ثقافة

“عيوننا إليك”.. معرض تضامني لمركز أدهم إسماعيل مع غزة

أمينة عباس

تضامناً مع أهلنا في غزة، وتحت عنوان “عيوننا إليك” افتُتح، مؤخراً، وبرعاية وزارة الثقافة معرض فنّي لطلاب مركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية في مقر المركز بدمشق، وضمَّ المعرض ١٠٣ لوحات فنية بتقنيات فنية مختلفة ومنوّعة لتسعين فناناً من طلبة المركز في الدورات الأساسية الأربع.

وبيَّن قصي الأسعد رئيس المركز أن عنوان المعرض جاء تلبيةً لرغبة طلاب المركز في التعبير عن مشاعرهم وأوجاعهم وما يدور في داخلهم ومواقفهم من القضية الفلسطينية بالعموم، وتضامناً مع أهلنا وأشقائنا في غزة بشكل خاص، وذلك من خلال موضوع اللوحة وطريقة رسمها وألوانها وكمية الإحساس المنبعث منها، موجّهين من خلال ذلك رسالة للعالم بكل أطيافه وانتماءاته وتنوع توجهاته وسياساته الدولية لفضح الكيان الصهيوني المحتل الذي ينتهج سياسة الدمار والإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني في غزة والتي وثّقها وصوّرها الطلاب عبر أعمالهم ولوحاتهم، مؤكداً أن المُنتَج الثقافي بكلّ أجناسه لا يقلّ أهمية عن السلاح في المقاومة والتصدي، فللكلمة أثر، وللّوحة حكاية وصوت صارخ بألوانها وإحساسها للرّدّ على ما يجري في غزة من انتهاك لحقوق الإنسان، لذلك فإن طلبة المركز يؤكدون من خلال هذا المعرض -حسب الأسعد- على الاستمرار بتقديم المُنتَج الثقافي الفني التشكيلي المقاوم وفضح ممارسات الاحتلال اللاإنسانية حتى النصر وتحرير فلسطين العربية.

المشاركون: قضية فلسطين أصبحت عالمية

أشارت علياء رحمة الراعي المدرّسة في المركز والمشاركة في المعرض إلى أن المعرض يسلّط الضوء على القضية الفلسطينية وما يحدث من جرائم إنسانية بحق الطفولة والكهولة والمجتمع الفلسطيني بكل أطيافه من قتل وتهجير وإبادة، مبينةً أن قضية فلسطين أصبحت قضية عالمية تمسّ كلّ الشرفاء في هذا العالم، ومن هنا يأتي دور الفنانين لإظهار دعمهم لفلسطين من خلال لوحاتهم التي تحاكي الأحداث الأليمة وتعمل على بثّ روح التفاؤل في نفوس الأجيال القادمة حتى تحرير آخر ذرّة تراب على الأراضي الفلسطينية.

في حين، أراد محمود شباط المدرّس في المركز والمشارك في المعرض أن يعبّر باللوحة التي رسمها عن فكرة حضور الرجل الفلسطيني في التاريخ وفي رمزية الأرض والمقاومة والقضية الفلسطينية، أمّا سارة زراق فبيّنت أن مشاركتها جاءت كنوعٍ من التضامن مع أطفال غزة، حيث عبّرت من خلال لوحتها عن طفلٍ يتطلع بحزن إلى ذاك الخراب الذي خلّفته الحرب لكن من دون أن يفقد الأمل، حيث ما تزال الأغصان الخضراء تنبت من بين يديه، وتعابيره تشير إلى إيمانه بأن النصر سيكون قريباً، وعلى الرغم من فقده لوالديه يشعر بأنه يشكل امتداداً لهما مع أبناء جيله ليتابع مسيرة الحرية والسلام.

كما رسمت راميا عيساوي بورتريه نصفيّ لفتاة فلسطينية بثوبها التراثي ونظرتها الموعودة بشروق الشمس من مبدأ حقها بالأرض وتعزف بيدها على الكمان الملوّن بالدماء المستباحة وبيد أخرى شتلة زيتون موجود قبل وجود الاحتلال ومنذ الأزل وترمي وراء ظهرها الدمار المؤلم، كما اختارت نوار الوزة “بورتريه” بألوان دافئة للبراءة العزلاء التي تدرك تماماً حدود أرضها لكي يراها من يحاول التعامي عن وجود هذه الطفولة المبتورة التي تذرف الدموع والدماء والتي لا تقبل الخضوع إنما تصرخ بكل ما فيها من غضب: “الحق واضح كما الشمس في السماء ويعرفه أطفال غزة، ظلالهم رجال الميدان، والنصر محقق وإن كان مؤجلاً، والنار أولها غضب”.

كلمات العزاء مبتورة

وحين أرادت خولة الناشف الحديث عن لوحتها قالت: “من وسط الظلم والحرق والدمار وعلى الرغم من قسوة المَشاهد التي نراها في أرضنا العربية، لرجالنا ونسائنا وأطفالنا، نرى معها طائراً ينهض ويلد معه قوة روحية عميقة وجبارة”، لتكون شجرة الزيتون في لوحة هلا حناوي هي سيدة السفوح المحتشمة بظلّها تغطي ساقها ولا تخلع أوراقها خلال عاصفة، تماماً كأطفال غزة الذين حضروا في لوحة نور حبوب عبر طفلة تمسك بيدها بالوناً تداعبه وكلها أمل أن يعود وطنها السليب فلسطين حراً أبياً، كما لم تغِب بعض رموز فلسطين من خلال لوحة سنا بيرام التي رسمت رجلاً يرتدي الكوفية الفلسطينية ويحمل بين يديه التراب الذي كان شاهداً على الآلام والمعاناة وغصن الزيتون، ليدلّ على الصمود والتمسّك بحقه على هذه الأرض، في حين عمدت راما الأحمر في لوحتها وعن قصد إلى تصوير طفلين في حالةٍ تثير الألم في نفس المشاهد لأن هدفها هو تسليط الضوء على أبشع ممارسات الاحتلال الصهيوني: “وهل ثمة أبشع من أن تغلق عين طفلٍ لم تبصر الضوء بعد؟” وبيّنت راما زروق أن عدد الشهداء يتزايد من أطفال وشيوخ ونساء، ومع هذا لن يُهزم الشعب الفلسطيني وسيخرج جيل وراء جيل ثائراً من أجل فلسطين، أما نوال البورصه لي فقد أوضحت أن “كلمات العزاء مبتورة، ولن تُربِت على أكتافِ من فقد كل عائلته وبقي في الحربِ وحيداً”، وأنها من خلال فنها تحارب أفكارها السوداء فتلجأ إلى اللوحة  لتعبّر عما بداخلها.