لسنا جميعا متساوين في مواجهة موجة الحر.. ما هي أفضل وأسوأ المشروبات؟ وفي أي درجة حرارة قد تكون صحتنا عرضة للخطر؟
“البعث الأسبوعية” ــ لينا عدرا
إنه فصل الصيف، إنه الحر، مع نوبات من موجات الحرارة الشديدة التي يمكن أن تستمر عدة أيام.. كيف يمكننا أن نتحمل بشكل أفضل ضربات الحرارة التي يعاني منها أجسامنا؟ إذا كان شرب 2 لتر من الماء يومياً يبدو مملاً، إليك قائمة بمشروبات بديلة لإرواء العطش تفضل بإبعادها عن أصدقاء مزيفين من ثلاجتك.
وفي حين أن من الصحيح أن الماء لا يمكن الاستغناء عنه، غالباً ما يُعتقد خطأً أنه المشروب الوحيد الذي يروي العطش في الطقس الحار. ومع ذلك، هناك العديد من المشروبات التي يمكن أن تروي عطشك في الصيف. وعلى العكس، فإن بعض المشروبات، بتأثيرها المدر للبول، تجعلنا نفقد الماء، وهي ظاهرة خطيرة يمكن أن تؤدي إلى الجفاف، ويجب تجنبها بأي ثمن.
لماذا يجب أن تشرب أكثر من المعتاد عندما يكون الجو حاراً؟
من الضروري توقع الشعور بالعطش من خلال شرب الماء بانتظام خلال النهار لتحمل درجات الحرارة العالية. وفي العادة، يحتاج الجسم إلى ما لا يقل عن 1.5 إلى 2 لتر من الماء لإعادة امتصاص حجم الأملاح السائلة والمعدنية المفقودة خلال التعرق. وتساعد بعض الأطعمة الغنية بالمياه، مثل الخيار والبندورة والبطيخ الأحمر والبطيخ الأصفر، في الحفاظ على ترطيب الجسم.
ولكن في حالة الطقس الحار، يجب شرب نصف لتر من الماء الإضافي. وخلاف ذلك، سوف يتضرر التمثيل الغذائي الخاص بك وقد تظهر أعراض الجفاف: الصداع، والإرهاق..
وإليك نصيحة: لا فائدة من ملء مشروباتك بمكعبات الثلج، فأنت تخاطر بالتشنجات المعوية والتهابات الحلق بعد بضع ساعات. ولكن نظراً لأن من المهم تنويع أطايب الشراب، إليك قائمة بأفضل وأسوأ المشروبات للبقاء منتعشاً أثناء الطقس الحار، وهو أمر متكرر أكثر وأكثر في بلادنا.
– الماء.. المشروب البارد بامتياز
لم نجد بعد شراباً واحداً قادراً على استبداله، فالماء حيوي لجسمنا لأنه يجدد خلايانا ويسمح للدم بالدوران. لكن إذا كانت فكرة شرب الماء فقط تزعجك كثيراً، فلا تتردد في تذوقه مع شريحة من الليمون أو الخيار، أو القليل من أوراق النعناع أو الفاكهة المقطعة إلى قطع.
نصيحة أخرى: اختر ماء جوز الهند. هذا المشروب منعش للغاية وقليل السكريات، وغني بالعناصر الغذائية مثل البوتاسيوم.
– عصائر فواكه غنية بالفيتامينات
لمحاربة التعب المرتبط بموجة الحر، لا شيء أفضل من عصير الفاكهة الطازج. قم بإعداده بنفسك، فمن الأفضل الاستمتاع بجميع خصائصه الغذائية.
أما بالنسبة للفاكهة الممزوجة مع عصير، هو غالباً الحليب، فانتبهوا إلى مكوناتها وإلى أن كمية السكر قد تكون مرتفعة أحياناً.
– حليب بشوكولاتة بارد للرياضيين
بعد المجهود، يسمح لك كوب كبير من حليب الكاكاو بالشبع بالبروتينات والكربوهيدرات والكالسيوم، والتعافي جيداً. لكن هذا المشروب يبقى شديد الحلاوة، فلا ينبغي إساءة استخدامه.
