دراساتصحيفة البعث

السياسيون اليابانيون يضعون أمن بلادهم على المحك

عائدة أسعد

لا يخفى على أحد أن الولايات المتحدة تريد ربط اليابان بشكل أكثر إحكاماً بعربة الحرب الخاصة بها، وذلك كما يتضح من قانون تفويض الدفاع الوطني الأمريكي للسنة المالية 2024، والذي أقرّه مجلس الشيوخ الأمريكي في نهاية الشهر الماضي، ويتطلب الأمر من وزير الدفاع الأمريكي وضع خطة لتعزيز التعاون الأمني الأمريكي مع اليابان.

فقد بدأت الحكومة الأمريكية بناءً على هذا البند مناقشات مع اليابان، حيث تتحرك الأخيرة لإنشاء أول مقر عملياتي مشترك دائم لقوات الدفاع الذاتي اليابانية، وذلك وفقاً لتقارير وسائل الإعلام اليابانية، ونقلاً عن أشخاص مطلعين على الأمر. كما سيشرف المقر الجديد، الذي من المتوقع أن يبدأ العمل بحلول آذار 2025 على عمليات الفروع الثلاثة لقوات الدفاع الذاتي اليابانية.

لقد عفا الزمن على علاقة السيف والدرع طويلة الأمد بين الولايات المتحدة واليابان، حيث تكون الولايات المتحدة بقدراتها الهجومية هي السيف واليابان هي الدرع الذي يوفر الملاذ، بالإضافة إلى أنه مع اكتساب اليابان لقدرات هجومية بعيدة المدى مثل صواريخ توماهوك كروز، والإشارة إلى استعدادها للمشاركة في العمليات العسكرية، تريد الولايات المتحدة إنشاء عناصر قيادة مشتركة في اليابان لجعل التحالف أكثر تكاملاً وفعالية من الناحية التشغيلية، ولذلك يقال إن الجيش الأمريكي يقترح تعديل هيكل قيادته في اليابان لتنسيق أفضل مع قوات الدفاع الذاتي اليابانية.

وأما السياسيون اليمينيون في اليابان فقد ضغطوا لسنوات عديدة بقوة من أجل مراجعة دستور البلاد السلمي، وخاصة التغييرات في المادة 9 التي تنبذ الحرب، وذلك في محاولة لجعل اليابان دولة طبيعية بجيش كامل، ولكن لتبرير التغيير الجذري في السياسة والذي واجه معارضة عامة واسعة، استشهدت طوكيو بالتهديدات الأمنية الخارجية باستخدام قضية إعادة توحيد بكين مع جزيرة تايوان كذريعة سهلة، ويؤكد الادعاء الاستفزازي بأن حالة طوارئ لتايوان هي أيضاً حالة طوارئ لليابان على تحول ملحوظ في موقف اليابان بشأن القضية الأكثر إثارة للجدل.

لقد أصبحت سياسة اليابان عدوانية بشكل متزايد، حيث أعلنت عن خطط لزيادة إنفاقها الدفاعي إلى 2٪ من ناتجها المحلي الإجمالي في غضون خمس سنوات، وهي زيادة دراماتيكية لدولة تتبنى موقف الدفاع فقط منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وعلاوة على ذلك، أعدّت القوات المسلحة للولايات المتحدة واليابان بالفعل مسودة خطط لعملية مشتركة في حالة نشوب حرب محتملة تشمل تايوان.

إن المناقشات الأخيرة هي مجرد تعديل آخر لجهود مسؤولي البلدين التعاونية الهادفة إلى المساومة على إعادة توحيد الأمة الصينية من أجل جدول أعمالهم الخاص، ومسألة تايوان تتعلق بسيادة الصين وسلامة أراضيها، لكن يبدو أن السياسيين في اليابان يضعون أمن بلادهم على المحك في المضاربة على لعب واشنطن بـ”ورقة تايوان”.