دراساتصحيفة البعث

قراءة في كتاب “الحرب العالمية على سورية…هل انتهت اللعبة؟”

هيفاء علي

كتاب جديد بعنوان الحرب العالمية على سورية…هل انتهت اللعبة؟  بإشراف الدبلوماسي والكاتب الفرنسي ميشيل ريمبو، والكاتب اللبناني فيصل جلول، صدرت مؤخراً نسخته العربية الأولى عن اتحاد الكتاب العرب في سورية.

الكتاب عبارة عن مجموعة من المقالات لعدد من الكتّاب العرب والأجانب، تتحدث عن الحرب الكونية الشرسة، والحرب بالوكالة التي شنها الغرب الهمجي على سورية باستخدام أدواته في الداخل، وأزلامه في الخارج، في محاولة يائسة لإسقاط الدولة السورية، ووضع إرهابيي “القاعدة وداعش” على رأس السلطة.

جاء في مقدمة الكتاب، التي كتبها فيصل جلول، وهو باحث وصحفي لبناني يقيم في فرنسا منذ أكثر من 25 عاماً، أن سورية حصدت في مواجهة الحرب العالمية التي استهدفتها ما كانت زرعته حولها بإخلاص منذ زمن بعيد. فكانت الدولة العربية التي اعترفت بالصين الشعبية بعد مصر في خمسينيات القرن الماضي، وحافظت على علاقات جيدة معها رغم شراكتها الإستراتيجية مع خصمها السوفييتي إبان الحرب الباردة.

وأصرت الصين على استخدام حق النقض الفيتو ضد مشاريع قرارات أممية غربية للحؤول دون إشراك مجلس الأمن الدولي في العدوان على سورية، مع علمها التام أن النقض الروسي يكفي لإسقاط تلك المشاريع، وقد توج الموقف الصيني بشراكة إستراتيجية بين البلدين تم توقيع وثائقها خلال زيارة الرئيس بشار الأسد إلى بكين في أيلول 2023.

أما الحديث عن التعاون الثابت والمخلص بين روسيا وسورية خلال الحرب الباردة أو ما بعدها، فهو لا يحتاج إلى براهين كثيرة، ليس فقط في مجال التسلح والدبلوماسية، وإنما أيضاً في القتال المشترك على الأرض.

وفي إقليمها، أخلصت سورية لعلاقاتها مع جمهورية إيران الإسلامية، فوقفت سياسياً إلى جانب إيران، ولعبت بعد حرب الخليج الأولى دوراً وسيطاً بينها وبين دول الخليج.

كذلك تمكنت دمشق من بناء شبكة واسعة من حركات المقاومة في إقليمها ضد الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين والجولان وجنوب لبنان والاحتلال الأمريكي للعراق، حيث لعبت معظم عناصر هذه الشبكة أدوار مهمة في الدفاع عن سورية خلال العقد الدامي المنصرم.

لقد نظمت واشنطن ومعسكرها حرباً عالمية على سورية كان من المنتظر أن تطيح بها، لكنها انتهت بفشل آخر كانت كلفته باهظة جداً على الشعب السوري والدولة السورية. هذا الفشل الذي حمل معنى ” نهاية اللعبة”، أعلنه أحد أبرز لاعبي هذه الحرب الشنيعة رئيس الوزراء القطري السابق ” المدعو حمد بن جاسم” الذي كشف تفاصيلها الخبيثة بنفسه. حينها قال إن الحرب كانت أشبه بحفلة صيد عالمية انتهت بنجاة الطريدة السورية من ” المتهاويشين” عليها، على حد تعبيره.

انتهت اللعبة، لكن الحرب الاقتصادية لم تنته بعد، ومازالت تجر أذيالها في أقاصي شرق وشمال سورية، ناهيك عن الحروب الهجينة التي اعتمدها المهزومون والتي تنطوي على تجويع الشعب السوري واللعب بورقة اللاجئين السوريين وإثارة الفتن الطائفية.

