ابني المراهق لا يريد الدراسة.. ما هي أسباب ذلك؟
“البعث الأسبوعية” ــ لينا عدرا
في مرحلة المراهقة، يبدأ أطفال كثيرون، كانوا دائماً مسؤولين ومجتهدين، بالأداء السيئ في المدرسة. وعندما لا يرغب المراهق في الدراسة، يمكن للوالدين الشعور بالإرهاق لرفضه المتكرر. إذ ليس من السهل التحدث إلى مراهق في هذا العمر، وحثه على الاستماع. هنا، سوف نستكشف أساس هذا الموقف، ونقدم لك بعض الإرشادات للتعامل معه.
عدم وجود الحافز
مع الانتقال إلى مرحلة المراهقة، غالباً ما يغير العديد من الأطفال، الذين كانوا جديين ومجتهدين في مهامهم المدرسية، سلوكهم. إن حاجتهم إلى الاستقلال والأهمية الكبيرة للحياة الاجتماعية، وزيادة اندفاعهم يمكن أن تؤدي لدى بعض الشباب إلى إضعاف أدائهم المدرسي.
في هذا السياق الجديد، قد تتوقف الدراسة عن أن تكون أولوية بالنسبة للمراهقين، وقد يبدؤون في التساؤل عن فائدة ما يدرسونه ويفقدون الدافع بسهولة.
وهكذا.. على عكس ما كان يحدث خلال مرحلة الطفولة، لم يعد الثناء والاعتراف بجهود الوالدين يشكل تعزيزاً بالنسبة لهم. حيث تتميز المراهقة بالرغبة في تأكيد الذات والبحث عن الهوية الفردية، وهو ما يتحقق عادة من خلال معارضة الوالدين.
من ناحية أخرى، فإن الاستمرار في الدراسة يعني الاستمرار في الاعتماد على الوالدين على عدة مستويات. وقد يرغب الطفل في أن يكون مسؤولاً عما يفعله بوقته وماله، وفي هذه الحالة، قد يكون دخول عالم العمل بسرعة أمراً مغرياً.
ضعف المهارات المدرسية
من ناحية أخرى، من الممكن أن يكون سبب هذا التراجع في الأداء الدراسي مختلفاً تماماً. فقد يواجه المراهق صعوبات كبيرة، سواء أكانت مدرسية أم اجتماعية، وقد لا يمتلك الموارد اللازمة للتعامل معها. في هذه الحالة، يقرر أن التوقف عن الدراسة هو طريقه الوحيد للخروج.
وهناك العديد من المواقف التي قد تدفع المراهق إلى اتخاذ موقف اللامبالاة الكاملة تجاه الدراسة:
- الافتقار إلى مهارات وتقنيات الدراسة المفيدة.. ربما تمكن من مواكبة الدروس في الصفوف السابقة، لكن مع زيادة الصعوبة، تبدأ أوجه القصور هذه في التأثير.
- يصعب عليه فهم مضمون بعض المواد ولا تكفيه شروحات المعلم.
- يعاني ابنك المراهق من إعاقة في التعلم لم يتم اكتشافها أو علاجها بعد، وهو ما يولد إحباطاً وعجزاً كبيربن عندما يتعلق الأمر بالدراسة.
- قد يكون هناك حالة من التنمر من قبل المعلمين أو الطلاب. ربما يعاني الشاب من مشاكل في التكيف وهذا يدفعه إلى رفض المدرسة.
ماذا لو لم يرغب ابني المراهق في الدراسة؟
بادئ ذي بدء، من الضروري التحدث، والاستماع خاصة إلى أسباب عدم رغبة ابنك المراهق في مواصلة دراسته. فهذه هي الطريقة الوحيدة لمعرفة السبب، ولتكون قادراً على تطبيق الحلول اللازمة. وستكون مقاربة الحالة مختلفة تماماً إذا كانت ناتجة عن نقص في الحوافز أو القدرات.
