ثقافة

الأب زحلاوي وجوقة الفرح مكرّمان في أماسي

لُقب بخالق الفرح وبالأب الدمشقي لأنه أب لكل السوريين، ألّف كتابه “رسائل مفتوحة” للحدّ من الشر في العالم، مثّل سورية في كل العالم، بعد أن حقق حلمه بتأسيس جوقة الفرح لتكون أول جوقة تغادر جدران الكنيسة وتنطلق إلى الفضاء الخارجي، هو الذي يتوحد مع أطفاله على مسرح الأوبرا ويردد”أحبكم كثيراً”، الأب إلياس زحلاوي، الذي حصل على جائزة الدولة التقديرية في مجال النقد والدراسات والترجمة، كان حاضراً في ندوة أماسي مع قادة جوقة الفرح د. حبيب سليمان ورجاء الأمير وكلوديا توما ومروان نخلة ورياض معوض لمناسبة مرور أربعين عاماً على تأسيسها، في المركز الثقافي العربي –أبو رمانة- بإدارة الناقد الإعلامي ملهم الصالح.

التقارب بين أطياف المجتمع
وقد كرّمت وزارة الثقافة ممثلة بمعاون وزير الثقافة د. علي المبيض الأب زحلاوي بتسليمه شهادة التكريم ولوحة تشكيلية مقدمة من الفنانة التشكيلية دعاء بسطاطي “للسيدة العذراء والمسيح عليه السلام”، وبدأ د. المبيض التكريم بقوله: إذا كانت كل الدروب تؤدي إلى روما كما قال حنبعل، وإذا كانت كل دروب الحبّ توصل إلى حلب كما قال نزار قباني، فأنا أقول إن كل دروب السلام والسكينة والطمأنينة تؤدي إلى سلوكيات وأخلاقيات الأب إلياس زحلاوي، وقد قالوا قديماً إن الفنّ المنبعث من الدين هو الفنّ الذي يقدم البهجة لقلوب الآخرين، فكيف إذا كان هذا الفنّ ينبعث من جوقة الفرح التي أسسها قبل أربعين عاماً الأب زحلاوي، فماذا نسميه غير الفنان النبيل متعدد المواهب، وإن المبدع يكرّم في بلدنا سورية، لأنها منبع الحرف وموطن أول نوطة موسيقية وأول محراث وأول اتفاقية سلام في التاريخ، لذلك سورية بهذا العمق التاريخي الكبير والتي كل مئة عام تقريباً تقدم قامة ثقافية أو فنية كبيرة في الوطن، فنحن نفتخر بأننا نكرّم اليوم الأب إالياس زحلاوي هذه القامة الثقافية الفنية الاجتماعية.
وقبل أن يبدأ الصالح حواره مع الأب زحلاوي عُرض فيلم توثيقي تعريفي انطلق من كنيسة سيدة دمشق من بداية تأسيس الجوقة التي كانت أشبه بحبة خردل غدت شجرة الفرح، وخرجت من جدران الكنيسة لتجوب العالم وتمثل سورية في أوروبا وأستراليا والأمريكيتين، لتتوقف الكاميرا عند مقاطع من الأمسيات التي شارك فيها الفنان وديع الصافي.

شهداء الجوقة
وأثار الصالح شجن الأب زحلاوي بحديثه عن شهداء الجوقة الذين اغتالتهم يد الغدر، ليتحدث عن استشهاد كل واحد منهم بحزن بالغ شادي شلهوب ولين كويتر وماري كحلا ونيكول بربارة وإلياس رعد. وبأنه يحتفظ بصورهم في غرفته ويصلي لهم كل يوم. ثم عرضت مقاطع من الفيديوهات لمشاركة شهداء الجوقة.
ثم انتقل الصالح إلى بعض الشهادات التي تضمنها كتاب”جوقة الفرح” منها شهادة د. عماد فوزي الشعيبي الذي قال: “المسيحيون والمسلمون لايتعايشون في سورية فحسب، بل ينشدون معاً وهذه سابقة في تاريخ العلاقات بين الأديان، لم تحدث في أيّ مكان في العالم”، وأضاف بأنه تعرّف إلى الأب زحلاوي في عام 1983 أثناء عرض مسرحية في الكنيسة جمعت بين مسلمين ومسيحيين على المسرح، فوصفه بأنه أب لكل السوريين، وبأنه خرج من لعبة التعايش في شهادته لأن التعايش يكون بين قطاعين، ونحن في سورية قطاع واحد.

البداية
وانتقل الصالح في حديثه مع الأب زحلاوي إلى شرارة البداية في عام 1962حينما حضر في سينما الزهراء أمسية لجوقة فرنسية للأطفال، فبقي الحلم يسكن فيه إلى أن رُسم كاهناً لكنيسة سيدة دمشق، فكانت بداية التأسيس عام  1977 بخمسة وستين طفلاً لإحياء سهرة عيد الميلاد، واليوم أصبحت جوقة الفرح تتألف من جوقات عدة وتضم ستمئة وعشرين عضواً.
وتحدث الأب زحلاوي عن تعاونه مع وديع الصافي باختياره مقاطع من المزامير والترانيم الدينية لتلحينها وغنائها، ونصوصاً عربية من التراث لتكون الأمسية الأولى في 14-12 1988، ومنذ ذلك الوقت خرجت الجوقة من جدران الكنيسة حيث كان ينحصر غناء الجوقات بالغناء الكنسي فقط، ليفصح الأب زحلاوي عن أمر واجهه بشدة وهو خلافه مع السلطة الكنسية العليا، وفي النهاية حصل على موافقة بإقامة الأمسية، ووزعت البطاقات مجاناً.

وديع الصافي
وتطرق الصالح إلى عرض مقتطفات من حوار أجرته السيدة ديانا جبور مع الراحل وديع الصافي وسألته عن علاقته بالجوقة ليجيب: بأنها جزء من حياته وروحه وتاريخه، لينهي الأب هذا المحور بحزنه على فراق وديع الصافي حينما زاره قبل وفاته بيوم واحد، وقال له: “أبونا أنا مسافر” منوّهاً إلى أن كل ما قدمه للجوقة كان عملاً مجانياً.
ثم تحدث الأب زحلاوي عن تكريم زكي ناصيف عام 1999 وغنائه مع مئة عضو من أعضاء الجوقة “مهما يتجرح بلدنا” وكذلك الأمسية المشتركة التي جمعت بين حمزة شكور وجوقة الفرح عام 2001 في الكنيسة الكبرى في حارة الزيتون. وأنهى الأب زحلاوي لقاءَه مع جمهور أماسي برسالته التي تحمل الحبّ والفرح والإيمان إلى كل السوريين.

محبة السوريين للجوقة
وبيّن د. حبيب سليمان أنهم يلمسون تكريم الناس ومحبتهم بإقبالهم على أمسيات جوقة الفرح، في حين أوضحت رجاء الأمير بأن الجوقة اشتغلت في زمن الحرب كي تخلق الفرح في أعماق السوريين.
ملده شويكاني