أخبارصحيفة البعث

فلسطين بين الخير والشر

شنت فصائل المقاومة  الفلسطينية واحدة من أكبر الهجمات المفاجئة في السابع من شهر تشرين الأول الحالي، وأعربت الولايات المتحدة عن وقوفها التام  إلى جانب “إسرائيل” من خلال  وزير خارجيتها أنتوني بلينكن الذي وصل إلى يوم الخميس في الثاني عشر من الشهر الحالي لإظهار الدعم الأمريكي. وفي ذات السياق اعتبرت نيكي هالي، سفيرة الأمم المتحدة السابقة وحاكمة ولاية كارولينا الجنوبية، إن هذا  الهجوم لم يكن  مجرد هجوم على “إسرائيل”، بل كان هجوماً على أمريكا.

إن هذا الموقف خطير للغاية، وذلك لأن دعم الولايات المتحدة لـ “إسرائيل” دون قيد أو شرط مع تجاهل المصالح المشروعة للفلسطينيين من شأنه أن يجعل الوضع أسوأ. تلقي هالي وساسة أمريكيون آخرون اللوم على فصائل المقاومة، لكن القضية أكبر من ذلك بكثير، حيث إنها تتعلق بتقسيم فلسطين منذ عام 1948. كما أن القضية الحقيقية تركز في الواقع على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، الذين يريدون إنشاء بلدهم الشرعي والمعترف به قانونياً، والطريق الذي يجب إتباعه هو التوصل إلى حل دائم للصراع الفلسطيني الإسرائيلي  لضمان السلام العادل والشامل.

في السنوات الأخيرة، لم تفكر الولايات المتحدة والعديد من الدول الأخرى في إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة، بل كل ما يريدونه هو خلق وضع لا يعود فيه للفلسطينيين دولتهم المستقلة. وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن فلسطين سوف تندمج في” دولة إسرائيل” كجزء من” إسرائيل”، بدلاً من أن تتاح لها أي فرصة لإقامة دولة مستقلة حقيقية.

إن الطريقة التي تتعامل بها الولايات المتحدة مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تشكل مثالاً آخر على افتقار الولايات المتحدة إلى الحكمة والشجاعة اللازمة للقيام بالتصرف الصحيح . لقد تفاجأت الولايات المتحدة بما يحدث، وهي في الواقع عالقة في موقف لا يوجد فيه حل حقيقي وعملي وواقعي.  وبسبب الطريقة التي تسير بها الأمور الآن، فإن التحرك في الاتجاه الخاطئ سيؤدي في الواقع إلى تفاقم الوضع، وقد يتطور الصراع إلى صراع إقليمي ويدفع منطقة الشرق الأوسط مرة أخرى إلى فترة خطيرة من الصراع والتنافس والحرب والمواجهة . لقد أظهرت الولايات المتحدة عن نواياها الحقيقية، فهي لا تريد سوى الترويج لحل الدولة الواحدة، متجاهلةً المصالح المشروعة للشعب الفلسطيني.

وبمقارنة موقف الصين مع الولايات المتحدة، يظهر وضوح موقف الصين الداعم للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، كما إنها تؤيد حل الدولتين، فالصين تدعم السلام وعودة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني.  لذلك الفرق بين الصين والولايات المتحدة فيما يتعلق بهذا الصراع بين “إسرائيل” وفلسطين هو كالفرق بين الخير والشر.

والآن، من غير الواقعي بالنسبة للولايات المتحدة  توقع أن تتصرف الصين كما تتصرف هي، ومن سوء التقدير الكبير أيضاً أن تتوقع الولايات المتحدة من دول أخرى، وخاصة دول مثل السعودية وإيران وسورية، أن تحذو حذوها، فهذه الدول هم إخوة وأخوات حقيقيون للشعب الفلسطيني، ولا يمكنهم تحمل رؤية الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني تُداس وتُنتهك.

يتوجب على الولايات المتحدة أن ترى الأمور كما هي على حقيقتها، بدلاً من أن تظل عمياء، وإلا فإنها سوف تخسر أصدقاء، وخاصة في العالم العربي، كما وينبغي ألا تكون أي إدانة للإرهاب قناعاً أو ذريعة لتجاهل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتحويلها إلى رماد. من هنا سينظر التاريخ إلى ما يحدث اليوم ليصدر حكمه النهائي، وهو أن الذين يدعمون حقاً الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني هم الأصدقاء الحقيقيون للعرب ولقضاياهم .

عناية ناصر