محمد سلمان يعرض توليفة تجريد تعكس تناقضات الواقع وتجليات ملامحه
آصف ابراهيم
تستضيف صالة المعارض في اتحاد الفنانين التشكيليين(صبحي شعيب) وسط مدينة حمص معرضاً فردياً للفنان التشكيلي محمد سلمان الذي يتخطى فيه ثيمة التوظيف الحروفي في التكوين البصري للوحة، التي بلورت هوية أعماله سابقاً، إلى استكشاف الشكل واللون عبر تجربة اللوحة التجريدية بأنماطها المتنوعة البسيطة منها والهندسية المزدحمة بالأشكال والرموز والألوان المتناقضة، التي يطلق سلمان العنان لمخيلته وانفعالاته من خلالها أن تترجم طبيعتها وفضاءاتها المتناقضة.
تلتقي العديد من لوحات معرض سلمان الإثنتين والعشرين في قراءة الواقع عبر الشكل واللون، وارتباطه بالحالة الانفعالية للإنسان الذي بات يختزن في داخله الكثير من الآسى والشقاء ولهذا نرى الوجوه العابسة عند سلمان تتماهى مع الألوان القاتمة، والأشكال العشوائية المحيطة به وكأنه يشير الى هذا المصير المجهول الذي نحث الخطى نحوه وسط تراكمات نفسية خلفتها سنوات الحرب، وأرخت بظلالها على حياتنا بكثير من القسوة والعنف.
التوليفة التجريدية و الفضاء الذي يرتع سلمان فيه بأبعاد الذات، و مكنوناتها المتعددة، الدفينة والمتجليّة، يبحث عن ذاته في اللوحة، ويبحث عن اللوحة في ذاته، يتفاعلان تفاعًلا جدليّاً، فلا الفنان قالب جامد، ولا اللوحة صورة جاهزة، مُسْبَقة التشكّل، والانبثاق، اللوحة كأنها حفلة تجريب، وتغيير، وتفاعل، وغَوْصٌ ليس بعيداً عن الواقع، بل يصب في صلبه ويعكس سماته وملامحه المتشكلة خلال السنوات العجاف الأخيرة.
لكن سلمان، في معرضه هذا، لا يغلق الباب في وجه الأمل الذي نستمده من الطبيعة القادرة على تجديد ذاتها ، وإضفاء مسحة جمال على حياتنا حيث نراه يحاكي بلوحات آخرى الطبيعة ببهائها وجمالها وتكويناتها المتعددة ، يفتح نافذة نحو المدى المشرق والاخضرار المعبر عن نسغ الحياة التي يراها في الأرض والشجر والزهر بتنويعاته الطافية فوق المدى، وفي المحيط الضيق الذي يتجلى في الروح التواقة إلى الانعتاق من الموت، والبحث عن حياة جديدة.