أخبارصحيفة البعث

هل تسمح الفلبين للولايات المتحدة باختطاف سياستها تجاه الصين؟

تقرير إخباري

يمثل الاجتماع الثامن لآلية التشاور الثنائية بين الصين والفلبين بشأن بحر الصين الجنوبي، الذي عُقد الأسبوع الماضي في شنغهاي، أحدث الجهود التي تبذلها بكين ومانيلا لإدارة نزاعاتهما البحرية والسيطرة عليها بشكل أفضل، كما أنه يرسل رسالة لا لُبس فيها إلى العالم الخارجي مفادها أن البلدين يسعيان إلى حل نزاعاتهما من خلال القنوات الثنائية.

لقد دأبت الفلبين منذ العام الماضي على تأجيج التوترات في جنوب الصين بشكل متكرر من خلال تزايد الاحتكاكات، نتيجة تحرّكاتها الاستفزازية فيما يتعلق بشعاب ريناي المرجانية وجزيرة هوانغيان على وجه الخصوص، وأدّت هذه التحرّكات إلى تدهور العلاقات الثنائية وعرقلة الجهود الإقليمية لبناء السلام والاستقرار في المياه.

ومن ثم، فإن الاتفاقات التي تم التوصل إليها في الاجتماع بشأن تحسين آلية الاتصالات المتعلقة بالبحر والتعامل مع حالات الطوارئ البحرية، وخاصة الوضع في منطقة ريناي المرجانية، تساعد في تهدئة التوترات وتمهيد الطريق لحل النزاعات من خلال المفاوضات.

وقد أكد البلدان خلال المشاورات أن نزاعات بحر الصين الجنوبي لا تحدّد مجمل علاقتهما، وشدّدا على أهمية التواصل والحوار في الحفاظ على السلام والاستقرار البحري، ويشير هذا إلى أن الجانبين يحاولان تحقيق الاستقرار في العلاقات الثنائية من خلال التركيز على الصورة الأكبر.

وتجدر الإشارة إلى أنه قبل أن تعود النزاعات البحرية إلى الظهور مرة أخرى، تمتعت الصين والفلبين بعدة سنوات من التعاون المتنامي والقوي، حيث تدفقت كميات كبيرة من الاستثمارات الصينية إلى الفلبين، وازدهرت التجارة الثنائية ناهيك عن أن الدفء في العلاقات الثنائية ساعد أيضاً في استقرار الوضع في بحر الصين الجنوبي.

وحسب المحللين السياسيين، من الجيد أن تكون بكين ومانيلا حريصتين على استئناف المشاورات الثنائية والحفاظ على قنوات الاتصال مفتوحة، ويمكن أن يساعد هذا التطوّر الإيجابي في ضمان إدارة الصراعات والسيطرة عليها بشكل مسؤول، وفي هذا الصدد، كانت التصريحات الأخيرة للرئيس الفلبيني فرديناند ماركوس جونيور بأن التزام بلاده بسياسة صين واحدة لم يتغيّر ولن يتغيّر، مفيدة أيضاً في تهيئة مناخ جيد لتخفيف التوترات بشكل مستمر.

إن مثل هذا الاتجاه للمصالحة ليس حاسماً فقط لمنع العلاقات بين الصين والفلبين من المزيد من التدهور، وإنما يساهم أيضاً في بناء السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي، ولكن من أجل الحفاظ على هذا الاتجاه، تحتاج الفلبين إلى الحذر من اختطاف واشنطن لسياستها تجاه الصين.

ومن المعروف للجميع أن الولايات المتحدة كانت تستخدم الفلبين قطعة شطرنج، أو حتى رأس جسر، في سياسة الاحتواء التي تنتهجها ضد الصين، وفي الواقع ساهم التحريض الأمريكي إلى حدّ كبير في اندلاع الأحداث البحرية في العام الماضي.

من الواجب، في ظل التطوّرات التي شهدتها أماكن أخرى من العالم على مدى الأشهر الثلاثة والعشرين الماضية، تذكير مانيلا أن الولايات المتحدة كانت تمارس عادة دفع الآخرين إلى طليعة العواصف التي تصنعها هي، حتى يتسنى لهم العمل كحواجز للصواعق، ويجب على مانيلا مواصلة العمل مع بكين لحل نزاعاتهما البحرية من خلال المشاورات الثنائية.

عائدة أسعد