– الشاي والقهوة بكميات معقولة
إذا أوصت المؤسسات الصحية المعنية بتجنب المشروبات التي تحتوي على نسبة عالية من الكافيين (الشاي والقهوة والكولا) في حالة الطقس الحار فلأنها مدرة للبول، ولكن العديد من الدراسات ترى أن هذه مجرد فكرة، وأن تأثيرها المدر للبول، الذي يجعلنا نتخلص من السوائل، سيكون مؤذياً فقط إذا تناولناها بجرعات عالية. لذلك من الضروري عدم الإساءة إلى الشاي والقهوة، ولكن لا فائدة من حرمان نفسك منهما بكميات محدودة، وتجنب السكر.
– الشوربة.. مشروب مرطب وغني بالألياف
سيسمح لك حساء الخضار الفاتر، أو البارد، باستيعاب كمية كبيرة من السوائل والألياف بسهولة. سيتم يساعدك ذلك على محاربة الإمساك وانتفاخ البطن. إذا اشتريت واحدة جاهزة، فتأكد فقط من أن كمية الملح ليست عالية جداً، مع خطر حدوث تأثير معاكس.
ما هي أسوأ المشروبات التي يجب تجنبها؟
جميع المشروبات التي تحتوي على الكحول. وسواء البيرة أو النبيذ أو العرق أو الويسكي، لا تساعد الكحول على ترطيب الجسم، على العكس من ذلك، فإن تأثيرها المدر للبول يجعلنا نفقد الماء. وإذا كنت لا تستطيع إلا أن تشرب القليل من الكحول، فإن عليك أن تتذكر دائماً شرب الماء بعد رشفات قليلة من الكحول!
المشروبات الغازية صديق مزيف
إن ظهور المشروبات الغازية الباردة مع قطرات صغيرة من الماء المتساقط من العلبة يمكن أن يضللنا ويتلاعب بمخليتنا. ولكن المشروبات الغازية والسكرية لا تروي العطش وهي غير منعشة. وعلى العكس، يمكن لفقاعاتها أن تسبب لنا تقلصات في المعدة.
هل يمكن لمشروب ساخن أن ينعشنا عند الحر؟
هل تناول السوائل الساخنة في الصيف يريحك حقاً؟ من الناحية الفنية: نعم، ولكن ليس بدرجة كافية.
وجدت دراسة جامعة أوتاوا أن المشروبات الساخنة يمكن أن تبردك، على الأقل إلى درجة معينة.
أثبتت دراسة أجراها فريق من جامعة أوتاوا (كندا) أن المشروبات الساخنة، وفي ظل ظروف معينة، يمكن أن تساعدنا في التبريد، لأن المسألة قبل كل شيء هي مسألة تعرق. بالنسبة للدراسة، قام تسعة من راكبي الدراجات بالدوس على دراجة داخلية لمدة 75 دقيقة أمام مروحة تعمل. شرب المتطوعون مياها تتراوح في درجة حرارتها من التجمد إلى السخونة الشديدة. وفي حين أن الفكرة الأكثر منطقية هي أن السائل البارد يبرّد أجسامنا، فقد لاحظ الباحثون نقصاً في الفعالية لأن هذا النوع من المشروبات يقلل التعرق. إن تناول المشروبات الساخنة يجعلنا نتعرق أكثر، وبالتالي نفقد المزيد من الحرارة. فهل يجب أن نشرب الشاي المغلي عندما يكون الجو حاراً جداً في الخارج؟ “ربما لا”، يقول الخبراء.
يقول أولي جاي الذي أشرف على الدراسة أثناء وجوده في كلية الحركية البشرية بجامعة أوتاوا: “أعتقد أن حكاية الزوجات العجائز عن شرب مشروب ساخن في يوم حار لها صداها حقاً”.. “إنها نوع من هذه الفكرة المتناقضة”.. “يشعرك السائل البارد بالبرودة عندما يدخل إلى داخلك، لكنه لا يجعلك أكثر برودة حقاً لأنك تقلل التعرق”.
