الأسواق الشّعبية القديمة.. معالم تراثية وذاكرة لا تموت
اللاذقية- مروان حويجة
تحتفظ مدينة اللاذقية بعدد مهمّ من الأسواق القديمة التّراثية التي تنتشر في محاور ومسارات عدّة من المدينة القديمة، وبمرور الزّمن، باتت الأسواق القديمة معالم تراثية وعمرانية، وجزءاً من ذاكرة المدينة وتراثها الشّعبي والعمراني، واكتسب بعضها طابع التخصّص المهنيّ والحرفيّ التراثي المستمدّ من أسماء الحرف والمهن وما يتمّ تداوله من منتجات وسلع فيها، واستمّد بعضها الآخر تسميته من شكل تصميمها المعماري كالسّوق المقبي مع ارتباطها بالمهنة، ومن هذه الأسواق: سوق الصّاغة، وسوق الدّاية، وسوق البالة، وسوق البازار، وسوق السّمك وسوق العطّارين وسوق الصّفن، والسّوق المقبي، وغيرها من أسواق قديمة -انحسر بعضها- وتوضّعت بمجملها في النّسيج العمراني للمدينة القديمة التي طالما اشتهرت بهذه الأسواق العريقة.
وتتميّز هذه الأسواق بنمط عمراني يضمّ تصاميم تراثية قديمة كالقباب والقناطر والأبنية التّراثية، وبنوع حجارتها وشكلها وأسقفها، ونظراً لارتباطها بتراث المدينة وذاكرتها، فقد كانت الأهمية الكبيرة للحفاظ على ما تبقّى من هذه الأماكن والمباني، بما في ذلك الحمّامات الأثرية، وإعداد دراسات ترميمية لها من أجل إعادة إحياء معالمها ما أمكن.
ويؤكد الباحث الأثري الدّكتور غسان القيّم أهمية تضافر الجهود وتكامل الخطط والبرامج الهادفة للحفاظ على المواقع التّراثية، وتالياً الحفاظ على القناطر والأبنية الحجرية والبيوت الطّينية التي ما يزال الكثير منها محافظاً على حاله، والتّعريف بالأدوات الزّراعية والصّناعية والتّجارية، وتركيز الاهتمام على المهارات المرتبطة بالفنون والحرف التقليدية لأنّ بعضها -للأسف- بدأ يندثر، ونذكر منها: الخياط العربي والإسكافي والمبيّض ومقشش الكراسي ونجّار الملاعق الخشبية ونسيج الحصر (حصر القش)، والسّلاسل المصنوعة من القصب وتطريز المناديل الحريرية والبسط الصّوفية وصناعة الفخار والنّحاس والزّجاج، وغيرها من الحرف التي تعود في جذورها إلى آلاف السّنين، لذا لا بدّ من تقديم الدّعم لها بأسرع وقت ممكن، وذلك بإقامة سوق خاصّ يجمعها بمساعدة الجهات المعنيّة أسوةً بأسواق دمشق وحلب، ويلفت الدّكتور القيّم إلى ضرورة الاهتمام بالأزياء التّقليدية الشعبية التي تعدّ مصدراً من مصادر الحضارة والتّراث والفلكلور السّوري، والمساهمة في إحياء صناعة هذه الأزياء لأنّ الغنى والتّنوّع الموجود في أزياء وملابس أهلنا التقليدية عبر تاريخنا قلّ نظيره في أي منطقة أخرى من العالم.
ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ هذه المواقع التراثية تحوّلت مع الزّمن إلى مقصد للزّائرين، وما يلفت النظر أيضاً هو أنّ الأسواق الشّعبية التّراثية القديمة تتمحور حول ساحة أوغاريت حيث سوق البازار والسّوق المقبي التي تتجمّع المحال فيها، وتحتضن بداخلها قباب وقناطر قديمة تشبه الآثار الرّومانية، ويحيط بالسّوق أسواق عدّة منها: سوق العطّارين والسوق المقبي وسوق البالة وسوق أوغاريت والعديد من الصّروح الأثرية القديمة مثل الثّانوية الشّرعية وجامع البازار وحمّام السوق وغيرها من مبانٍ تراثية قديمة.
