ثقافة

مسرحية “هوب هوب” حضور جماهيريّ لافت

أمينة عباس
فترات زمنية متباعدة تلك التي تفصل بين الأعمال الدرامية (مسرحية وتلفزيونية وسينمائية) التي تطيح بمسلَّمات كنا قد صدّقناها وآمنّا بها لفترة طويلة من الزمن، فتأتي تلك الأعمال لتدفعنا إلى إعادة النظر في العديد من الأمور والقضايا الجوهرية التي تمس صميم الأعمال الفنية التي تطالعنا بها شاشات التلفزيون وخشبات المسارح وصالات السينما.. وأقرب مثال على ما نذهب إليه هو ما يحققه العرض المسرحي “هوب هوب” من حضور جماهيريّ قد لا نجانب الصواب إذا قلنا إنه الأول من نوعه على صعيد عروض المسرح القومي، فأن تمتلئ صالة مسرح الحمراء التي تتسع لحوالي ستمئة شخص في  معظم عروض المسرحية إلى درجة أن البعض اضطر في بعض الأحيان إلى متابعة العرض وقوفاً على الأقدام، أمر غير مسبوق في عروض المسرح القومي وسيدعو الكثيرَ من المسرحيين إلى إعادة النظر في الكثير من المسلَّمات التي كانوا مقتنعين بها وأقنعونا بصوابها والتي تتلخّص في أن الأزمة في سورية ساهمت إلى حد كبير في إبعاد الجمهور عن خشبات المسارح، وهو اعتقاد تحوّل إلى ما يشبه الأمر المسلّم به وغير القابل للنقاش، فأتت مسرحية “هوب هوب” للمخرج المسرحي د.عجاج سليم والكاتب جوان جان لتؤكد أن الجمهور قد يبتعد لهذا السبب أو ذاك عن خشبة المسرح لكن عندما نقدم إليه –كمسرحيين- عملاً يجمع ما بين طرفَي المعادلة الأزليين في المسرح “المتعة والفائدة” فإن الجمهور لن يتردد في ارتياد صالات المسارح ليتحول بحد ذاته إلى وسيلة إعلانية للعروض التي تنال إعجابه.
إن ما تحققه مسرحية “هوب هوب” اليوم من نجاح جماهيريّ لم تشهده مسارحنا ربما منذ عقود يدفعنا إلى الإصرار على فكرة أن لا شيء يمكن أن يمنع جمهور المسرح الحقيقيّ من ارتياد صالات المسارح عندما يحترم العرضُ المسرحيُّ عناءَ القدوم وما قد يشكله اليوم من أعباء مادية، كما أن هذا النجاح الجماهيري لا بد وأن يدفع الفنانين المسرحيين إلى إعادة النظر في خياراتهم التي ساهمت جزئياً في إبعاد الجمهور عن خشبة المسرح في الأعوام العشرة الأخيرة، إذ كان من النادر أن نتابع عملاً مسرحياً يضع المُشاهِد في الدرجة الأولى من الأهمية.