الجعفري: مركز العمل الإنساني دمشق وليس غيرها والعبء الأساسي تتحمله سورية وحلفاؤها وشركاؤها
أكد مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الدكتور بشار الجعفري أن مواصلة فرض الدول الغربية إجراءات اقتصادية قسرية على سورية وعرقلتها تضمين قرار مجلس الأمن الأخير حول إدخال المساعدات عبر الحدود أي إشارة لهذه الإجراءات تثبت مجددا زيف ادعاءاتها بأن إجراءاتها لا تستهدف المدنيين السوريين، وأوضح، خلال جلسة لمجلس عبر الفيديو حول الوضع الإنساني في سورية، أن مجلس الأمن شهد مطلع الشهر الجاري سعيا غربيا محموما لتمديد مفاعيل القرار 2165 لعام 2014 الخاص بإدخال المساعدات عبر الحدود، وهو القرار الذي كان اعتماده إجراء استثنائيا مؤقتا لا يمكن استدامته، وترافق هذا السعي مع عقد جلسات مفتوحة ومغلقة للمجلس وإجراء تسع جولات من التصويت، مشيرا إلى أن الدافع من وراء ذلك ليس إدخال المساعدات الإنسانية لمحتاجيها من السوريين بل إيجاد ذرائع لمواصلة انتهاك سيادة سورية وتهديد وحدة وسلامة أراضيها الأمر الذي يتعارض مع قرار الجمعية العامة المرجعي رقم 46-182، ومحاولة خلق وقائع جديدة على الأرض من خلال تقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية والميليشيات الانفصالية ومحاولة استدامة الاحتلالين الأمريكي والتركي.
ولفت الجعفري إلى أن مندوبي الدول الغربية في مجلس الأمن عرقلوا أي مسعى لتضمين مشروع القرار 2533 أي إشارة للإجراءات القسرية أحادية الجانب وأي مطالبة للأمانة العامة بتقرير أو حتى معلومات عن آثار هذه الإجراءات على الحياة اليومية لملايين السوريين وتأمين احتياجاتهم الأساسية، وبين أن سورية أبلغت الأمم المتحدة مرارا بما يعانيه قطاعها الصحي من نقص كبير في الأدوية والخيوط والمواد الجراحية والتجهيزات الطبية الأساسية جراء الإجراءات القسرية غير الشرعية المفروضة عليها، وبلغ الأمر حد منع توريد الأكياس البلاستيكية الفارغة المخصصة لحفظ الدم، وامتناع منظمات الأمم المتحدة في سورية عن تقديمها رغم الحاجة الماسة لها في المراكز الطبية والمشافي السورية، متسائلا.. أين هو مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “أوتشا” من ذلك وأين هو من نداء الأمين العام ومبعوثه الخاص لرفع الإجراءات القسرية وأين هو من الحس الإنساني والحرص الإنساني المزعوم؟!.
وأشار الجعفري إلى أن سورية أعلمت الأمم المتحدة في الرابع عشر من نيسان الماضي بموافقتها على تسيير قافلة مساعدات إنسانية إلى منطقة الأتارب ومحيطها في شمال غرب سورية، لكن حتى اليوم وبعد مضي مئة يوم على تلك الموافقة لم يتخذ “أوتشا” أي خطوات لتنفيذ تلك القافلة، كما قامت سورية بتيسير إيصال شحنة مساعدات طبية مقدمة من منظمة الصحة العالمية برا من اللاذقية إلى مناطق شمال غرب سورية، فيما وصلت مؤخرا إلى سورية شحنة مساعدات طبية كانت عالقة في العراق بعد أن يسرت السورية نقلها جوا من مطار أربيل في العراق إلى مطار دمشق الدولي وتم نقلها برا إلى منطقة القامشلي، وهو ما يفند أي مزاعم حول عدم إمكانية إيصال المساعدات من الداخل عبر الخطوط إلى كل أنحاء سورية، وأوضح أن سورية أعلمت “أوتشا” أن بمقدوره العمل من داخل سورية، واستخدام المعابر الرسمية المعتمدة، بما فيها معبرا البوكمال مع العراق ونصيب مع الأردن ومطارا حلب والقامشلي، لإدخال المساعدات الإنسانية وهذا ينفي أي حاجة للعمل عبر الحدود أو حتى لقرار من مجلس الأمن وبالرغم من ذلك لم يقم “أوتشا” بأي إجراءات للاستفادة من هذه الموافقة.
ولفت الجعفري إلى أن المساعدات المقدمة عبر الحدود لم تجد طريقها إلى محتاجيها من المدنيين السوريين وما كان يصل لهؤلاء ليس إلا الحد الأدنى اللازم للتغطية على استخدام هذه المساعدات لدعم التنظيمات الإرهابية والميليشيات الانفصالية وتمكينها من الحصول على المال والولاءات لافتا إلى ما أوردته صحيفة الشعب الهولندية عن سرقة مؤءسس منظمة “الخوذ البيضاء” الإرهابية البريطاني جيمس لو ميسورييه خمسين مليون دولار من أموال المانحين وهذا مثال واحد فقط وهو نموذج للتمويل غير المباشر للإرهاب ومتزعميه تحت ستار الأعمال الإنسانية.