إن مفتاح تبادل الطاقة هذا هو التعرق الجيد. فمقابل كل غرام من العرق الذي يتبخر من بشرتك، تفقد ما يقرب من 2.43 كيلوجول من الطاقة. والأشخاص الذين شربوا الماء الساخن حصلوا على 52 كيلوجول من الحرارة من الماء. ولكن عندما بدأ العرق يتساقط من أجسادهم، فقدوا أيضاً 108 كيلوجول من الحرارة من تبخر العرق. وعندما تعلق الأمر بالمشروبات الباردة، حدث العكس. أنتج الأشخاص عرقاً أقل بكثير، وبالتالي عانوا من تبخر أقل. بينما أدى الماء البارد إلى تبريدهم بمقدار 138 كيلوجول، ولم يكن ذلك كافياً لمواجهة 159 كيلوجول المحتفظ بها من انخفاض التبخر على جلدهم. عندما شرب راكبو الدراجات ماء بدرجة حرارة الغرفة، بقيت كمية الحرارة التي اكتسبوها مقابل الكمية التي فقدوها كما هي.
حسناً، إن تناول المشروبات الأكثر سخونة يجعلك تتعرق أكثر وتفقد المزيد من الحرارة، بينما المشروبات الباردة تبردك، لكن ليس بدرجة كافية. فهل يجب أن يبدأ الجميع في تناول الشاي الساخن في منتصف بعد ظهر يوم حار في شهر آب؟ على الأغلب: لا.
لكن هناك العديد من المستقبلات الموضوعة في مناطق مختلفة من الجسم، خلف الرقبة أو على القدمين مثلاً. وهذا هو السبب في أن منشفة باردة حول رقبتك تريحك بعد جلسة رياضية، كما أن إخراج قدميك من تحت اللحاف عندما تكون ساخناً يساعد على خفض درجة حرارة جسمك.. “هذا شعور جيد حقاً، أليس كذلك؟ لكن هذا لا يبرد دماغك”.
وقد يتدفق الدم من تحت الجلد مباشرة، ولكن لا يتم تبادل الكثير من الحرارة بين الثلج ودمك. بدلاً من ذلك، تعمل النهايات العصبية هناك كمستقبلات لدرجة الحرارة، تماماً كما في المعدة، وتجعلك تشعر بالبرودة حتى لو لم تكن كذلك.
ربما تكون قد واجهت شيئاً مشابهاً في الليل إذا استيقظت وأنت تشعر بالدفء الشديد. قدمك لها أعصاب ذات وظيفة مماثلة. يقول جاي: “في السرير، من أول الأشياء التي ستحاول القيام بها لتشعر بالبرودة أن تخرج قدميك من أسفل الشرشف”. “من الواضح أن مقدار التبريد الإضافي الذي تحصل عليه لن يكون بهذا القدر، لكن له تأثيراً غير متناسب على مدى شعورك بالبرودة أو الحرارة”.
أنت تعلم الآن أنه يمكنك شكر مستقبلات درجة الحرارة في معدتك على الراحة التي تشعر بها بعد مشروب السلاش العملاق وعلى العرق الذي تصنعه عندما تحتسي فنجاناً من القهوة بحذر شديد. ولكن إذا كنت تبحث عن أفضل طريقة للتهدئة في يوم صيفي حار، فمن المحتمل أن تتوجه إلى الداخل، أو على الأقل بعيداً عن ضوء الشمس المباشر.
نصائح لتحمل الحرارة بدون تكييف
أغلق الأبواب، وابدأ بالتهوية، وازرع نباتات خضراء.. هناك الكثير من النصائح للتعامل مع موجات الحرارة. وفيما يلي ثلاث منها:
– التهوية الليلية.. وتقسيم اليوم
إن التهوية الليلية وتقسيم اليوم خطوتان أوليتان ضروريتان للحفاظ على رطوبة الصيف. لقد عرفناهما في زمن لم يكن فيه تكييف الهواء متعلقاً بالاحتباس الحراري، ولقد أورثته لنا جداتنا.
أولاً، أغلق النوافذ والستائر إلى أقصى حد، ثم اسحب الستائر. سوف تتجنب إدخال الحرارة وتحافظ على النضارة بالداخل.
لمزيد من الكفاءة، في الصباح، وكذلك في المساء (وفي الليل إن أمكن)، قم بالتهوية لتجديد الهواء. أثناء انتظار شروق الشمس أو غروبها، سيكون الطقس أكثر اعتدالاً وإمتاعاً، وسوف تستفيد منه في الداخل.
– ابحث عن المساحات الخضراء
لنفترض أنك اتبعت هاتين الخطوتين، لكن الجو لا يزال حاراً للغاية.