من ناحية أخرى، علينا أن نضع توقعاتنا جانباً؛ فنحن كآباء نعرض جميعاً صورة لما نأمله لأطفالنا، أو ما نريد لهم أن يفعلوه في المستقبل. وعندما لا تتطابق أهدافهم مع مُثُلنا، يجب أن نتذكر أنها حياتهم، وأن دورنا سيتمثل في دعمهم وتوجيههم لتحقيق أهدافهم.
أما إذا كنت ترغب في تحفيز ابنك المراهق على الدراسة وتحسين درجاته، فيمكنك اتباع هذه النصائح التالية:
تحدث إلى طفلك واستمع
يعد التحدث مع ابنك المراهق أمراً ضرورياً لأنه يمكنك تقديم المشورة والمساعدة عند الحاجة. ولكن هناك جانباً آخر غالباً ما نتغاضى عنه، وهو الاستماع. إذ من المهم أن يشعر المراهق أننا نصغي إليه وأننا نتفهم مشاكله ومخاوفه دائماً، دون الشعور بأننا نعرضه للمحاكمة.
أيضاً، يجب أن تحاول ألا تفرط في تحميل طفلك عبء واجباته المدرسية. لا يجب أن يكون أداؤه المدرسي الضعيف دائماً الموضوع الرئيسي للحديث معه؛ ويمكنك محاولة إجراء مناقشة عامة ومحاولة معرفة المشكلة.
ابحث عن المشكلة وحاول حلها
كما ترى، يمكن أن تكون أسباب عدم رغبة ابنك المراهق في الدراسة متعددة. والأمر متروك لك لمحاولة فهم المشكلة ومحاولة حلها. لهذا، يمكنك الاعتماد على المعلمين وحتى خبراء الصحة النفسية، أو الأطباء النفسيين.
احترم مساحتهم وكن أكثر مرونة
كما ذكرنا، تتميز المراهقة بالبحث عن الهوية الفردية وتأكيد الذات. وكل هذا يمكن أن يؤدي بالمراهق إلى التمرد على سلطة الوالدين، وحتى إضعاف أدائه الدراسي. ويتم ملاحظة هذه الحقيقة بشكل متكرر لدى المراهقين الذين يعيشون في كنف أهل صارمين للغاية.
بهذا المعنى، يوصي مختصو التربية بأن تكون أكثر مرونة مع طفلك وأن تحترم مساحته. وهذا لا يعني أن من حق طفلك أن يفعل ما يريد. مع ذلك، من الجيد أن يكون لديه هواياته الخاصة، وأن تكون لديه منطقة خاصة به، دون أن يتعرص للتأنيب أو يشعر أنه تحت المراقبة. بهذه الطريقة، يمكن أن يقلل تمرده، ويمكن أن يحسن دراسته.
ابحث عن حلول في هذا الشأن
إذا كان طفلنا يعاني من صعوبات مدرسية، فقد يحتاج إلى دروس خاصة للتقدم في موضوع ما. إذا كان لديه مشكلة في التكيف الاجتماعي، فقد يكون من المناسب التفكير في تغيير المدرسة. لكن إذا كان أصل كل شيء هو عدم وجود الدافع، فعليك أن تجد معه الأهداف التي تحفزه.
إن التعليم الرسمي إلزامي حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي، ولكن من الممكن إيجاد طريقة لإدماج هذا التعليم بشغف يحفزههم. وبعد الانتهاء من التعليم الثانوي، يتعين علينا استكشاف جميع الخيارات حتى نجد ما يناسب رغبات مراهقينا واحتياجاتهم.
إن المدرسة الثانوية والجامعة ليستا الطريق الصحيح الوحيد للحياة، ولا الأفضل على أي حال. إذ توجد دورات تدريب وتأهيل مهني في مدارس ووكالات مختلفة. والأمر الرئيسي هو جعل الشاب يفهم أنه مهما اختار، يجب أن يسعى جاهداً لتقديم أفضل ما لديه.