دراساتصحيفة البعث

ماذا يعني التحالف السعودي الأمريكي؟

سمر سامي السمارة

من يتحالف مع الشيطان لابد أن تكون له الأهواء والميول ذاتها، ولأنها حقيقة لا يمكن دحضها، فإن تلطي الولايات المتحدة خلف قناع الاستثنائية الكاذب لا يؤدي سوى إلى اشتداد ذلك الشر. ومن الواضح، أن المؤامرات لارتكاب الشر تستفحل يوماً بعد يوم، لكن يبدو أن بعض هذه التحالفات وكأنها في رحلة لا نهائية إلى العالم السفلي. ولعلّ تحالف الولايات المتحدة مع النظام السعودي الذي  لا يقوم إلا على الجشع والقتل والسلطة هو خير مثال على مثل هذه التحالفات.

يبدو أن المحاولات لفهم العقلية الأمريكية، وخاصة عندما يتعلق الأمر بشغفها الواضح بشنّ الحروب، وتأليه أولئك الذين يخوضون حروباً عنها بالوكالة، ليست إلا محاولات فاشلة. وبالرغم من الاختلاف الكبير في معايير ومظاهر الذهنية المشتركة بين السعودية والولايات المتحدة، تطالعك حالة غريبة من اللامبالاة الجماعية العمياء تجاه هذا التزاوج الشائن وغير الأخلاقي.

قد يكون من الصعب للغاية تحقيق قابلية للمقارنة بين السعوديين والأمريكيين، نظراً للاختلافات الحادة على كافة الأصعدة، لكن قيادتي هذين البلدين أكثر تلاؤماً، على الأقل فيما يتعلق بأجندتهما المعروفة. فالسعودية حكومة ملكية مطلقة، يحكمها آل سعود بيد من حديد، إذ يتقلد ولي العهد محمد بن سلمان منصب نائب رئيس الوزراء، ورئيس مجلس الشؤون السياسية والأمنية، ووزير الدفاع وكذلك مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية السعودي، أي أنه يسيطر على كافة مناحي الحياة السياسية والأمنية والاقتصادية إضافة إلى العسكرية.

تبعث علاقة الشراكة بين ترامب والولايات المتحدة والسعودية إضافة إلى العلاقة مع “إسرائيل” على المزيد من القلق على كافة الأصعدة، إذ يرتبط هذا التواطؤ بالنفط والحروب بالوكالة، والتلاعب في أسعار سوق الطاقة، والسياسة في الشرق الأوسط، والتخطيط التقني، والمبالغ الضخمة من المال، والتخطيط للمؤامرات السياسية والجيوسياسية المستقبلية والحرب المحتملة على إيران.

ومن هنا التركيز على الشراكة الغريبة بين السعودية والولايات المتحدة، إذ تُقدّر ثروة العائلة المالكة بـ 1.7 تريليون دولار، وربما تتجاوز ذلك بكثير، حيث تقوم الولايات المتحدة بشراء النفط من السعوديين، ويشتري السعوديون أسلحة بمبالغ تزيد على 110 مليارات دولار من شركات أمريكية. وفي المحصلة تزوّد الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وباقي الدول الغربية، المملكة السعودية بـ 99٪ من أسلحتها، التي تُستخدم في القتل. وتحصل السعودية على 61٪ من هذه الأسلحة التي تستخدمها ضد دول فقيرة- مثل اليمن التي تتعرّض لأكبر كارثة إنسانية في العالم- من الولايات المتحدة.

في الوقت نفسه لا تتوانى السعودية عن قتل وقطع رؤوس مواطنين سعوديين علناً، بعد اتهامهم بارتكاب جرائم غير موجودة، ومعظم هذه الاتهامات توجهها محاكم الدولة الفاسدة. وتكون هذه الاتهامات موجهة ضد أي مواطن يبدي رأيه علناً ​​ضد الحكومة، وضد مرتكبي الأفعال غير العنيفة ممن يرتكبون جرائم من دون ضحايا، بما في ذلك التهم المتعلقة بالمخدرات وتهم أخرى، كالتجديف، والزنا، والسحر، و”شن الحرب على الله”.

ويحفل سجل حقوق الإنسان السعودي بالكثير من الأعمال الوحشية، بما في ذلك عدم حرية التعبير، السجن والتعذيب دون مراعاة الأصول القانونية الواجبة، وانعدام أدنى الحريات للنساء والفتيات، أو التظاهر السلمي، أو ممارسة الشعائر الدينية “الخاطئة”. وتتضمن العقوبات الأخرى قطع الأيدي والأرجل كعقوبة للسرقة، وعقوبة الجلد لما يتعلق بالجرائم الأقل خطورة مثل “الانحراف الجنسي” والسكر. وفي عام 2000 أفيد أنه تمّ الحكم على نساء بالجلد بتهمة الزنا، بالرغم من أنهن ضحايا للاغتصاب، لكن بسبب عدم تمكنهن من إثبات هوية مرتكبي هذه الأفعال، تمّت إدانتهن بارتكاب الزنا.

حقيقة، هذا هو الحليف الرئيسي للولايات المتحدة وذراعها القاتل ضد المدنيين، الذي يستفيد من مساعدات دافعي الضرائب الأمريكيين، وتزوده الولايات المتحدة وأوروبا بأسلحتهما. إنه البلد نفسه الذي صدّر الإرهابيين المزعومين الذين ارتكبوا هجمات الحادي عشر من أيلول، على الرغم من أن القصة الحقيقية لم تُرو قط.

يرى محلّلون أن السعودية تمثّل أسوأ مثال على الانتهاكات الحكومية، والانتهاكات الشنيعة لحقوق الإنسان، واضطهاد المرأة والمعاملة الوحشية لها، وعدم احترام حياة المواطنين على كافة مستويات الحياة الاجتماعية والسياسية، وعلى الجشع الذي لا يتوقف عند حدّ، والعزل العنصري، والتمييز الجنسي والتعذيب والقتل. حيث تقوم سياساتها على عدم احترام الأخلاق وقدسية الحياة، لكن الأمريكيين الغارقين في الجهل وعدم المبالاة  والنفاق لا يقولون أو يفعلون شيئاً لوقف مثل هذا التحالف الذي يرعاه حكام هذين البلدين!.