صحيفة البعثمحافظات

نخوة أبناء جبل العرب.. من الأهل للأهل ومبادرات خاصة بنكهة سورية 

السويداء –  رفعت الديك

لم تمض إلا ساعات قليلة حتى استفاق أبناء الوطن من هول الصدمة التي أحدثها الزلزال وخرجوا حاملين طاقة تفوق قوتها قوة ذلك الزلزال ولكن باتجاه مغاير.. طاقة ولدت حالة وطنية ورابطة اجتماعية قل نظيرها فعشرات المبادرات التي انطلقت في كل بقعة من بقاع الوطن تجسيداً للتكافل الاجتماعي والذي يبرز مع كل حالة اختبار لطبيعة مجتمعنا حيث تستنفر جهود أبناءه بطرق وأشكال مختلفة لتعكس طبيعة هذا المجتمع الذي يتسارع نبض حبه لوطنه مع كل بارقة أمل تحملها مبادرة من هنا أو هناك لينتفض من جديد ويعيد نبض الحياة في كل الأرجاء.

ترتيب الأولويات

المجتمع السوري هب بكافة جمعياته ونقاباته وأطيافه لمساعدة الأهل المنكوببن والحصيلة كانت عشرات الأطنان من المواد الغذائية والطبية والألبسة والفرش والبطانات تم جمعها خلال لحظات..ولكن ما يستوقفك مبادرات ذات طابع خاص ونكهة مختلفة.. فشابة من السويداء تقص شعرها وتعرضه للبيع دعماً للمحافظات السورية المنكوبة، حيث عرضت الشابة أسماء ٢٠ عاماً شعرها بطول ٥٠ سم للبيع بعد أن قصته لكي تساهم بثمنه ضمن المساعدات  للمتضررين في المحافظات السورية المنكوبة.

ولم تمنع الإعاقة الشابة غيداء أبو فخر من صعود درج بناء مجلس بلدية ريمة اللحف إلى الطابق الثاني للمساهمة في التبرع لمساعدة الأهالي في المحافظات المتضررة جراء الزلزال، والحضور للتعبير عن تضامنها، إضافة إلى الأطفال الثلاثة الذين قدموا معاطفهم وحصالتهم عوناً لاشقاءهم.

مبادرات والقائمة تطول وترتقي لحجم من نملك من محبة ووفاء وإخلاص وقائمة الحالات الفردية تطول عن مبادرات تجاوزت حدود الطعام والشراب لتصل إلى حدود إكسير الحياة  وهذا ما كان مثمنا عند رجال الدين في المحافظة

لحمة وتعاضد

شيخ عقل طائفة المسلمين الموحدين الشيخ يوسف جربوع بين أنه أصبح علينا لزاماً اليوم أن نقف مع أهلنا الذين تعرضوا لهذه الكارثة وما لاحظناه على كامل الجغرافيا السورية من غيرة وحماس لتقديم الدعم لأهلنا المصابين هو مثال حي على مدى لحمتنا الوطنية وتعاضدنا الاجتماعي، إضافة إلى مبادرات فردية وإن كانت بسيطة مادياً لكنها كثيرة وثمينة معنوياً وتعبر عن حجم الإحساس الوطني والإنسانية الكبيرين.

طوبى للسابقين

بدوره مدير أوقاف السويداء الشيخ نجدو العلي اعتبر أن هذا يوم العمل والبذل والعطاء والفعل الحقيقيّ لا المناكفات والمعارك الافتراضيّة وكيل الاتهامات ونشر الشائعات، هذا يوم الاستنفار لاستنقاذ المنكوبين والمكلومين لا الانتصار للأفكار والمواقف، وتقويض عمل أهل الخير والفزعة، مبيناً أنه يوم التفاعل مع آيات الله تعالى تدبّرًا وتذكُّرًا واعتبارًا وأوبةً ورجعة، مؤكداً أن خيرَ النّاس اليوم مَن شدّ مئزره وشحذ همّته وطارَ حيثٌ مواطن إحياء الأنفس بنفسه ومالِه وكلمته، فهؤلاء هم السّابقون فطوبى إلى مَن سبق سواه إلى ميادين العمل وميادين الإنفاق وميادين الحضّ وميادين الحثّ وميادين المبادرة الفاعلة وميادين مسح الجراح وميادين التكافل وميادين التّذكير بعظمة الله تعالى.

من هذا المنطلق رتب السوريون أولوياتهم باتجاه خدمة الأهل المنكوبين رغم الضائقة المادية الصعبة التي يعانون منها جراء الحرب وهي حالة زادت من تعاضد وترابط السوريين فيما بينهم وكانت الفزعات من كل المحافظات السورية  كانت السويداء من أولى المحافظات التي لبت نداء الأهل.

