دراساتصحيفة البعث

الكوكب الأخضر في خطر

تقرير إخباري

تشهد العديد من دول العالم كوارث خطيرة غير مسبوقة بدءاً من موجات الحرّ الشديد التي لا مثيل لها، والتي تسبّبت بحرائق دمرت عشرات آلاف الهكتارات في القارة الأوروبية والغرب الأمريكي مروراً بتركيا والصين، وصولاً إلى شمال إفريقيا في الجزائر وتونس، ثم فيضانات متتالية دمّرت مئات القرى، وأغرقت عشرات المدن في أوروبا، في حين سجلت بعض بلدان العالم درجات حرارة قياسية كما في كندا، حيث سجلت نحو خمسين درجة مئوية وهي أعلى نسبة ارتفاع تشهدها منذ عشرات السنين.

إن نقص طبقة الأوزون وكلّ ما يجري من تغيير مناخي في العالم أزهق مئات الأرواح، وبلغت الخسائر جرّاءه عشرات المليارات من الدولارات. ومع هذا كله، فإن القادم من الأيام والشهور والسنين ربما يكون الأسوأ، فقد قال خبراء إستراتيجيون من معظم دول العالم: “إن سكان الكوكب الأخضر ذاهبون مع تغير المناخ إلى حفرة يواصلون تعميقها بإرادتهم، وأن ما يحدث ما هو إلا البداية في طريق الهاوية فقط”.

وعلى الرغم من طموح اتفاق باريس الذي وُقع في 2015 لاحتواء الاحتباس الحراري العالمي، إلا أن الخبراء رأوا في تقرير لهم أنه ستزداد موجات الحر والقيظ والفيضانات التي ستغرق مدناً وقرى وبلدات بأكملها وغيرها من الظواهر المناخية الغريبة المتطرفة بطريقة غير مسبوقة. كما جاء في التقرير أن الاحترار سيصل في عام 2030 إلى 1.5 درجة مئوية، مقارنةً بعصر ما قبل الثورة الصناعة، وبحلول عام 2050، ستستمر زيادة الاحترار إلى ما بعد هذه العتبة بكثير، وهي أحد حدود اتفاق باريس للمناخ. وإذا لم يتمّ تخفيض تلك الانبعاثات بشكلٍ حاد، سيتمّ تجاوز عتبة درجتين مئويتين خلال القرن الحالي 21، وهذا الأمر سيعني الفشل الذريع لاتفاق باريس.

أطراف اتفاق باريس سيجتمعون بعد ثلاثة أشهر في “غلاسكو”، وسيقع على عاتقهم الوقوف على نتائج وتوصيات التقرير الأممي الخطير الذي وضعه العلماء الإستراتيجيون، والذي يحمل بين ثناياه وسطوره تحذيراً قوياً وإنذاراً بأن الكرة الأرضية مقبلة على ما هو أشد وطأة من كورونا، خاصةً وأن معظم أعضائه من الدول الصناعية الكبرى المسؤولة بالدرجة الأولى عن تغيّر المناخ العالمي.

سيكون مستقبل الأجيال المقبلة على المحك، لأنَّ العالم مقبل على أزمات بل جائحات كبرى عابرة للحدود وعابرة للقارات، وإن لم تفِ الدول بالتزاماتها وما تعهدت به، فقد يواجه مئات ملايين البشر خطر الموت الحقيقي والتشرد في أصقاع الأرض. والدول جميعها دون استثناء، وأهمها الدول الصناعية الكبرى، مسؤولة عن وضع الحلول، والالتزام بتعهداتها بهذا الخصوص، لإنقاذ الكوكب والحياة عليه قبل فوات الأوان.

ريا خوري