تحقيقاتصحيفة البعث

أخذ ورد بشأن سوق هال الصفصافة في طرطوس.. أصحاب مراكز تجميع الخضار يرفضون والمزارعون يشتكون من استغلالهم!

لطالما شكّل سوق الهال الجديد والذي يتمّ تجهيزه في منطقة الصفصافة جنوب طرطوس أمنية للعديد من مزارعي منطقة سهل عكار الذي يعتبر خزان سورية الغذائي والزراعي، فوجود السوق في تلك المنطقة سوف يوفر على المزارعين الكثير من أجور النقل والشحن التي أصبحت تؤرّقهم بعد الارتفاعات المتتالية والمستمرة لأسعار المشتقات النفطية وغيرها، حيث يشكّل السوق نقطة وصل بين السهل والمناطق الداخلية، الأمر الذي يسهم بتخفيض أجور النقل وغيرها، لكن رغم أهمية ذلك فإن أصحاب مراكز الخضار لا يحبذون، بل يرفضون الانتقال للسوق لأسباب بعضها مبرّر ولكن الكثير منها غير مبرّر، وخاصة لجهة التهرب وعدم الالتزام بما يترتب عليهم من ضرائب وتكاليف مالية مقابل تخصيصهم بمحلات نظامية في سوق الهال المقترح، كما هي الحال بالنسبة لسوقي هال طرطوس وبانياس.

على وشك الجاهزية
في حديثه لـ”البعث” أوضح علي مصطفى رئيس مجلس بلدة الصفصافة أن السوق بات جاهزاً على الهيكل وفق دفتر الشروط الفنية، مشيراً إلى أن موقعه يبعد عن أوتستراد حمص طرطوس 400 متر، ويمتد على مساحة 4 دونمات تقريباً ويضم 27 محلاً و10 مخازن وكافيتريا وقباناً إلكترونياً، وبحسب مصطفى باشر المستثمر بالإكساء للمحال، وتمّ وصل مياه الشرب لمدخل كلّ محل، وكذلك إيصال الكهرباء بعد تركيب محولة كهربائية للسوق. أما الخدمات التي لم تنجز حتى الآن فهي تعبيد وتزفيت ساحة السوق وإكمال مشروع الصرف الصحي، بالإضافة لبناء جدار استنادي من الجهة الشرقية للسوق.
وحول أهمية السوق بيّن مصطفى أنه يمثل حالة زراعية تنظيمية اقتصادية مهمّة، بما يقدمه من خدمات لمزارعي المنطقة، وأهمها أنه يحفظ حقوقهم من خلال الحدّ من ظاهرة الانتشار العشوائي لمراكز بيع الخضار، كما أنه سيوفر نفقات المواصلات ويسهم في ضبط أسعار المنتجات والتسويق بالإضافة إلى التنسيق مع باقي أسواق الهال في المحافظات.
وعن المعوقات التي تؤخر استثمار السوق، بيّن رئيس مجلس البلدة أن من بينها: عدم وجود اعتماد مالي حتى تاريخه لإنهاء خدمات السوق من تزفيت للساحة والصرف الصحي، بالإضافة إلى بناء الجدار الاستنادي، وكذلك الإقبال الضعيف على المزادات التي أقيمت للاستثمار بسبب تخوف الناس من ضعف عمل السوق في ضوء المراكز المنتشرة والتي لم يتمّ العمل على إغلاقها في قرى سهل عكار!.
وأشار مصطفى إلى عدد من التسهيلات المقدمة للمستثمرين ومنها: تعاون البلدة مع المستثمرين لحلّ مشكلاتهم وتلبية متطلباتهم واستكمال الخدمات العامة للسوق لتفعيل العمل فيه، حيث قامت البلدة بتخفيض قيمة التأمينات النهائية من ١٠٪ إلى ٥٪ من قيمة الاستثمار كاملاً، وغيرها من التسهيلات.

إنذارات بالجملة
وقال رئيس مجلس البلدة إنه تمّ إنذار محلات الجملة ونصف الجملة في قطاع بلدة الصفصافة من قبل البلدة للإغلاق وإبلاغ باقي بلديات سهل عكار عن طريق المحافظة لإنذار المراكز غير المرخصة للإغلاق كلّ ضمن قطاعه، مبيناً أن تفعيل عمل السوق يحتاج لتعاون الجهات الإدارية والفعاليات الاقتصادية والأهلية.

استغلال فاضح
وبهذا الصدد أشار عدد من المزارعين إلى أن أصحاب المراكز يستغلونهم أبشع استغلال سواء لجهة التحكم “بالرزق” أو لجهة تقاضيهم عمولة تفوق العمولة المحدّدة وهي 5% حيث يتقاضون 8% وعلى “عينك يا مزارع” في ظل صمت المعنيين، بالإضافة لعمولة الخصم عند عملية الوزن والتي تصل إلى أكثر من 30 كيلو عن كل طن بضاعة من الخضار، وهذا برأيهم أكبر ظلم، حيث يعاني المزارع أعباء كثيرة ومتعدّدة دفعت العديد من المزارعين لهجر الزراعة.

