اقتصادصحيفة البعث

صناعي يطالب بهدنة مؤقتة بين المصرف المركزي والسوق السوداء!

دمشق – إبراهيم مخلص الجهني

شكل القرار رقم “100/ل إ” الصادر عن مصرف سورية المركزي والمتضمن تشميل فئة أوسع من مصادر التمويل الخارجي المسموح بها حالة من التفاؤل الجزئي لدى الصناعيين والمستوردين، وجاء القرار بناء على المراجعات المستمرة التي يقوم بها المصرف لأنظمة القطع الأجنبي وانطلاقًا من واقع تغيرات سوق القطع، وانعكاساتها على العمل الاقتصادي، وتعديلها بما يتناسب مع ذلك.

خطوة جزئية 

وفي هذا السياق كشف الباحث الاقتصادي الدكتور فادي عياش أن الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد تفرض على الحكومة عموماً، وعلى المصرف المركزي خصوصاً، الكثير من القيود الناتجة عن حالة الندرة ومحاولة إدارة الندرة بشيء من التوازن مع الاحتياجات الكبيرة، وهذا الأمر صعب للغاية وتعانيه بلدان أخرى لم تمر بمثل هذه الظروف كحال مصر مثلاً، واعتماداً على ذلك يقوم المركزي بإجراء المراجعات المستمرة وإصدار القرارات أو تعديلها.

واعتبر عياش في حديثه لـ ”البعث” أن القرار رقم 100 خطوة إيجابية واستجابة جزئية لمتطلبات قطاع الأعمال، وأن أهم مزايا القرار هو السماح لغير الصناعيين من المستوردين تمويل مستورداتهم من القطع الأجنبي الناجم عن نشاط شركات خارجية يملكونها كلياً أو جزئياً وفق ضوابط محددة ومن خارج المنصة بالتنسيق مع المركزي، وهذا من شأنه مساعدة المستوردين المحققين للشروط المطلوبة من الاستفادة من مصادر التمويل الخارجية المتاحة لهم من جهة ويخفف من ضغوط الطلب على القطع محلياً من جهة أخرى.

وأضاف الباحث أن الفائدة الأكبر تكون من خلال المستوردين لصالح جهات القطاع العام لا سيما في القطاعات الإنتاجية والتقنية والصحية وكذلك للمنظمات الدولية لما في ذلك من مصلحة عامة، منوهاً إلى أنه رغم الإيجابية إلا أنه لا يتوقع أن يكون انعكاسه كبيراً على مستوى الاقتصاد الكلي وذلك لمحدودية المستفيدين منه والذين يحققون شروط التطبيق، بالتالي الإجراء جزئي وتحكمه عوامل أهمها ضعف الثقة المتبادلة بين المركزي وقطاع الأعمال، مؤكداً أن هناك مشكلة سوف تنشأ عن القرار وتحتاج إلى معالجة سريعة وهي كيف يمكن إعادة تجديد رأس المال العامل الممول بالقطع من مصادر خارجية، وقد استُهلك في السوق المحلية؟!. أي لم يقابله إعادة تصدير.

تعقيدات 

بدوره، أمين سر غرفة صناعة حمص عصام تيزيني قال في حديثة لـ ”البعث” إن هناك تعقيدات غريبة لمن لديهم دولار خارج القطر ويريدون تمويل مستورداتهم منها، متسائلاً عن عدد هؤلاء، وكمْ منهم يستورد وفقاً لتعليمات القرار “100/ل إ” الصادر عن المركزي، ليجيب في الوقت نفسه: إنهم قلة!!

وأوضح تيزيني أن من لديهم دولار في الداخل وما أكثرهم فدولاراتهم محكوم عليها بالجمود في الخزائن، مسموح حيازتها دون مساءلة حسب التوضيح الذي صدر عن المصرف المركزي مؤخراً، ولكن يمنع تحريكها للاستيراد لأن المساءلة ستبدأ عن مصدرها الذي هو غالباً السوق السوداء، تلك السوق التي يصر المصرف المركزي على معاداتها وتجاهلها ومعاقبة من يتعامل معها رغم أنها واقع حيوي نشط يحرك الجزء الأعظم من النشاط التجاري والتداول النقدي في سورية – حسب قوله – مؤكداً أنها السوق الأنشط والأكثر تفاعلاً فهي علاوة عن العملات والذهب تحوي سلعا كثيرة كالوقود والزيوت النباتية الأرخص المهربة وغيرها الكثير وأرصفة المدن خير شاهد!!

هدنة 

وبدا تيزيني متشائماً حيال توصيف الاقتصاد السوري بالمنهك لكنه بالمقابل رأى أن هذا الاقتصاد يحتاج لبعض المرونة في حركة الأموال، وأن هذا لا يتم إلا بعقد هدنة مؤقتة بين المصرف المركزي والسوق السوداء التي نمت كثيراً وسددت ولاتزال تسدد ضربات موجعة للمصرف المركزي لأنها صاحبة القرار الحقيقي والواقعي في تحديد أسعار العملات، وتكاد للأسف تفرض نفسها بقوة على الاقتصاد السوري، وهذه الهدنة مرحلية ريثما يلملم القائمون على المصرف المركزي أوراقهم وأفكارهم ودون ذلك ستصبح قاعدة (قلة الشغل شغل) هي السائدة وهذا إطلاقاً لا يجوز!