إذا كان لديك حديقة، فقد حان الوقت لتخزين النباتات التي يمكن أن توفر ما تبحث عنه. والأفضل هي تلك التي تتسلق. ويمكن أن تساعد النباتات الخضراء أيضاً في تخفيف درجة حرارة منزلك.
– تناول الطعام بارداً وحافظ على رطوبتك
بالإضافة إلى ذلك، قم بترطيب نفسك أثناء موجات الحرارة. ويحتاج جسمك إلى الماء، لذا استهلكه بجميع أشكاله: للشرب (2 لتر على الأقل يومياً أثناء الطقس الحار)، أو وضعه على جبهتك أو على نقاط النبض.
يفضل الوجبات الباردة، مثل سلطات الخضار، وتناول السوربيه أو العصير.
في أي درجة حرارة تكون صحتنا في خطر؟
كان 4 تموز 2023 هو اليوم الأكثر سخونة الذي تم تسجيله على الأرض، وفقاً للإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي. وفي سياق درجات الحرارة المرتفعة المرتبطة بالاحتباس الحراري، تساءل العلماء عن درجة الحرارة التي يمكننا تحملها دون تعريض صحتنا للخطر.
وكما نعلم، فإن الزيادة في متوسط درجة حرارة الأرض لها عواقب وخيمة على الكوكب: ذوبان الأنهار الجليدية، واختفاء بعض الأنواع الحيوانية والنباتية، والكوارث الطبيعية العنيفة بشكل متزايد.. ولكن سيكون لها أيضاً عواقب على صحتنا.
الصحة في خطر من 40 درجة مئوية
يكشف البروفيسور لويس هالسي وفريقه من الباحثين أن درجات الحرارة التي تتأرجح بين 40 و50 درجة مئوية قد تكون خطرة على الصحة. جاء عملهم استمرارا لدراسة سابقة نشرت في العام 2021 في مجلة التقارير الفسيولوجية، وادعت أن درجات الحرارة المرتفعة تسبب تسريع أداء عملية التمثيل الغذائي. وللتذكير، يشير التمثيل الغذائي إلى جميع التفاعلات الكيميائية لإنتاج الطاقة اللازمة لعمل الجسم.
“من 40 درجة مئوية، يزداد التمثيل الغذائي بنسبة 35٪ مقارنة بإيقاعه الطبيعي، وبنسبة 48٪ عندما يتعرض الجسم لدرجة حرارة 50 درجة مئوية”، كما يقول الدكتور دانيال أتكينسون، وهو طبيب متخصص في الألم، والذي لم يشارك في هذه الدراسة . وأضاف: “كلما زادت سخونة الجسم، زادت صعوبة عمل الجسم للحفاظ على الوظائف الحيوية”.
نظرت دراسة هالسي أيضا في كيفية تأثير الحرارة على وظائف القلب والاختلافات بين الرجال والنساء. وعلى وجه الخصوص، وجد الباحثون أن الزيادة المرتبطة بالحرارة في معدل ضربات القلب كانت أكثر وضوحا لدى النساء منها لدى الرجال.
لسنا جميعا متساوين عندما يتعلق الأمر بتأثيرات الحرارة
وتختلف العواقب الصحية لدرجات الحرارة القصوى من شخص لآخر. وأكثر الناس ضعفا هم كبار السن والأطفال والنساء الحوامل والأشخاص المصابون بأمراض مزمنة وأولئك الذين لديهم إمكانية محدودة للحصول على وسائل لتحمل الحرارة بشكل أفضل (تكييف الهواء، والمراوح، ونقاط المياه، والحصول على مياه الشرب، وما إلى ذلك).
في الطقس الحار، نتعرق أكثر، ونكون أكثر عرضة لخطر الجفاف، والدوخة، والغثيان، والصداع، والتعب، وتشنجات العضلات والخفقان. وفي الحالات القصوى، يمكن أن تسبب درجات الحرارة المرتفعة الوفاة، خاصة أثناء موجات الحرارة. والسبب هو ضربة الشمس، ما يؤدي إلى ارتفاع خطير في درجة حرارة الجسم يمكن أن يؤدي إلى أعراض عصبية شديدة أو حتى الموت.