ولفت جلول إلى أن إعداد هذه الكتاب في نسخته الفرنسية استغرق ثلاث سنوات تقريباً قبل صدوره عن دار ” ديلغا”، مطلع الصيف الماضي، حيث تزامن صدوره مع صدور النسخة العربية إلى حد ما. مضيفاً أنه كان من الصعب إقناع دور النشر الفرنسية بأن الحرب العالمية على سورية ماضية نحو فشل مدو اعترفت به الأطراف التي شنتها، على الأقل، في الجانب العسكري والسياسي، وأن إسقاط الدولة السورية كان عصياً عليهم لأسباب عديدة أبرزها صمود الجيش العربي السوري، والتأييد الداخلي الذي حظي به الجيش مدعوماً بالأدوار الأساسية المخلصة لحلفاء دمشق في موسكو وبكين وطهران وبيروت. بالإضافة إلى تصميم الثنائي الروسي-الصيني المستمر في ردع التدخل الغربي في الشؤون السورية ومساعدة الحكومة السورية على استعادة سيادتها على ما تبقى من أراضيها المحتلة بطريقة لا شرعية من قبل أمريكا في الشمال والشرق السوري.

وتساءل، كيف يمكن إقناع الناشرين بأن” اللعبة” فشلت وانتهت، وهم لا يتخيلون أن بلداً مساحته 185 ألف كم مربع ولا يتجاوز حجم سكانه 30 مليون نسمة، بوسعه أن يقاوم بنجاح القسم الأكبر من دول الحلف الأطلسي، وترسانة إعلامه وإعلام حلفائه المدمرة، فضلاً عن التيار المتطرف بمختلف مسمياته، ومنظمات الضغط المعنوي غير الحكومية التي لا تكف عن تحميل مخيلة السوريين والعالم يومياً بشعارات ” إنسانية” مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي.

بعد هذه المقدمة، أشار ميشيل ريمبو، الدبلوماسي الفرنسي المخضرم، إلى أن هذا الكتاب المشترك يضم مساهمات ستة عشر مؤلفاً، من مختلف الجنسيات المنتمية إلى أنحاء مختلفة من العالم، أرادوا بلا مقابل الإدلاء بما يعرفون، وتقديم إضاءاتهم وشهاداتهم، معرباً عن أمله أن يتمكن هذا العمل من تقديم مساهمة في إجلاء الحقيقة، بانتظار إنصاف سورية التي تكالب عليها البرابرة الغزاة.

وأضاف ريمبو، أن العراق وأفغانستان كانت منذ عام 1991، من أوائل من تعرضوا للأذى.  وبعد ذلك بعشر سنوات، عقب هجمات 11 أيلول 2001، أتاحت “الحرب على الإرهاب”، و”مشروع الشرق الأوسط الكبير” الهجوم من جديد، وكان مقرراً غزو سبع دول في غضون خمسة أعوام: العراق، سورية، لبنان، ليبيا والصومال، السودان وإيران.

وهكذا، بعد تفادي الحروب الصليبية السابقة، سيكون قلب العروبة النابض مع العراق من بين الأهداف الأساسية، وبما أن الهدف الشامل الذي سيؤمن مصالح وتفوق” إسرائيل” في قلب هذه المنطقة الواسعة، فلن يوفروا سورية.

في الختام، أوضح ريمبو أنه لم يبد أن غموض العنوان الذي يتحدث عن ” نهاية اللعبة، متنافياً مع التطور المثبت منذ بضع سنوات: إن كانت الدولة السورية المدعومة من حلفائها روسيا، إيران، الصين، والمقاومة اللبنانية قد انتصرت عسكرياً وسياسياً بفضل صمود جيشها ومقاومة شعبها، وفقاً لاعتراف وسائل إعلام الولايات المتحدة، فإن الوضع قد يطول على شكل حرب هجينة حالية مفروضة على شكل عقوبات وإجراءات قسرية وغير شرعية يمارسها ما يسمى” معسكر الخير”. إلا أن النهاية تبدو على ارتباط بالتطورات الجيوبوليتيكية الجارية في أوكرانيا وفي العالم، في سياق التحول الكبير على المستوى العالمي لصالح المعسكر الاوراسي، الذي تسارع في ربيع 2023 ليمس القارات كلها بما فيها العالم العربي-الإسلامي، الذي بدا حتى الآن مشدوداً إلى الغرب.

