تحقيقاتصحيفة البعث

“الرفق بالحيوان” ترفض استخدام السلاح لمكافحة الكلاب الشاردة!

ظاهرة الكلاب الشاردة لا تزال تؤرّق الناس في محافظتي دمشق وريفها، والغريب أن كلاً من المحافظتين ترمي المسؤولية على الأخرى، حيث تدّعي محافظة دمشق أن الريف هو المسؤول عن تصدير هذه الظاهرة، بينما تدافع الأخرى بأن آليات المكافحة قاصرة، وأنها لا تحصل على حصة كافية من الطعوم المخصّصة لمكافحتها قبل وصولها إلى المدينة، فمساحة الريف الذي يحيط بالمدينة من كلّ الجوانب كبيرة، ومن الصعب أن تتمكّن من الإحاطة بالأراضي الواسعة المفتوحة الموصلة إلى المدينة.

سرقة الطعوم
ولكن المثير للقلق فعلاً هو إقرار بعض الجهات المعنية بهذه الظاهرة بأنها غضّت الطرف في الآونة الأخيرة عن موضوع مكافحتها باستخدام الطلق الناري، بسبب عدم توفر الطعوم الكافية لمكافحتها نتيجة غلائها الحاد، أو بسبب قيام بعض العناصر في البلديات بسرقة هذه الطعوم، واستبدالها بالطلق الناري لمكافحتها، وخاصة في الريف الغربي، حيث وردتنا شكاوى من عدد من المواطنين تتحدث عن “أحدهم” في بلدة عرطوز بمكافحة هذه الظاهرة ضمن الأحياء السكنية باستخدام الطلق الناري صباحاً أو خلال ساعات الليل، الأمر الذي يحمل معه مخاطر كثيرة للسكان، فضلاً عن الإزعاج والرعب الذي يبثّه في نفوس السكان.

القتل سبب انتشار الأوبئة
وفي معرض إجابتها على سؤال حول الطريقة التي يتمّ فيها التعامل مع ظاهرة الكلاب الشاردة، وهل تجد أن استبدال الطعوم بالطلق الناري ظاهرة صحية، شدّدت هنادي المحتسب، رئيسة جمعية “ستار” للرفق بالحيوان، على أن إطلاق النار على كلب مسعور ثم تركه ليموت في مكان آخر وتتحلّل جثّته، وهو حامل للوباء، أكثر ضرراً من بقائه على قيد الحياة، لأنه سيعرّض المنطقة بأكملها للوباء الذي سينتقل عبر الهواء، موضحة أن البول والبراز واللعاب كلها تنقل الوباء، ومكان الدفن ذاته يمكن أن يكون مصدراً للأوبئة، ولذلك لا بدّ من وجود محرقة مخصّصة للكلاب تُسمّى محرقة السعار، ضمن مواصفات علمية معيّنة.

المعالجة الخاطئة
وأشارت المحتسب إلى أن الوحدات الإدارية تقوم عادة باستئجار أشخاص للقيام بصيد الكلاب مقابل مبلغ مالي عن كل كلب يتمّ قتله، دون التأكد من أن مَن يقوم بهذه المهمّة رجل متمكّن، حيث يقوم هذا الشخص بمطاردة الكلاب ضمن الأحياء السكنية، ويزداد هنا هامش الخطأ، حيث يمكن أن يصيب منزلاً أو سيارة أو شخصاً بعينه.
أما بالنسبة لاستخدام مادة “اللانيت” في الطعوم، فإنه يتمّ خلطها مع الدجاج من خلال عامل البلدية وإطعامها للكلب دون التأكد طبعاً من أنه مسعور، فإذا كان سليماً وأكل الطعم فإن جثته ستتفسّخ وتتحلل في التربة، حيث تشكّل اللانيت مادة حارقة يمكن أن تحرق شجرة بجانبها، وبالتالي تؤدّي إلى التدخل السلبي بدورة حياة النبات، لذا
لا بدّ إذن، برأي المحتسب، من التنسيق مع الجمعية التي تقوم بوضع علامات على أذن الكلاب المسالمة لتمييزها من المسعورة، وعند اختيار خمسة من قطيع الكلاب المسالمة ووضعها في منطقة معيّنة بقيادة أحدها فإنهم سيحمون المنطقة من الكلاب المسعورة.

اقتراح جيد
كما اقترحت المحتسب أن تقوم البلدية بمساعدة الكلاب على استيطان أماكن معيّنة في الجبال على مستوى حفر أو مغاور من خلال مساعدتها على الحفر وإرسال النفايات إلى تلك المنطقة لمنع الكلاب من الاقتراب من أماكن السكن. وأكّدت أنه تمّ تخصيص عقار ليكون حديقة وطنية بمبادرة من وزارة الشؤون الاجتماعية التي تتبع لها الجمعية، وبالتعاون مع وزارة الزراعة المسؤولة عن الأرض وعن الأطباء البيطريين، ووزارة الصحة التي تقوم بدورها بتقديم المخدر.

التوعية أولاً
وأضافت: ليس هناك قانون ناظم للتعامل مع الكلاب الشاردة، فالتوعية هي الأساس لأنه لا يجوز تعنيف الكلاب حتى لا تظهر مشكلات سادية لدى الأطفال، وبالتالي لا بدّ من توعيتهم للابتعاد عن العنف في التعامل مع هذه الكلاب، مشيرة إلى أنه لا يوجد تنسيق بين الجمعية والمحافظة في هذا الموضوع، ومستشهدة بحادثة طفلة المليحة، حيث حاولت الجمعية التدخل فرفضت المحافظة بدعوى أن الوقت غير مناسب، وهذه الآلية يتمّ استخدامها دائماً، وهي خاطئة حكماً.

محرقة خاصة
ولفتت المحتسب إلى أن الأسلوب الصحيح في المعالجة هو إخصاء الحيوانات أو إصابتها بالعقم للحدّ من تكاثرها، وترميزها بعلامة في الأذن بالنسبة للكلاب المسالمة حتى لا يتمّ التعرّض لها، أما المسعورة فإن الوسيلة المثلى للتعامل معها هي إنشاء محرقة خاصة بها على غرار محارق الدجاج، وهذه المحرقة عبارة عن ثلاث طبقات الأولى يوضع فيها الكلب والثانية المادة الحارقة (فحم) والثالثة لتجميع الرماد، وذلك في جبّ معزول عن التربة حتى لا تنتقل الأوبئة.
وفي النهاية أشارت المحتسب إلى أن سورية وليبيا ترتفع فيها ظاهرة الكلاب المسعورة نتيجة سنوات الحرب الطويلة، وأكّدت أن عدم وجود لقاح في مشفى ابن النفيس يدفع الناس للجوء إلى الصيدليات التي بدورها تتاجر به بدعوى التعامل مع السوق السوداء لتأمينه!!.

رحاب رجب