ثقافة

غض البصر.. حين يكون جريمة

أكرم شريم

لا أريد أن أظهر مبالغاً في هذه الأسطر، خاصة وأن المبالغة وفي كل مكان توجد فيه إنما هي خروج إلى الخطأ!.
إن أثمن ما نملكه في هذه الحياة ومن الناحية المادية هو الذهب والألماس وما إلى ذلك من المعادن الثمينة مثل اللؤلؤ والمرجان ولا أدري في عالم الغلاء أكثر من ذلك!.
هذا من النواحي المادية في هذه الحياة، ومبارك لكل ثري، ولكل من يملك مثل هذه المجوهرات. ولكن من الناحية المعنوية ألا توجد مجوهرات أيضاً وذات قيمة مادية وأكرر مادية ومعنوية أيضاً مثل الأخلاق، والقيم العليا والشرف والروح الوطنية، والإنسانية وما إلى ذلك؟!. نعم توجد هذه المجوهرات المعنوية في حياتنا، وما أكثرها، وما أهمها، وما أحلاها أيضاً!.
وما بالكم إذا تحدثنا عن العدالة؟!.. العدالة في كل شيء.. العدالة في كل علاقة.. العدالة في كل تفكير.. العدالة في كل قضاء، وفي كل حكم نتخذه كأفراد أو كدول، أو كمجتمع دولي، وما أهم من تكريس القوة.. وكل ما يمكن من القوى وبكل أنواعها لتحقيق العدالة؟!. وبذلك تتحقق مشروعية الأمم المتحدة، ومشروعية العدالة الدولية.. ودون ذلك تبقى العدالة صورة شكلية ومن خلال إعلام كاذب ومخادع، ومن خلال مساعدات للمجرمين، وغض بصر عنهم، بل ومساعدتهم من خلال غض البصر أكثر من كل المساعدات الأخرى، وذلك مثل هذا الاستيطان الإجرامي في الأراضي العربية الإسلامية الفلسطينية، وخاصة الإعلان الإسرائيلي وعلى مسمع الدول الكبرى ورجال العدالة المحلية والإقليمية والعالمية، بأن الاستيطان في إسرائيل سيكون هو لغة هذه الدولة وباستمرار، وبشكل دائم، وهذه التمثيليات الإسرائيلية الديمقراطية المخادعة، والتي تفضح عدم وجود أي أثر أو شكل أو لون للديمقراطية في دولة الاحتلال، كأن تقوم بإخلاء عدد من الأسر في مستوطنة وفي الوقت نفسه احتلال الأراضي العربية الإسلامية الفلسطينية لإقامة آلاف المساكن في المستوطنات!.
في هذه  الحالة الإجرامية العالمية والمعلنة، تسقط العدالة الدولية تحت أحذية المحتلين، وتسقط الإرادة الدولية تحت أحذيتهم أيضاً، ويسقط كل احترام للأمم المتحدة، والتي تأخرت وشاخت وخرفت أيضاً ويجب استبدالها، وكما انتهت مرحلة عصبة الأمم المتحدة، انتهت الآن ومنذ زمن بعيد أصلاً مرحلة الأمم المتحدة المنتهية حقيقة!. وهكذا تكون النصيحة اليوم أن العدالة ليست عند القاضي وحده.. فقد خلقها الله في عقولنا وقلوبنا جميعاً، وكذلك وضعت الشعوب القضاء في أعلى مكانة في بلادها ونشرت القضاة في كل مدينة بل وقرية أيضاً في هذا العالم، لكي يجري إحقاق الحق للضعيف كما يجري للقوي، وللقلة كما للكثرة من السكان والأهالي والأقليات والأفراد، ومن كل الأعمار فالحقوق شرف ومن لا يؤمن بها ولأصحابها ويدافع عنها بكل ما أوتي من القدرات من أضعف القدرات إلى أقواها، فهو غير شريف سواء كان فرداً أو جماعة، أو أمماً أو دولاً كبرى، وباستمرار ودائماً!.