مجلة البعث الأسبوعية

“الأهلي العربي المعمداني”.. أقدم مشفى في غزة وأكبر مجزرة في تاريخ القطاع

“البعث الأسبوعية” – لينا عدرا

استهدفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي المستشفى الأهلي العربي المعمداني، مساء يوم الثلاثاء 17 تشرين الأوّل 2023، لتحوّله إلى ساحة لأكبر مجزرة في تاريخ قطاع غزة، حيث أحال قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي المئات من المرضى والنازحين – معظمهم من النساء والأطفال – إلى أشلاء، فيما تصل بعض التقديرات بالعدد إلى ألف شهيد، ما قد يجعل مذبحة المستشفى المعمداني أكبر مذبحة توقعها إسرائيل بالشعب الفلسطيني، وبأي من البلدان العربية.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة في قطاع غزة، الدكتور أشرف القدرة، إن معظم ضحايا مجزرة المستشفى المعمداني بغزة “أطفال ونساء غابت ملامحهم”، وفق ما جاء في تصريح للمتحدث نُشر على فيسبوك، تعليقاً على قصف الاحتلال المستشفى الأهلي العربي (المعمداني) في غزة.

 

أقدم مشفى في قطاع غزة

يُعد المستشفى الأهلي العربي المعمداني أقدم مشفى في قطاع غزة، إذ بني قبل النكبة بأكثر من نصف قرن، ويرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1882، على يد جمعية الكنيسة الإرسالية التابعة لكنيسة إنجلترا، واستمر في تقديم خدماته العلاجية وكان تابعاً للكنيسة الإنغليزية حتى أسندت إدارته فيما بعد إلى المذهب المعمداني الجنوبي بعثة طبية، وذلك بين عامي 1954 و1982. ليعود بعد عدد من السنوات لسابق عهده تابعاً لإدارة الكنيسة الأنغليكانية في ثمانينيات القرن الماضي.

بُني المستشفى وسط مدينة غزة في أحد المربعات السكنية المكتظة بحي الزيتون، وتحيط بالمستشفى كنيسة القديس برفيريوس ومسجد الشمعة ومقبرة الشيخ شعبان، ويتبع الكنيسة الأنغليكانية في القدس المحتلة.

أُطلق اسم المعمدانى على المستشفى في الفترات الأولى من تأسيسه، نسبة إلى جمعية الكنيسة الإرسالية التابعة لكنيسة إنغلترا، إلا أن ذلك الاسم تغير بمرور الوقت ليصبح في الأخير يحمل اسم المستشفى الأهلي العربي المعمدانى – غزة.

تعرض المستشفى المعمداني أثناء الحرب العالمية الأولى للتدمير، لكن أعيد بناؤه ثانية في عام 1919، وأطلق عليه اسم المستشفى الأهلي العربي.

عند انتهاء حقبة الانتداب البريطاني على فلسطين، حيث كانت غزة تابعة لمصر قررت البعثة التبشيرية الإنجيلية التابعة لإنجلترا إقفال أبواب المستشفى، لكن البعثة المعمدانية تكفلت به وبإدارته.

وفي أواخر الأربعينيات وخمسينيات القرن الماضي، نشب خلاف حول ملكية المستشفى عقب إلغاء الإدارة المصرية قانون الوقف الأهلي في غزة، مما عرض ممتلكاته وأراضيه لخلاف على الملكية.

 

لكن المشرفين على المستشفى استمروا في تقديم الخدمات للمرضى رغم الاحتلال الإسرائيلي للقطاع عام 1967، كما بنوا طابقا ثانياً ليضم مكتباً ومختبرا وثلاث غرف خصصت لأغراض علاجية متنوعة.

وقدمت إدارة المستشفى خدمات تدريب للطلاب المحليين واعتمدتهم فنيين بالمختبرات، بالإضافة إلى تأسيس أول وحدة علاج طبيعي بالقطاع.

لكن المستشفى تعرض لانتكاسة جديدة في عام 1976، عندما قطعت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطنينيين (الأونروا) المساعدات عنه وأوقفت دعمها لمدرسة التمريض التابعة له، فتراجعت خدماته وتقلص عدد موظفيه، حيث انخفض عدد الاطباء فيه إلى ثلاثة فقط ومعهم 28 ممرضاً، الأمر الذي أدى إلى تراجع عدد المرضى فيه.

وفي نهاية السبعينيات، عادت ملكيته لأبرشية القدس الأسقفية.

وواصل المستشفى تقديم خدماته بعد تلقيه التمويل من الجمعية المتحدة الفلسطينية في الولايات المتحدة.

وتم بناء أقسام أخرى إضافة إلى توفير معدات طبية متطورة له ليتحول إلى مؤسسة صحية تضم أقساماً مختلفة. فقد أضيف إليه قسم الطوارئ والعمليات الجراحية مثل جراحة العظام، إلى جانب أقسام أخرى مثل قسم الولادة، والعلاج الطبيعي، والحروق، وقسم الأشعة والعيادات الخارجية والمختبر الخاص به.

 

أبشع مجزرة في تاريخ القطاع

كان المستشفى الأهلي العربي المعمداني مسرحاً لأكبر وأبشع مجزرةٍ ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة في التاريخ، إذ سقط 500 شهيد على الأقل في قصف شنّته مقاتلات الاحتلال على ساحة المستشفى الأهلي المعمداني، وفق ما أعلنته وزارة الصحة في القطاع.

وكانت إحداثيات المستشفى – الذي لم يستهدف قط خلال الحروب الإسرائيلية السابقة على القطاع – قد وصلت إسرائيل سابقاً عبر الصليب الأحمر، في حين أكدت وزارة الصحة في قطاع غزة أن المجزرة سبقها تهديد صريح وتحذير مباشر من الجيش الإسرائيلي.

يشار إلى أن الكنيسة الأنغليكانية الأسقفية في القدس المحتلة أدانت قصف الاحتلال الإسرائيلي المستشفى الأهلي العربي المعمداني في غزة، واصفة ذلك بالجريمة ضد الإنسانية، وأكدت أنه “يستحق الإدانة والعقاب الدوليين”.