  • تم تبويب المساهمات في ” 4″ عناوين رئيسية هي: وجوه الحرب، “إسرائيل” والمسرح الإقليمي، الغربيون، في قلب الجغرافية السياسية للنظام العالمي الجديد.
  • كما تم تقديم الكتاب المساهمون في هذا الكتاب وهم:

ثريا عاصي: لبنانية، صحفية ومحللة سياسية، ومراسلة لعدة صحف عربية.

جيرار بايت: طبيب ورئيس سابق لـ ” مجموعة الصداقة البرلمانية فرنسا-سورية”.

أحمد بن سعادة مدرس وتربوي، حاصل على دكتوراه في الفيزياء. أستاذ محاضر في جامعة وهران الجزائرية.

جاك شميناد، موظف سابق رفيع ومؤسس ورئيس حزب ” تضامن وتقدم” ترشح ثلاث مرات للانتخابات الرئاسية الفرنسية.

أوديل موجون، المديرة السابقة لحملة جاك شميناد الرئاسية عام 2017. منسقة معهد شيلر حول “طرق الحرير الجديد” جسر بري اوراسي، ومؤلفة القسم المتعلق بسورية.

الكولونيل ألان كورفيز، ضابط مشاة متقاعد من الجيش الفرنسي.

الجنرال الياس فرحات، شغل عدة مناصب في الجيش اللبناني قبل أن يمارس وظائف في وزارة الدفاع وهيئة الأركان العامة.

برونو غيغ، الموظف الرفيع سابقاً، وباحث في الفلسفة السياسية وراصد للحياة العالمية. يدرس تاريخ وجغرافية جمهورية الصين الشعبية في جامعة “لارينيون” بالمشاركة مع معهد “كونفوشيوس”.

فيصل جلول، باحث وكاتب مقال لبناني يقيم في فرنسا منذ أكثر من 25 عاماً، عمل في وسائل إعلام مختلفة ومراكز أبحاث في أوروبا والعالم العربي.

صونيا خانجي -قشيشو، مجازة من جامعة القديس يوسف في بيروت، ومدرسة فيها قبل أن تدير مشروعاً أسرياً في المدينة التي ولدت فيها.. دمشق.

ناديا خوست، كاتبة وصحفية سورية تعيش في دمشق، تهتم بحماية الإرث السوري، وقد ساهمت في تأسيس لجنة حماية دمشق القديمة، وهي عضو في اتحاد الكتاب العرب.

عقيل سعيد محفوض، سوري، كاتب وأستاذ جامعي، وفي ميدان العلوم والأبحاث، يهتم بالمسائل الثقافية والفكر السياسي والشؤون الإقليمية والدولية.

رينيه نبعة، مدير قسم العالم العربي-الإسلامي سابقاً في وكالة الصحافة الفرنسية.

ماجد نعمة، مدير مجلة ” أفريقيا-آسيا” لسنوات طويلة، باحث وناشر وصحفي وكاتب.

ميشيل ريمبو دبلوماسي فرنسي سابق، كاتب مقال ومحاضر، كان سفيراً في موريتانيا، السودان، زيمبابوي. له العديد من الكتب، منها على سبيل المثال: السودان في جميع حالاته”، عاصفة على الشرق الأوسط الكبير”، الحرب السورية”، “العلاقات الدولية في 80 بطاقة”، وتلك السنوات التي ارتسم فيها نظام عالمي جديد”.

ليسلي فارين، مديرة معهد اليقظة ودراسة العلاقات الدولية والإستراتيجية، صحفية تحقيقات منذ 20 عاماً.

رولا زين، من مواليد دمشق، مجازة في الصحافة من المعهد الفرنسي للصحافة والعلوم السياسية في جامعة السوربون.