بين معترض ومتردد!
عدد من أصحاب مراكز تسويق منتجات المزارعين لم يخفوا معارضتهم الانتقال لسوق الهال بالصفصافة، معتبرين أنه لا يخدم المزارع، قياساً بالخدمات التي تقدّمها المراكز الحالية، كونها لا تلزم المزارع بتكاليف كثيرة، وبالتالي يستفيد من وجودها، حيث يفضّل التسويق عن طريقها حسب زعمهم، والحجة الأخرى أن هناك تأخيراً في إنجاز السوق بالشكل المطلوب، وبالتالي المكان غير مناسب لهم في ظل هذه الظروف الحالية، فيما أوضح البعض أن لا مشكلة عندهم في الانتقال حالما يصبح السوق جاهزاً ببناه التحتية، وبرأيهم كان الأجدر بالمحافظة ومجلس البلدة تجهيز البنية التحتية للسوق قبل توجيه الإنذارات لهم!.

التنمية الريفية توضح
وحول ما سبق أوضحت المهندسة مروى علي مديرة التنمية الريفية في محافظة طرطوس أن مشروع سوق الهال في منطقة الصفصافة من أهم المشاريع التي تعمل المحافظة على دعمه وتجهيزه بالشكل المطلوب بما يخدم المزارعين في تلك المنطقة بالشكل الأمثل. ولفتت إلى أن مكتب التنمية المحلية يقوم بمتابعة أعمال إكساء المشروع التنموي الممول من قبل رئاسة مجلس الوزراء بالقرار رقم /2456/ تاريخ 3/11/2019، وبخصوص تزفيت ساحة السوق بيّنت أنه تمّ إنهاء الدراسة واتخذ قرار بإنجازها منذ الشهر السادس العام الماضي، ولكن بسبب غلاء الأسعار المتلاحق فشلت المناقصة بسبب فكّ ارتباط المتعهد المرشح بعرضه، وحالياً يتمّ تعديل الدراسة من قبل مديرية الخدمات الفنية وفقاً لنشرة الأسعار الحديثة، وبيّنت أنه تمّ حالياً فرش الساحة بطبقة “كراوتن” بحيث يمكن البدء باستثمار السوق، على أن يتمّ تزفيتها بشكل كامل هذه السنة بتمويل من إيرادات السوق ذاته. ولفتت علي إلى إجراء عدة مزادات علنية لاستثمار السوق وحالياً يوجد ستة مستثمرين باشروا بالعمل بعد تجهيز محلاتهم، كما سيتمّ إجراء مزاد علني للمحلات المتبقية بالإضافة إلى المحلات التي يستنكف أصحابها عن توقيع عقودهم في المزادات السابقة.

وبخصوص إغلاق مراكز الخضار (الجملة ونصف الجملة) المنتشرة في قرى الصفصافة وسهل عكار والتي يتخوّف منها المستثمرون بالتأثير على فعالية عمل سوق الهال في حال استمرارها بالعمل، أشارت مديرة التنمية إلى أنه تمّ توجيه عدة إنذارات بالإغلاق بموجب التعميم رقم 1290/10/11/و1 تاريخ 12/4/2023 والذي سطر بناءً على اجتماع المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة بجلسته رقم /6/ تاريخ 12/2/2023، ومؤخراً تم إعطاء مهلة حتى 29/2/2024.

عقبات الاستثمار
وبيّنت مديرة التنمية أنه تمّ عقد اجتماع برئاسة المحافظ مع المستثمرين وبحضور المعنيين للوقوف على أبرز عقبات الاستثمار ليصار إلى تذليلها، وبنتيجته تمّ مخاطبة بلدة الصفصافة بخصوص تغيير موقع القبان من وسط الساحة لأنه يعيق حركة السيارات، حيث أوضحت البلدة أنه من المتعذر نقل القبان إلا بعد استملاك الجزء المتبقي من السوق وفق المخطط التنظيمي بمساحة /1200/ م2 وقد تمّ البدء بإجراءات الاستملاك، وبخصوص تحقيق الشروط المرورية المطلوبة لدخول وخروج آمن للسيارات إلى السوق تمّت مخاطبة فرع المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية والتي قامت بتكليف مهندس للتنسيق مع بلدة الصفصافة والمتابعة، وتمّ توضيح أسباب عدم التزفيت حتى الآن، كما تمّ تكليف رئيس الجاهزية في المحافظة ليتواصل مع الجهات المعنية من أجل تخصيص براد مع العنصر الخاص به ليحمل الخضار من السوق وقد تمّ إنجاز المطلوب، وتمّ أيضاً توجيه مديرية الشؤون المالية لمتابعة تصديق عقود الاستثمار وحالياً تمّ إعادتها إلى بلدة الصفصافة للقيام ببعض التعديلات.
طرطوس- لؤي تفاحة