Uncategorized

أسعارها ليست خيالية…!!

علي عبود

لا نتفق مع وصف بعضهم لأسعار زيت الزيتون بأنها “خيالية”، بل هي منطقية جداً! نعم، تكاليف عبوة زيت الزيتون سعة 16 كيلو غراماً تفرض بيعها بمبلغ يتراوح بين 1.2 / 1.5 مليون ليرة وإلا تعرّض المنتجون لخسائر جسيمة.

ومن السذاجة مقارنة أسعار العبوة الآن مع سعرها العام الماضي الذي كان يتراوح بين 300 و600 ألف ليرة، فخلال عام ارتفعت أسعار المحروقات والسماد والأدوية وأجور عاملي القطاف ومعاصر الزيتون.. إلخ. منطقياً، لا يمكن مقارنة تكاليف أيّ منتج بمعزل عن سعر الصرف، فقد انخفضت القوة الشرائية لليرة السورية خلال موسمي الزيتون الماضي (الإنتاج الوفير) والحالي (الإنتاج القليل) من 3015 ليرة للدولار إلى 11557 ليرة حالياً، وبالتالي هل يتوقع من وصف أسعار زيت الزيتون بأنها “خيالية” وغير منطقية بأن تبقى على حالها على الرغم من زيادة تكاليف العبوة بفعل ارتفاع أسعار المحروقات والأدوية والأسمدة والنقل، و”الصرف”… إلخ؟

فعلياً، وعلى عكس أوهام “الخياليين”، انخفضت القوة الشرائية لسعر عبوة زيت الزيتون من 600 ألف ليرة العام الماضي (199 دولاراً) إلى 1.5 مليون ليرة (130 دولار)!!! ومن الملفت أن تجري مقارنة وهمية بين أسعار المواد والسلع دون حساب نسب التضخم المرعبة التي تشفط القوة الشرائية لليرة السورية، فيزعم البعض أن سعر عبوة الزيت ازداد ثلاثة أضعاف، في حين انخفض هذا السعر على الرغم من تراجع إنتاج الزيتون هذا الموسم بسبب “المعاومة”! وإذا كان التنظيم الفلاحي يؤكد أن التكاليف الفعلية لعبوة الزيت تفرض بيعها بـ 1.15 مليون كحدّ أقصى، فهذا يعني أن بيعها بأكثر من هذا المبلغ يعود لجشع التجار، ومع ذلك نسأل: كم عدد العاملين بأجر القادرين على شراء عبوة واحدة من الزيت ولو انخفض سعرها إلى حدود الكلفة أيّ بمليون ليرة!

لقد وصف الخبير الزراعي عبد الرحمن قرنفلة واقع سوق زيت الزيتون بدقة، فأكد “أن هناك عوامل عدة أدّت إلى ارتفاع أسعار زيت الزيتون بشكل كبير، منها ارتفاع أسعار حوامل الطاقة وعلى رأسها المازوت بشكل كبير، إضافة لارتفاع أجور النقل وأجور عصر الزيتون وأجور اليد العاملة نتيجة تراجع أعدادها في القطاع الزراعي بسورية بشكل عام؛ ولو لم يصدر قرار بمنع تصدير زيت الزيتون خلال الموسم الحالي لكان سعر مبيع العبوة سعة 16 كيلو وصل إلى حدود 4 ملايين ليرة”!!

نعم، المشكلة ليست بأسعار عبوات زيت الزيتون التي توصف تجاوزاً بأنها “خيالية”، وإنما المشكلة بالرواتب والأجور التي يمكن وصفها بأنها “سيريالية” لا تمتّ لواقع أسعار جميع السلع والمواد بأيّ صلة! وقد سبق لمسؤول سابق أن قال بسخرية: لا يمكن للتاجر أن يبيع السلع والمواد التي يستوردها بما يتناسب مع الرواتب والأجور السائدة، دون أن يقترح هذا المسؤول زيادة دخل ملايين العاملين إلى مستوى القدرة الشرائية لمستلزمات عيشها اليومي!

الخلاصة: من المؤلم جداً أن يصل حال ملايين العاملين بأجر إلى وضع يضطرون فيه إلى شراء عبوة واحدة من زيت الزيتون بالتقسيط وهي بالكاد تكفيهم لمدة سنة، بعدما انحدرت القوة الشرائية لأجورهم إلى مستوى أن دخلهم الشهري بالكاد يكفي لشراء الفلافل بعدما ارتفع سعر السندويشة الواحدة منها إلى عشرة آلاف ليرة!!