مجلة البعث الأسبوعية

قطاع الأعمال بين مرحب ومتحفظ بالقرار رقم 970! بعضهم اعتبره خطوة إيجابية.. والآخر يدعو للتريث بانتظار النتائج على أرض الواقع!

البعث الأسبوعية – محمد العمر   

تضاربت آراء قطاع الأعمال حول القرار ٩٧٠ المتعلق بتمويل المستوردات عبر المنصة، بين متفائل يرى أنه استكمالاً للقرار رقم  ١٠٧٠ وتوضيحاً له في كيفية التمويل ومدة العملية التي كانت تأخذ أشهراً طويلة، ما يتوجب منح القرار الوقت الكافي ليثبت نفسه على أرض الواقع، وبين متشائم يجد بأن القرار لم يغير شيء وإنما جاء -حسب وجهة نظره- ناقصاً بمحتوياته وأنه كان من الأفضل تعديل بعض الفقرات لحلحلة المشكلات والعوائق التي تواجه المستوردين في جلب البضاعة.

ويشار في هذا السياق أن القرار 970 أنهى العمل بالقرار رقم 1070 لعام 2021، ليوسِّع القرار الجديد القائمة التي تسمح لمستوردي المواد الأولية ومستلزمات الإنتاج من الاعتماد على مصادرهم الذاتية لتمويل مستورداتهم، وذلك بهدف دفع العملية الإنتاجية ومنح مرونة أكبر لتطوير قطاع الإنتاج.

خطوة ايجابية

الصناعي نزيه شموط أبدى تفاؤله بصدور القرار بعدما أنهى القرار السابق رقم  ١٠٧٠ واعتبر أن قرار البنك المركزي الجديد الخاص بتمويل المستوردات خطوة إيجابية، حيث أنه سيخفف من الفترة التي كانت تأخذها المنصة من 3 إلى 4 أشهر  إلى فترة أقصر من ذلك، موضحاً أن المستورد كان يودع قيمة مستورداته لدى شركة صرافة، ليتم تحويل قيمة البضاعة للشركات خارج سورية بالدولار، مشيراً إلى طول هذه الفترة أوجدت فوارق بقيمة القطع الأجنبي من لحظة إيداع ثمن مستورداته لدى شركة الصرافة، إلى يوم تحويله إلى الشركة الموردة، مما جعل الفوارق هذه تضاف على قيمة البضاعة وتؤثر بالنهاية على السعر المباع، وأكد أنه حالياً رغم انخفاض قيمة الليرة السورية مع انخفاض قيمة الموارد، فإن ذلك سيساعد  على التصدير، ودعم الصناعة والاقتصاد الوطني بقطع أجنبي، ووصف شموط هذه الخطوة بالجيدة التي ستساهم في المرحلة المقبلة بدعم العملية الإنتاجية وتذليل الصعوبات التي تعترض عمل النشاط التجاري والصناعي في ظل العقوبات المفروضة.

كما أبدى الصناعي محمد الأشقر تفاؤله بهذا التعديل مشيراً إلى أن تنفيذ هذا الإجراء يحتاج للوقت الكافي ومن السابق لأوانه الحكم عليه الآن،  معتبراً أن أهم الايجابيات وفق هذا القرار 970 هو تجاوز أهم سلبيات التمويل عبر المنصة، والمتمثلة بتأخر تنفيذ صفقات الاستيراد وتبعات هذا التأخير على تغير وارتفاع  سعر دولار الاستيراد، والأهم هو تجاوز مشكلة ارتفاع تكاليف الاستيراد عبر هذه المنصة، مما  سيساعد المنتجات السورية على التصنيع والمنافسة في الأسواق العالمية.

ومن جهة أخرى -حسب الأشقر- أنه هو خطوة جيدة لتحسين بيئة الأعمال ورفع من فرص الصادرات والاستثمارات، لخلق بيئة استثمارات صاعدة تحقق التنمية الاقتصادية المستدامة وترفع من مستوى المعيشة عند المواطن.

لننتظر ونرى!

لكن الأمور فيما يتعلق بإلغاء قرار تمويل المنصة السابق حسب عضو غرفة تجارة دمشق محمد حلاق لم تكتمل بعد، فما زال هناك نواقص، حيث لم يتم إلغاء المنصة كاملاً، بل كان بشكل جزئي، لذلك لا بد من انتظار النتائج كون المستهلك لن يشعر فوراً بهذا التوازن السعري، أو الانخفاض النسبي في الأسعار، لأن ذلك يحتاج لوقت يعادل حجم تنفيذ إجازات الاستيراد التي ستمول وفق الآلية الجديدة، وأوضح الحلاق أن تنفيذ أية إجازات استيراد يحتاج لحدود 3 أشهر (فترة الحصول على الإجازة والتعاقد والتمويل وشحن البضائع وتخليصها) لكن ذلك سيكون مع حالة استقرار وتوازن في الأسعار، لأن إلغاء آلية التمويل السابقة (المنصة) سيسمح بتواتر وصول البضائع ويزيد من حالة التنافسية التي تسهم في استقرار وانخفاض الأسعار، مبيناً أن ما حدث بهذا القرار الجديد أنه تم جمع كل التعليمات التي صدرت خلال عامين، وأطرت بنظام خاص وأسلوب معين، إذ أنه حدد التمويل من خلال المصارف العاملة أو شركات الصرافة المرخصة أو من حساب المستورد بالقطع الأجنبي، فآلية التمويل الجديدة كما يرى حلاق لا تختلف بشكلها كثيراً عن الآلية السابقة لجهة خيارات التمويل، لكن هنا بالقرار الجديد أضاف إمكانية التمويل من مصادر خارجية، هي من حيث المبدأ سهلة للمستورد كمعطيات، ولكنها صعبة في إثبات المصادر من الخارج، لأن ما يهم بالنهاية اليوم هو توفر المواد بانسيابية دون انقطاع، كون توفر المواد هو منعكس لراحة الصناعي والتاجر والمستورد معاً، مبيناً أنه يقع على عاتق الدولة منح القطع الأجنبي من قنوات نظامية وقانونية، كما أنه لابد من إعادة النظر في العديد من القرارات وأنظمة العمل التي تحكم النشاط الاقتصادي، واعتبر أن المنصة من بدايتها لم تحقق أي استقرار في سعر صرف الدولار من جهة، وتحريك العملية الانتاجية من جهة أخرى، لا بل إنها أحدثت مشكلة في توفير البضاعة بالأسواق.