وشدد الجعفري على موقف سورية بأن مركز العمل الإنساني فيها هو دمشق وليس مدينة غازي عينتاب في تركيا أو بروكسل البلجيكية أو برلين الألمانية أو باريس الفرنسية أو غيرها وأن العبء الأساسي في توفير المساعدات الإنسانية والخدمات والدعم للسوريين تتحمله مؤسسات الدولة السورية وحلفاؤها وشركاؤها في العمل الإنساني، مشيرا إلى أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤءون الإنسانية “أوتشا” أخفق في الوفاء بمتطلبات العمل الإنساني وضمان عدم تسييسه وشفافيته ومهنيته وحياديته حيث جعل من نفسه أداة لخدمة أجندات بعض الدول المعادية لسورية، وحول تقاريره إلى منصة للترويج للمزاعم والادعاءات المضللة.
وجدد الجعفري التأكيد على مضمون الشكوى الرسمية التي وجهتها سورية نهاية أيار الماضي إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الامن ضد ممارسات بعض الدول الأعضاء وفي مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وتركيا وخاصة حيال الإجراءات القسرية أحادية الجانب التي تفرضها على سورية وغيرها من الدول النامية إضافة إلى احتلالها أراضي سورية وقمعها وقتلها المتعمد للسوريين، مبينا أن سورية لا تزال بانتظار التجاوب بشكل رسمي مع هذه الشكوى وتلقي الرد عليها، وهي تأسف لتنصل المتحدث باسم الأمين العام بشكل متكرر من الإجابة عن سؤال وجه له ثلاث مرات حول ما قامت به الأمانة رداً على الشكوى التي قدمتها سورية.
وبين الجعفري أن الدول المعادية لسورية لم تكتف بانتهاكاتها الجسيمة الموثقة لمبادئ وأحكام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي ولا بجرائمها بحق الشعب السوري واحتلالها أرضه ونهبها وتدميرها مقدراته ومحاصرته وتجويعه، ولا بدعم التنظيمات الإرهابية التي أوغلت في دماء السوريين، ودعم ممارسات نظام أردوغان الخارج على الشرعية الدولية وممارسات العدوان والاحتلال والتهجير والتغيير الديمغرافي وتجنيد الإرهابيين والمرتزقة التي يرتكبها دون رادع أخلاقي أو قانوني، ولا بالاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، بل زادت على كل ما سبق شن اعتداءات على الطائرات المدنية العابرة للأجواء السورية، في انتهاك سافر للقانون الدولي والقواعد الناظمة للطيران المدني الدولي واتفاقية شيكاغو، وهو ما تجلى في اعتداء الطيران الحربي الأمريكي قبل أيام على رحلة مدنية تقل مسافرين مدنيين من طهران إلى بيروت فوق الأجواء السورية.
وأكد الجعفري أن هذا العمل العدواني الترهيبي ليس الأول من نوعه حيث ان طيران العدو الإسرائيلي قام في مرات سابقة بالاحتماء بطائرات مدنية سورية وروسية خلال اعتداءاته على الأراضي السورية واستخدم المسافرين المدنيين دروعا بشرية لشن أعماله العدوانية وهدد سلامة الطيران المدني الدولي بما في ذلك في الأجواء اللبنانية التي دأب على استخدامها بشكل متكرر للاعتداء على الأراضي السورية وهو ما تضمنته عشرات الرسائل الرسمية التي وجهتها سورية ولبنان لمجلس الأمن، مشددا على أن هذه الممارسات تثبت سقوط مرتكبيها في امتحان القانون الدولي، ومن يسقط في امتحان هذا القانون لا يمكن أن يكون له أي مصداقية في الامتحان الإنساني ولا يحق له أن يتشدق بالحديث عن قضايا إنسانية.
وختم الجعفري بالقول: كنا نستخدم في بياناتنا أمام مجلس الأمن تعابير دبلوماسية متعارفا عليها عندما كنا نلفت عناية مندوبي الدول الاعضاء إلى وجود تدخل خارجي سافر في شؤوننا الداخلية، واليوم نستبدل هذه الصورة الدبلوماسية بصورة أكثر تعبيرا لعل المجلس يصحو ويدرك أن هناك وحشاً هائجا ًاسمه احتلال أمريكي في منطقة التنف وفي شمال سورية، وأن هناك وحشا آخر تركيا في الشمال.. ووحشاً إرهابياً في منطقة إدلب يحظى بدعم بعض الدول الأعضاء..وهذه المناطق كلها أراض سورية يعاني فيها ملايين المدنيين إنسانيا وسياسياً واقتصادياً..وعراب هذه الوحوش هو الوحش الرهيب المتمثل بالإجراءات الأحادية القسرية الأوروبية والأمريكية.