تحقيقاتصحيفة البعث

لأنك أقوى من السرطان الكشف المبكر عن سرطان الثدي يساهم في تحقيق نسبة شفاء مرتفعة

 

“الشفاء التام
من سرطان الثدي ممكن جداً
في حال تم اكتشافه منذ بدايته
لدرجة أن داء السكري قد يكون أخطر منه”لم يخطر ببال رنا ولو للحظة واحدة أن تلك الضربة المؤلمة على صدرها التي كانت بسبب سقوط طفلتها الصغيرة عليها ستكون نتيجتها اكتشافها المبكر لسرطان الثدي، وهي السيدة الثلاثينية التي قضت سنوات عمرها وهي تعلّم طلابها في المعهد الطبي كيفية إجراء الفحص الشعاعي، خضعت لعلاج كامل كانت نتيجته استئصال جزء من الثدي، وها هي اليوم تتمتع بصحة جيدة، وتتابع عملها في مشفى المواساة، تمنحك جرعة من التفاؤل والسعادة، وتقدم دليلاً دامغاً عن المرأة التي استطاعت مقاومة سرطان الثدي من دون خوف، وتمكنت من التغلب عليه، في وقت، كما أوضحت، لم يكن هناك الوعي الكافي عن هذا المرض الذي كان مجرد ذكر اسمه كفيلاً بدخول المريضة نوبة اكتئاب تجعل كل ما قد تتلقاه السيدة من علاج يذهب أدراج الرياح، ويعيدها إلى نقطة الصفر!.

دلالات واضحة
اللون الوردي يستخدم للدلالة على سرطان الثدي، وعلى عكس ما هو سائد بأنه يرمز للأنوثة فقط، ولكنه في الوقت نفسه يرمز للقوة، وشعار الحملة المستخدم عالمياً يرمز للاحتضان والتضامن مع السيدات المصابات، فالحملة عالمياً بدأت في الولايات المتحدة الأمريكية عام ألف وتسعمئة وواحد وتسعين في الشهر العاشر من كل عام للتضامن مع السيدات المصابات، وفي أثنائها تم توزيع هذا الشعار عليهن، وبعد ذلك تم اعتماده بشكل رسمي، تحدث الدكتور خالد خطاب، اختصاصي تشخيص وتصوير شعاعي، والمشرف على حملة الكشف المبكر عن سرطان الثدي في مشفى المواساة الجامعي، قائلاً: بدأت سورية تهتم بها بشكل ملحوظ، خاصة في السنوات الأخيرة لما لها من أهمية كبيرة في اكتشاف حالات مبكرة عند السيدات المصابات، وبالتالي المساهمة في إنقاذ حياتهن، وما يميز الحملة هذه السنة هو الوعي الملاحظ عند عدد كبير من السيدات، والأعداد الكبيرة لهن، ومن دافع شخصي، حتى إن الكثير من المواعيد لسيدات سيقمن بالفحص تمتد لمنتصف شهر تشرين الثاني، أي بعد انتهاء الوقت المحدد للحملة بحوالي خمسة عشر يوماً، على الرغم من أن الحملة تستمر لشهر كامل منذ بداية شهر تشرين الأول وحتى نهايته، ويرجع الدكتور خطاب السبب الأساسي لإقبال السيدات على فحص أنفسهن إلى الدور الكبير الذي لعبه الإعلام، والجمعيات الأهلية، والمجتمع المدني، والحملات التي يقوم بها شباب مثقف واع كبصمة شباب سورية، والأمانة السورية للتنمية التي تقوم باصطحاب السيدات اللواتي يرغبن بالفحص إلى المراكز الصحية المعتمدة، مختتماً حديثه بأن الجهاز الموجود في مشفى المواساة الجامعي جهاز متطور جداً، وبمقاييس عالمية، ويعطي النتيجة النهائية بشكل فوري دقيق.

الأسباب المؤدية للإصابة
تحدثت الدكتورة نسرين رزق خازم، اختصاصية أمراض الدم والأورام، بأن هناك أسباباً مثبتة تؤدي إلى الإصابة بسرطان الثدي تم إثباتها بدراسات علمية عالمية، فقد أكدت نتائج هذه الدراسات أن الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بورم الثدي تأتي في مقدمتها الأسباب المورثية كإصابة أحد أفراد العائلة، أو اضطراب بالطفرات، بمعنى تبدل بالبنية الهندسية لأصغر جزء بالجسم، وما يعرف بـ DNN الذي يحدث طفرة، ما يؤدي إلى تغيير عدد من الطفرات، وبمجرد وجودها تحدث ورم الثدي، وهذا ما نلحظه كثيراً عند السيدات بعمر صغير، أي تحت سن الأربعين، أيضاً MENTAL distress أو الشدة النفسية، وطبيعة الحياة السيئة، والتوتر الدائم، أو ما قد نطلق عليه الحياة غير الصحية، وهي من الأسباب الأكيدة للإصابة بسرطان الثدي، طبعاً التدخين، والكحول، والتلوث البيئي لها دور، ولكن لا تعتبر مسببات رئيسية للإصابة بورم الثدي، بينما تعتبر مسببات رئيسية للإصابة بأورام أخرى.

