مجلة البعث الأسبوعية

فضيحة جديدة تهزّ الكرة الإيطالية.. ولا بوادر لحلٍّ نهائي لأقدم أمراض الكالتشيو

البعث الأسبوعيّة-سامر الخيّر

عادت فضائح المراهنات في عالم الكرة الإيطالية إلى الظهور من جديد بعد أن تورط منذ شهر تقريباً لاعب يوفنتوس نيكولو فاجيولي، في مراهنات غير شرعية لتكرّ وراءه السبحة لاعباً تلو الآخر ونادياً بعد نادٍ، واعترف اللاعب بذلك عندما تمّ التحقيق معه في تورينو، كما استجوب ساندرو تونالي ونيكولو زانيولو، قبل خروج الثنائي من معسكر المنتخب الإيطالي.

ويعتبر البولندي نيكولا زاليفسكي ظهير نادي روما أحدث لاعب يظهر ضمن المتورطين في فضيحة المراهنات، ومع انتشار صدى هذه القضية وظهور أسماء المتهمين، فإن لاعبين آخرين يمكن أن يكونوا متورطين في الأزمة.

وإذا تمت إدانة فاجيولي بالمقامرة في مباريات كرة القدم الرسمية، فإنه يواجه خطر الإيقاف لمدة تصل إلى 3 سنوات بجانب تغريمه ما يزيد على 25 ألف يورو، وتنصّ المادة 24 من قانون العدالة الرياضية، على أنه يحظر على لاعبي كرة القدم المحترفين المراهنة في الأحداث الرسمية التي ينظمها الاتحاد الدولي والأوروبي، وأنه لا يمكنهم المراهنة بشكل مباشر أو غير مباشر.

وكان الاتحاد الإيطالي لكرة القدم قد استبعد اللاعبين زانيولو وتونالي من معسكر المنتخب، رغم الحاجة إلى خدماتهما في مواجهتي مالطا ثم إنكلترا في تصفيات بطولة أوروبا 2024، وذلك في إجراء احترازي بعد أن تم إعلام الاتحاد بأن الشرطة بصدد التحقيق في الملف.

ومن شأن هذه القضية أن تهدد أندية الكالتشيو خاصة في حال اتساع التحقيقات لتشمل لاعبين آخرين، وهي أزمة جديدة قد تعصف بكرة القدم الإيطالية التي تعاني من عديد من المشكلات في المواسم الأخيرة وخاصة منها الأزمات المالية التي تعاني منها الأندية وكذلك أزمة العنصرية والعديد من القضايا الأخرى.

وتتزايد الفضيحة بسرعة وتهدد برؤية عدد من اللاعبين يتعرضون للإيقاف عن ممارسة كرة القدم، وهو ما قد يستمر لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.

ويعدّ التلاعب بنتائج المباريات مرضاً قديماً في الكرة الايطالية، نظراً لانتشار ظاهرة المراهنات في أرجاء البلاد ودعمها من قبل الحكومات المتعاقبة، ومنذ نشأت الكرة الإيطالية اشتهرت ثلاث فضائح شوهت جمال الكالتشيو، وأولها ما عرفت بالـ “توتونيرو” في سبعينيات القرن الماضي، وتم إدراتها من قبل منظمة غير قانونية مقرها نابولي بدون ضرائب ومن غير حدود للمراهنات، وسميت الفضيحة الأولى لكرة القدم الإيطالية، نسبة للجانب المظلم من الرهانات، وتسبّبت في إيقاف باولو روسي هدّاف مونديال 1982 لثلاثة أعوام، ثم خُففت العقوبة إلى عامين وهبط ميلان إلى الدرجة الثانية، حيث ظهرت أنباء عن انتشار رشاوى بين اللاعبين ووجود تلاعب في المراهنات الرياضية.

وقام الاتحاد الإيطالي لكرة القدم على إثر تلك الفضيحة بمعاقبة ناديي إيه سي ميلان ولاتسيو بالهبوط إلى دوري الدرجة الثانية، وإيقاف رئيس ميلان لـ4 سنوات وكذلك مهاجم المنتخب الإيطالي باولو روسي لعامين.

وفي حزيران 2006 أعلن الاتحاد الإيطالي لكرة القدم عن تورط أربعة أندية بفضيحة الـ “الكالتشيوبولي” في الدوري الإيطالي، هم يوفنتوس وفيورنتينا ولاتسيو وريجينا، وصدرت عقوبات ضد تلك الأندية حيث هبط نادي يوفنتوس للدرجة الثانية للمرة الأولى في تاريخه مع خصم 9 نقاط منه، وسحب لقبي دوري 2005، 2006.

كما تم خصم 12 نقطة من نادي فيورنتينا و15 نقطة من نادي ريجينا مع غرامة 68 ألف يورو و3 نقاط من نادي لاتسيو ومنعه من المشاركة في الدوري الأوروبي، بجانب إيقاف أكثر من 20 لاعباً وحكماً لمدة تتراوح من عامين إلى خمسة أعوام.

وظهرت في تموز من عام 2011 فضيحة الـ “كالتشوسكوميسي”، حيث داهمت الشرطة الإيطالية معسكر المنتخب الإيطالي الذي يتحضر لخوض يورو 2012، وألقت القبض على لاعب المنتخب دومينيكو كريتشيتو.

وتمّ خصم 6 نقاط من 15 نادي بالدرجات المختلفة للدوري الإيطالي، مع فرض غرامة مالية تتراوح بين الـ 20 والـ 50 ألف يورو، كما تمّ حظر 19 لاعباً ومدرباً عن أنشطة كرة القدم لمدة تتراوح من 3 إلى 5 سنوات من بينهم لاعبان بالمنتخب الإيطالي، والمدرب أنطونيو كونتي.

وكانت شركة سكاي سبورت 365 النمساوية للمراهنات قدمت قائمة لسلطات التحقيق تتضمن 100 مباراة  في الدرجات الأولى والثانية والثالثة من الدوري الإيطالي، يشتبه بالتلاعب في نتائجها، وانتقدت وقتها محطة سكاي إيطاليا التليفزيونية الشهيرة سلبية الاتحاد ورابطات الدوري الثلاث لدى تعاملها مع الفضيحة، وعلقت “لقد فعلوا القليل للغاية لاستعادة ثقة الجماهير في مصداقية كرة القدم”، ووجه توم موكريدج المدير العام للمحطة تهديداً ضمنياً في مقابلة مع صحيفة “كورييري ديللا سيرا”، بتقليل الأموال التي تستثمرها المحطة في الكرة الإيطالية، حيث كانت تتلقى مختلف روابط الدوري الإيطالي 570 مليون يورو /نحو 800 مليون دولار/ من المحطة.

والغريب أن المحللين أشادوا بما وصلت إليه الكرة الإيطالية وقدرتها على النهوض من أزماتها وخاصةّ بعد وصول ثلاثة فرق الموسم الماضي إلى نهائيات كل المسابقات الأوروبية للأندية دوري أبطال أوروبا (الإنتر) والدوري الأوروبي (روما) ودوري المؤتمرات (فيورنتينا)، ويعزون هذا التطور إلى آخر الفضائح وأكبرها الكالتشيوبولي، والتي شكلت مفصلاً في تاريخ الكرة الإيطالية لم يعتقد أحد وقتها أن أي لاعب أو نادٍ سيقدم مرة أخرى على الدخول في أي نوع من الرهانات المشبوهة.