اقتصادصحيفة البعث

الهيئة العامة لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة تسوق إنتاج مشاريعها

 

ليست ظاهرة مهرجانات التسوق التي تشهدها مدننا منذ سنوات، حديثة العهد بل هي قديمة جداً، حيث كانت رائجة منذ عقود قديمة، يوم لم تكن المحلات التجارية موجودة بالآلاف في جميع المدن وبعشراتها في كثير من القرى – كما هي عليه الآن – يوم ذاك، كانت فرصة التسوق متاحة لكثير من المستهلكين مرات محدودة في أوقات معدودة من العام، حيث كان المستهلك يحسب لها مسبقاً، ويوفر بعض المال الذي يلزمه لتسوق حاجاته من هذه المعارض، والتي كانت في معظمها بل جميعها حاجات ضرورية له يومئذٍ.
مهرجانات التسوق تتميز بعرض نماذج عديدة من نفس المادة، أشكال ومواصفات، وأيضاً تتميز بالسعر الآني المنخفض لجميع المواد المعروضة، ما يوفر المزيد من الخيارات للمستهلك، والميزة الأكثر أهمية تتجلى من خلال المواد المتميزة التي قد يكون ظهورها أمام أعين متسوقيها محصوراً من خلال هذه المعارض، إذ لا يتاح تسويقها في السوق، لأكثر من سبب، وحال أتيح ذلك، قد لا تقع إلا تحت أنظار قلة من المستهلكين الموجودين في محيطها، ولكن معارض التسوق توفر لها فرصة الظهور أمام آلاف المستهلكين، بل أمام عشرات التجار الذين قد يقدمون لتسويقها داخلياً وخارجياً.
أحد مهرجانات التسوق الكبيرة والمتميزة هذه، تشهدها اليوم مدينة طرطوس / 4 – 14 آذار/ في قاعة مدينتها الأثرية القديمة، والذي تقيمه هيئة حكومية رسمية هي الهيئة العامة لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، حيث يشارك في هذا المهرجان حوالي /60/ مشروعاً من المشاريع التي رعتها هذه الهيئة، والعائدة لأغلب المحافظات السورية، والتي يتوزع إنتاجها بين الأغذية والألبسة والمنظفات والأحذية والعمل اليدوي، والمنتجات الزراعية، والتراثيات وغيرها، والمواد المعروضة للبيع مباشرة لزوار المهرجان، وبأسعار تنخفض بحدود /30%/ عن السعر المعتاد في السوق.
تم افتتاح المهرجان رسمياً من محافظ طرطوس ومرافقيه من المكتب التنفيذي في المحافظة والقيادات السياسية والإدارية، برفقة المدير العام للهيئة إيهاب اسمندر ومدير فرع طرطوس المهندسة سحر الموعي، وقد تميز المهرجان بحصول أصحاب المشروعات – العارضين – على تسهيلات وفرتها لهم إدارة الهيئة، هذه التسهيلات التي تمثلت بتحمل الهيئة نفقات تجهيزات أماكن عرض المنتجات، وتأمين الإقامة الفندقية المجانية للقادمين من المحافظات، بما في ذلك المشاركون من أطراف محافظة طرطوس، وقد أمَّن هذا المهرجان تلاقي أصحاب المشاريع من جميع المحافظات، ما يجّذر اللحمة الوطنية الجامعة لجميع أبناء الوطن، وسيترتب عنه إشهار منتجات جميع المشاريع التي شاركت في هذا المهرجان، وسيساهم في تصريف قسم من إنتاجها للمستهلكين خلال أيامه العشرة، وسيتيح المهرجان فرصة تعرف التجار على كثير من المنتجات، الذي سيكون لهم دور كبير لاحق في ترويج تسويقها داخلياً، والعمل على تسويق بعضها خارجياً.
لا جدال في الأهمية الاقتصادية الكبرى لهذا المهرجان، إذ هو فرصة منتج ومستهلك وتاجر في آن واحد، ولكن من المتوجب أن تتجلى الأهمية الاقتصادية الأكبر، عبر المزيد من اهتمامات الهيئة باتجاه تمكين إحداث المزيد من المشاريع الجديدة – الصغيرة والمتوسطة – في كافة المحافظات، بالتعاون مع الجهات الأخرى المعنية في أداء الدور المنوط بها، وخاصة الجهات المصرفية الممولة لهذه المشاريع، عبر تسهيل منح قروضها بأقل فائدة وأدنى شروط، بالتوازي مع تسهيلات الترخيص الواجبة على وحدات الإدارة المحلية، في جميع المحافظات، وحبذا التركيز على المشاريع الزراعية والحيوانية، وعلى أن تولي جميع الجهات الاهتمام الكبير في تأمين تسويق المستلزمات المطلوبة لتأسيس وتشغيل هذه المشاريع، المتتابع باهتمام مماثل في تسويق إنتاجها بما يضمن تحقيق عائدية تمكنها من الاستمرار، ومن الجدير الإشارة إلى أن مدينة طرطوس تشهد خلال الفترة نفسها، مهرجان تسوق تقيمه غرفة صناعة دمشق، بمشاركة حوالي /100/ شركة صناعية، منتجة لعشرات المنتجات، التي تعرض إنتاجها مباشرة أمام المستهلك، ما يوفر عليه الفارق السعري الذي كان يتقاضاه تاجر الجملة.
عبد اللطيف عباس شعبان
عضو جمعية العلوم الاقتصادية السورية