ثقافةصحيفة البعث

“نرجس” الأميرة الضائعة

أمينة عباس

تستمر عروض مسرحية الأطفال “نرجس” تأليف فاتن ديركي إخراج عبد السلام بدوي يومياً على خشبة مسرح القباني، وقد حاول بدوي في هذا العمل تقديم مقترح بصريّ في مسرح الطفل، وهو مشروعه الذي يتمنى تنفيذه حالياً، مبيناً في تصريح لـ “البعث” أن العرض يتوجّه للطفل بكل عناصره البصرية بعيداً عن الديكور، وهو ما يحتاج إليه طفلنا الذي تشوّهت الصورة البصرية لديه في ظل الحرب على بلده.

ويتمنى بدوي لو أن الإمكانيات كانت أكبر كي يشاهد الطفل مستوى فنياً وتقنياً، وقد قدم العرض رقصاً تعبيرياً وغناء كان خلاصة جهود كبيرة بُذِلت من قبل كل المشاركين الذين تبنوا الفكرة، فالجميع كانوا يبحثون عمّا هو غير تقليدي، مبيناً أنه يعتبر هذا العمل توطئة له للانتقال إلى مستوى آخر في عروض مسرح الطفل، منوهاً بأنه لا بد من الاتجاه اليوم نحو المسرح البصري لأن كتل الديكور الكبيرة لا تشبع حاجة الطفل في تقديم صورة بصرية جميلة.

ورأى أن عروض المسرح البصري تحتاج إلى إمكانيات كبيرة، لذلك يتمنى دخول القطاع الخاص إلى هذا المجال، مبيناً أنه تعامل مع النص الذي كتبته الكاتبة فاتن ديركي دون أن يغيّر في توجهه، واستطاع معها التوصل إلى صيغة شارك فيها الممثلون من خلال تقديم اقتراحاتهم لتعزيز الفكرة الأساسية للعمل. ولم يخفِ بدوي أن أزمة المسرح حالياً هي أزمة ممثل، وقد عانى كثيراً لتشكيل فريقه في مسرحيته هذه لأن خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية يتوجهون إلى التلفزيون بحثاً عن الأجور الأعلى. من هنا فإن أزمة الممثل برأيه تؤخر من عجلة دوران تطوير المسرح الذي يقوم بالدرجة الأولى على الممثل.

رؤية خاصة 

وبيَّنت الكاتبة فاتن ديركي أنها في “نرجس” أرادت أن تقول إن الجمال الحقيقي يتجسد في الجمال الداخلي وطريقة تعامل الإنسان مع المحيط والناس من خلال شخصية الفتاة نرجس التي تحمل قلباً مليئاً بالحب والعطف على من حولها، بينما شوك ابنة الساحر على النقيض منها، وبذلك تقدم المسرحية قيماً تربوية هادفة تعزّز شعور المحبة في النفوس، المحبة التي هي وسيلة الانتصار على الشر وتجاوز صعوبات الحياة ومتاعبها، مبينة أن المخرج قدّم رؤيته الخاصة للنص من خلال بعض التعديلات، وما يهمّ ديركي أن تفاعل الأطفال مع التجربة كان كبيراً على الرغم من الفترة الزمنية القصيرة للعرض، وقدّرت ديركي الجهود الكبيرة التي بذلتها أسرة العرض في البروفات، موجهة التحية لكل كادر العمل الذين زرعوا الابتسامة على وجوه الأطفال، وخاصة الفنانة ليلى بقدونس التي شاركت في العمل رغم انشغالها بأكثر من عمل فني، وكذلك فرقة ميرال للرقص والقائمين عليها على ما قدمته من لوحات جميلة، كما نوهت الكاتبة بموسيقا الفنان أيمن زرقان.

الملكة نورهان 

وعبّرت الفنانة ليلى بقدونس عن سعادتها بوجودها في مسرحية “نرجس” بدور الملكة نورهان التي تبحث عن ابنتها الضائعة، مبينة أن العرض يقدم شكلاً من أشكال الصراع بين الخير والشر عبر لغة بصرية وأغانٍ جميلة ورقص، حيث تمّ استخدام عناصر فنية متعدّدة لخدمة مضمون العرض الذي يحمل فكراً متقدماً. وأشارت بقدونس إلى أن العمل في مسرح الطفل ممتع وجميل ويتطلب وقتاً وجهداً، وأن الشغف هو الذي يجعل بعض الفنانين يعملون في المسرح عامة ومسرح الطفل خاصة، وهو مسرح يحقق المتعة للممثل أيضاً، منوهة بأن التمثيل هو فن الإقناع، وإقناع الطفل إنجاز كبير إن تحقق، متمنية -وهي التي تعمل في هذا المسرح منذ العام 1990- الغوص في مخيلة الطفل وإشباع ذائقته البصرية لمواكبة العصر.

الأميرة الضائعة 

وأشارت الفنانة رولا طهماز، التي أدّت شخصية نرجس الأميرة الضائعة والتي قامت بتربيتها الحيوانات في الغابة، إلى أن ما ميّز شخصيتها في هذا العرض أنها ولأول مرة تقدّم شخصية هادئة بعيداً عن الشخصيات الأخرى التي كانت تجاري الطفل في حركته ولعبه، مبينة أن لها تجارب سابقة مع المخرج بدوي مثل “محروس وزهر البان” و”رحلة الحظ” بالإضافة إلى عروض عرائسية، كما وقفت إلى جانبه كممثل في أربعة عروض أخرى، موضحة أن أهم ما يجب أن يقوم به الممثل في مسرح الطفل هو أن يخرج الطفل الذي بداخله ليحاكي جمهور الأطفال بطريقة خاصّة وذلك عندما يتورّط الطفل في اللعبة أثناء العرض ويتفاعل معه، مشيرة إلى أن الطفل كائن ذكي، موضحة أنها كممثلة تستمتع كثيراً بعروض مسرح الطفل بوجود جمهور متحمس يلعب دوراً كبيراً في شحن الممثل بطاقة كبيرة.

الرقص جزء من الحكاية 

وأوضح الفنان محمد طرابلسي مصمّم الرقص ومدير فرقة ميرال أن الرقصات الموجودة في العرض تمّ تصميمها بعد قراءة النص والنقاش مع المخرج، حيث يجب على الراقص أن يفهم النص بشكل جيد حتى لا يغرد خارج سربه، مع إشارته إلى أن الراقص الذي ليس لديه خبرة مسرحية تمثيلية ينقصه الكثير. من هنا لم يكن الرقص دخيلاً على الحكاية وإنما كان جزءاً منها.

يُذكر أن المسرحية من تمثيل: ليلى بقدونس، رولا طهماز، لميس عباس، وليد الدبس، غسان الدبس، فراس الفقير، سليمان قطان، وهي تقدم عروضها يومياً على خشبة مسرح القباني– الساعة الخامسة.