الخوف من المرض والحرب
الخوف هو أحد أهم العوامل التي تؤدي إلى تدهور حالة المريضة، لذلك دائماً الوعي، وثقة السيدة بأنها ستتمكن من التغلب على المرض، هما أهم عاملين للشفاء، ويوضح الدكتور خالد خطاب أنه وخلال الحملة التي يقومون بها تم رصد عدد من الحالات المشتبه بها، موضحاً أن هناك عدة عوامل مؤهبة تلعب دوراً كبيراً بالإصابة أهمها الضغط، أو الشدة النفسية، مضيفاً: عملنا على هذا الموضوع السنة الماضية، وهذه السنة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، قام شباب من الأمانة السورية للتنمية السنة الماضية، بعضهم خريجو علم نفس، بإحضار عينات لنساء شهيدات: زوجة، أو أخت شهيد، أو أم، عانين حكماً من ضغط نفسي، ما يؤكد أن للضغط دوراً في رفع نسبة الإصابة حكماً، فالأنثى نتيجة طبيعتها وحساسيتها تتأثر أكثر من الرجل بما يدور حولها من أحداث مؤلمة، ومن بين كل ثماني نساء سيدة تصاب بالمرض، وهذه نسب عالمية، وفي سورية النسب ضمن المعقول، وبالتأكيد ستساهم حملة الكشف المبكر بتجنيب عدد كبير من السيدات اللواتي يشتبه بإصابتهن بالمرض، من الوصول إلى مراحل متقدمة بالمرض، بحيث ستتمكن من البدء برحلة العلاج التي ستصل بهن في نهاية المطاف إلى التغلب على المرض ومقاومته، وبالتالي ستحقق الحملة الهدف المباشر منها، وهو زيادة الوعي عند أكبر عدد من النساء، فالحملة تساهم بكشف حالات جداً مبكرة، ما يرفع نسب الشفاء.
الدكتورة نسرين رزق خازم تحدثت بشفافية عن الخوف المبرر لدى السيدات، فالمرأة تعتبر أن لهذا الجزء من جسدها خصوصية ترمز للجمال والأنوثة، وهو جزء مهم جداً لدى كل السيدات، ولذلك تشعر بتوتر كبير وقلق في حال تم تشخيص الورم خوفاً من أن يتم استئصاله، لذلك ننصح المرأة هنا أنه كلما سارعت بالكشف المبكر وبمرحلة مبكرة سيتمكن طبيبها الخاص من المحافظة على الثدي، خاصة أن معظم المعالجات الجديدة اليوم تهدف إلى تقديم العلاج المطلوب، والمحافظة على الثدي وعدم استئصاله، أو قد يتم استئصال جزء صغير منه إذا لزم الأمر، ونسبة الشفاء منه تكون مرتفعة جداً، لدرجة أن داء السكري أو الضغط قد يكون أصعب منه، فنحن، مثلاً، لم نسمع عن مريض سكري قد شفي، أو مرض ضغط على سبيل المثال، أما سرطان الثدي فالشفاء منه أمر ممكن جداً، أيضاً الحرب ساهمت بمنع عدد من السيدات اللواتي يسكن في مناطق غير آمنة من مراجعة المراكز الطبية، وبعضهن كان لديهن خوف من عدم توفر مكان لتلقي العلاج، خاصة في ظل الظروف السيئة، ما ساهم بارتفاع نسب الإصابة لسيدات بمراحل متقدمة من المرض، ما يجعل نسب الشفاء منخفضة، وهذا ما قد يبرر ارتفاع الإصابة في السنوات القليلة الماضية.
إن ازدياد الوعي الصحي، والتطور الكبير في العلاجات، ساهما بالشفاء التام، أو بنسبة تسعين بالمئة من هذا المرض، إضافة إلى التطور الذي طرأ على أجهزة الفحص والحملات المجانية والمتكررة التي تقوم بها الجهات المعنية، وارتفاع نسبة النساء اللواتي تحررن من خوفهن من المرض، إضافة إلى الاحتواء والاحتضان والدعم النفسي الكبير التي تتلقاه السيدة المصابة، سواء من أسرتها، أو من طبيبها الخاص، أو من المشفى الذي تتلقى العلاج فيه، وازدياد الفهم الصحيح للمجتمع بشكل عام عن حيثيات هذا المرض ساهم بشكل كبير جداً بالوصول إلى النتيجة المرضية للسيدات، سواء المصابات، أو اللواتي لم يتعرّضن للإصابة، ما يشعرهن بالأمان والثقة.

لينا عدرة