 

كما أن المنصة وفق رأي عضو غرفة تجارة دمشق ياسر إكريم كانت عملية فاشلة في النظام المفتوح والاستقطاب الرأسمالي، وهي تعد أحد أسباب ارتفاع الأسعار الجمركية وحصول الفوضى بالأسواق من ارتفاع كبير بأسعار السلع الذي هو نتيجة تخبط وارتباك في القرارات والقوانين التي وضعت كحجر عثرة أمام التجارة والصناعة من حيث الشروط المعقدة  للاستيراد التي حددها القرار 970 وإحجام الكثير من المستوردين بالتالي عن العمل، ما أوجد تضخما واسعاً في الأسواق بعدما تحوط التجار والصناعيون في بضائعهم، مبيناً أن قطاع الأعمال طالب بتواصله مع أصحاب الشأن، بإيجاد بديل للمنصة وهذه القرارات، والإسراع في تغيير القوانين الاقتصادية بما يتناسب مع مرحلة الانفتاح التي حصلت حيث أن رؤوس الأموال كما هو معروف لا تستثمر في تربة غير مناسبة.

التمويل ليس مهمتها

الأستاذة الجامعية في جامعة دمشق والخبيرة الاقتصادية رشا سيروب لها وجهة نظر مختلفة خاصة من ناحية التمويل عن طريق شركات الصرافة، فقد اعتبرت أن قرار 970 لم يلغي المنصة أساساً، بل جاء لتحديد الآليات التي كان يعاني منها المستورد بالقرار السابق خاصة عندما حدد فترة التمويل، وصارت عملية البيع عن طريق شراكات الصرافة، رغم وجود خطأ بقوانين إحداث شركات الصرافة، فهي حسب مهمتها تعتبر وسيط بين تمويل المستوردات ومصارف محلية، لكن أن تكون صاحبة القرار بتمويل مستورد عن غيره، فهنا يكمن الخلل، إذ يجب أن يكون هذا الأمر تحت سيطرة البنك المركزي، أو عن طريق المصارف، مشيرة إلى أن القرار لم يحدد ما هي النسبة التي يجب أن يدفعها المستورد وكيفية حجز دوره بالتمويل، ولا حتى كيفية تحديد السعر للبضاعة، لكن بالنهاية ستكون حتما لشركات الصرافة دون منازع، مبينة أن المنصة غير مشرعة قانونا، ومن الغريب عندما يكون قرار له سلطة أكثر من قانون، فشركات الصرافة، وفق إحدى مواد قانون إحدثها يحظر عليها ممارسة عمل آخر عدا أعمال الصرافة المرخص لممارستها، يعني المتعلق بشراء القطع وبيع القطع، وكما يحظر عليها قبول الودائع والأمانات وفتح أو مسك حسابات جارية أو ودائع للمتعاملين، فأما أن تدخل في تمويل المستوردات، فهذا غير منطقي أبدا حسب قول سيروب، خاصة حين كان المستورد قبل 2021 يلجأ لشركات الصرافة بشكل غير نظامي لشراء القطع الأجنبي لتمويل المستوردات سابقا.

تضخم الأسواق!

بدوره أمين سر جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها والخبير الاقتصادي عبد الرزاق حبزة أكد أن منصة التمويل بما خلقته من مشاكل قديمة وحالية في سوق الأعمال كانت مخيبة للآمال، حيث كان يجب العمل على إلغائها نهائياً وليس بشكل مجتزئ، وما جرى من إيجاد قرار بديل هو التفاف على القرار السابق بعدما أدخلت مواد وأخرجت غيرها، مع أن هذا يحتاج لدراسة أكثر لأنها لم تعطي ثمارها على أرض الواقع، وحسب قوله هذه العملية ضبطت سعر الصرف لفترة من الفترات، لكنها اليوم أخرجت الأمور من نصابها بعدما ارتفع كل شيء، مبيناً أن المنصة لم تلغى، والمواد التي تم إعفاءها من المنصة هي مواد قليلة بدليل ارتفاع المواد التي هي بالمنصة كأعلاف وزيوت وسكر ومواد أساسية من البن والشاي وغيرها، ونحن بحاجة لأكثر من المواد التي تستثنى من قيود المنصة، فالارتفاع مستمر، ولابد من التدخل الإيجابي من الدولة بعيدا عن التجارب التي تحصل.

وأشار حبزة إلى أن الانخفاض الكبير في سعر صرف العُملة المحلية وما رافق ذلك من تراجع بالقوة الشرائية قد أدى إلى تشوّه في بنية آلية التسعير وأفرز مستويات عالية من تضخم الأسعار، ترافق ذلك مع نسب تضخم عالية مصحوبةٍ بمظاهر ركودٍ واضحة، لذا لابد من إيجاد قوانين تخدم الأسواق وتوفر لها البضاعة بشكل مناسب، لأن توفر البضاعة بانسيابية وإعادة دوران الإنتاج يحقق التوازن للأسواق ويقوي من قيمة الليرة السورية وهو أحوج ما نكون له اليوم.