاومة للزلالزل تصل لسبع درجات أو 7 درجات ونصف وبالتالي لا يهم وقتها أن يتم التنبوء أو لم يتم لحدوث الزلزال لحماية المنشآت والمؤسسات و المباني و الأرواح من الزلازل المدمرة كالزلزال الحالي .

أما بالنسبة للإشارة هل هناك زلزال قادم أكثر خطورة فهو تنبوء ليس ممكن على الإطلاق، لكن نستطيع القول أن المنطقة نشطة زلازل غير محسوسة تسجل  بالعشرات و المئات يومياً،  الزلازل المحسوسة غير المدمرة التي يتم الإحساس من درجة 4أو 5 درجات موجودة، لكن الزلزال المدمر فهو محتمل نتيجة طبيعة وموقع المنطقة جغرافياً وهو متوقع  ومحتمل ضمن فترات متباعدة نسبياً وليست متكررة بشكل كبير.

 

ظاهرة تسونامي

وبالحديث عن امكانية حدوث “تسونامي” نتيجة ماحدث فقد بين جوني أن  ظاهرة “تسونامي” في حوض الأبيض المتوسط ظهرت وأثارت الكثير من  التساؤلات حولها،  لاسيما أنه عبر التاريخ شهد البحر المتوسط بعض ظواهر لأمواج التسونامي وضربت بعض الشواطئ في شرق المتوسط والشواطئ اليونانية و الايطالية ودمرت المنشأت والممالك على الشواطئ،

ولكن الشرط الأساسي لنشوء تسونامي أن يكون مركز الزلزال تحت المياه أو بالقرب منها بحيث يستطيع أن يولد موجة مد بهذه الحالة وهنا يمكن القول أنه من الممكن أن تنشأ موجة تسونامي، وبما أن البحر المتوسط ليس عميقاً كما المحيطات كأمواج المد التسونامي التي تحدث في اليابان أو اندونيسيا فالبتالي يمكن أن تكون أقل ضراوة من أمواج التسونامي التي تحدث في المحيطات، ولكن لا يوجد توقعات لحدوث تسونامي في البحر المتوسط حالياً ولكن في حال توفرت الشروط من الممكن حدوثه ، إلا أنه حتى الأن ما زالت الشروط غير متوفرة.

احتمالية الهزات الارتدادية

من جهته رئيس الجمعية الفلكية السورية الدكتور “محمد العصيري”  بين في حديثه لـ” البعث” أنه لا يمكن التنبؤ في مكان وقوع وساعة حدوث الزلزال، مع الإشارة إلى أن الزلزال الذي حدث في سورية مركزه الحدود السورية – التركية وأقرب إلى الأراضي التركية بقوة 7.9 درجة والزلزال الثاني بقوة 6.7 ثم تلاه هزات ارتدادية بشكل عنيف وكبير، ثم زلزال ثالث ورابع بقوة فوق 6 على مقياس ريختر.

وأكد “العصيري” أنه لو لم يتوزع الزلزال إلى 4 زلازل قوتها فوق 6 على مقياس ريختر لكان ضرب بلادنا زلزال عنيف تفوق قوته 8.4 ، شمل كافة مناطق بلاد الشام وتركيا بشكل كبير ومدمر، مبيناً أن الهزات الارتدادية ما زالت موجودة، وأن وجودها له احتمالين، الاحتمال الأكبر أن هناك ضغط على القشرة الأرضية يتم فيه تنفيسها وبالتالي خلال 24 ساعة ستضعف الهزات الارتدادية وتنتهي ويعود الوضع إلى ما كان عليه سابقاً، والاحتمال الثاني أن هناك تمهيد للزلزال أكبر ولكن هذا الشيء مستبعد لأن الهزات الارتدادية تضعف تدريجياً، ولو كانت الهزات الارتدادية محافظة على نفس القوة والمستوى لتأكدت احتمالية زلزال عنيف قادم وهذا الكلام هو توقع ولا يمكن التنبؤ بموعد الزلازل.