 نخوة معروفية

في السويداء قامت لجنة الإغاثة مباشرة بإطلاق مبادرة من الأهل للأهل وتشكيل لجان في كل القرى والبلدان لاستقبال التبرعات وتنظيمها منطقة من حتمية هبوب أبناء الجبل لمساعدة أهلهم في المحافظات المنكوبة.

يشير هنا رئيس مجلس المحافظة رسمي العيسمي أن أبناء جبل العرب تسابقوا منذ اللحظات الأولى لنجدت أهلهم مثلما تسابقوا بداية لبذل الدماء رخيصة أمام وحدة المصير السوري وتوالت الحمية لبذل ما ملكت أياديهم. واعتبر العيسمي أنه مجرد ما حدث الزلزال حتى زلزل جبل العرب بأهله الغيارى لنجدت إخوانهم في حلب الشهباء في للاذقية العرب في حماه أبو الفداء في عروس البحر طرطوس في ادلب الخضراء

وأشار العيسمي أن أهل السويداء هم أهل الصمود وأهل أمل من تحت الركام وأهل منحة من المحنة فكانوا سباقين في إطلاق المبادرات ونجد كل يوم مبادرة جديدة نعتز ونفتخر بها ليس لقيمتها المادية بل لقيمتها المعنوية الكبيرة التي تحمل الكثير من المعاني والدلالات.

حراك مجتمعي

والمتابع للحراك المجتمعي في السويداء منذ اللحظات الأولى للزلزال يذهله ذاك الحجم من الإنسانية والمحبة التي يملكها الشعب السوري يقول هنا وليد الحمود من مكتب التنمية في السويداء “أقف وأمثالي المحبين  باحترام أمام كم الشهامة والنخوة التي دفعت كل الناس لمشاركة أهلنا المنكوبين في كل أرجاء المحافظات وبكل الإمكانيات المتيسرة”

ويقول الحمود إن هذا النسيج تعود على الفزعة في أية حالة وطنية وخاصة عند المحن مبينا أهمية توحيد الجهود فالذي حدث هو رد فعل على الصدمة وبمكانه الصحيح وكانت النتيجة تأمين الطلاب ومعالجة انعكسات الأزمة على الأسر محلياً وما وضع تحت تصرف العائلات المنكوبة كفيل لإيواء كل المنكوبين ويتكفل بمعيشتهم.

وتحدث الحمود عن إنطلاق المرحلة الثانية حيث قام أصحاب المبادرات بمبادرات فردية عبر التشبيك مع فعاليات بالمناطق المنكوبة وكانت إسعافية قصوى، مطالباً بأن يكون العمل مؤسساتي وضرورة توحيد الجهود وإيجاد قاعدة بيانات متكاملة من شأنها معالجة الخلل في الوضع الاغاثي والتنموي حيث ستعود الفائدة في حال تم ذلك على المحتاجين أنفسهم وضمن احتياجهم الأساسي.

بناء الثقة

ويبقى لهذه المبادرات أهمية كبيرة على الصعيد النفسي والمعنوي لبناء الثقة بأنفسنا وبمجتمعنا، وتشكل اختبارا حقيقيا لمدى قدرتنا على التعامل مع الكوارث فهي مهمة حسب المرشدة الاجتماعية عهد العماطوري التي قالت إن مسألة الشعور بالآخرين مسألة وجدانيه وإنسانيه وأخلاقيه وخاصة من كانت حياتهم غير مستقره ويتخللها قساوة الحياة ووجع الأيام وصعوبة العيش مؤكدة أن هذه المبادرات تقرب مسافات الود والمشاعر النبيله السامية وتقدم الخير والعون لمن يحتاج المساعدة والأمان بوقت نعيشه انقرضت فيه أغلب هذه القيم وأصبحت كلام في مهب الريح والمبادرات الاجتماعية اليوم إنما تدل على القيم النبيلة والأصالة في التعاون والتكاثف الجميع لزرع المحبة في نفوس أبناء المجتمع.

القوافل مستمرة

قوافل المساعدات مازالت مستمرة ونخوات أبناء المحافظة تهدر في كل مناطقها استجابة لآلآم إخوانهم في المناطق المتضررة..حالة تعكس طبيعة هذا المجتمع الذي أمتاز بتربيته الاجتماعية و يدل على ذلك عباراتهم الترحيبية “ياحيالله_ ميت أهلاً وسهلا” فهي ليست مجرد عبارات تقال بل تعكس سلوكاً اجتماعياً برزت معالمه عندما امتحن هذا المجتمع بتكافله.