مجلة البعث الأسبوعية

أربعائيات.. بحكم المنطق  … ولاشيء غير المنطق.. حماقــــة الغــــــرب

د. مهدي دخل الله

كتاب المفكر الإنكليزي برتراند راسل « حكمة الغرب » معروف على المستوى العالمي . لكن أين هذه الحكمة والغرب يدمر كل شيء بما في ذلك نفسه عبر حروب لها أول وليس لها آخر . ومن الصعب تعريف الحكمة والحماقة بكلمات موجزة ، لكن يمكن القول أن الحكمة تعني الاستخدام الأفضل للعقل والعلم من أجل فائدة الغير حتى وإن لم تستفد أنت ، أما الحماقة فهي الاستخدام الأسوأ للعقل والعلم من أجل إيذاء الغير .. وإيذاء نفسك أيضاً . هذه هي قصة حماقة الغرب وعصره الحديث .

 

نعيش في حيرة مما يحصل في هذا العالم ، فلسطين واوكرانيا وسورية ولبنان والعراق واليمن وليبيا وتايوان كلها مراكز صراع وصل حد الانفجار بين مفهومين واضحين ومتناقضين ، بحيث أصبح التعايش بينهما صعباً : مفهوم يطالب باحترام استقلال الشعوب وحقها في تقرير مصيرها ، ومفهوم متمسك بالهيمنة والاستغلال وكل ما ينافي القيم الانسانية .

إن قراءة للتاريخ الحديث والمعاصر ، منذ ستة قرون ، تؤكد أن لا جديد تحت الشمس . فمنذ أن بدأت سيطرة الغرب على العالم في القرن الخامس عشر لم تهدأ البشرية أبداً . بدأت القصة باستعمار بريطانيا للهند ولمنشوريا ( شمال شرق الصين ) وجنوب أفريقيا وغيرها ، وكذالك فرنسا وبعدها ألمانيا ( أفريقيا الوسطى ) وإيطاليا ( أثيوبيا والصومال وليبيا ) ، إضافة إلى استعمار أمريكا من الإنكليز والإيرلنديين وإبادة أهلها.. إلخ ، وهذه القصة لم تنتهِ حتى اليوم .

المشكلة أن الغرب طور التكنولوجيا بشكل عظيم ، لكن كان إنتاج وسائل القتل والتدمير أكثر تطوراً نوعياً من إنتاج وسائل رفاهية البشر . الطائرة الحربية متقدمة تكنولوجياً عشرات السنين عن طائرات نقل الركاب ، ومثل ذلك يحصل في إطار الأسلحة البحرية والبرية .

المشكلة الأخرى أن الغرب لم يكتفِ بقتل وتدمير ” الآخر ” ، أي شعوب الشرق والجنوب ، وإنما دمّر نفسه أيضاً ، بحيث أن أصعب الحروب وأكثرها وحشية وفتكاً جرت بين أمم الغرب نفسها . بدأت بالحروب المذهبية المخيفة بين البروتستانت ( الأنكلوساكسون ) والكاثوليك ( اللاتين ) ، ثم سيطـــرة نابليــون علــى أوروبــا وصولاً إلى موسكــــو، وقبل ذلك الحروب الألمانيــة بيـن النمســـا وبروسيــا ( مترنيخ وبسمارك ) وصولاً إلى الحرب العالمية الأولى ، ثم الحرب العالمية الثانية الأكثر فتكاً ووحشية في تاريخ البشرية ، حيث دمرت أوروبا نفسها تدميراً كاملاً .

ثم أن كل انتقال من نظام عالمي معين إلى آخر يتطلب بحراً من الدماء والتدمير وتوتراً في العالم بكامله . هكذا كان في الحرب الكورية ( 1950 – 1953 ) والحرب اليوغوسلافية ( 1990 – 1998 ) وما يحدث اليوم في أوراسيا والشرق الأوسط . كل هذه كانت نقاط انتقال من نظام إلى آخر . فهل بقي من يستغرب ما يحدث اليوم ؟؟ ..

mahdidakhlala@gmail.com