ثقافة

“أسعد ليلى” صفحة مشرقة في عالم الفن وبناء الأجيال

الفنان (أسعد ليلى) شخصيَّة معروفة جداً، ولدت لتبثَّ  فن الموسيقى في أرجاء مدينة حمص، ولتضع قواعد الدرجات الموسيقيَّة الأولى في التعلُّم  لكل من يريد تلقي الموسيقى، موجِّهة إياه الوجهة الصحيحة.
كنا نسعد كثيراً، ونحن نمرُّ من جانب مكتبه المتواضع في حي المهاجرين، نسترق السمع إلى صوت العود أو الكمان، أو أية ألة موسيقية أخرى، ونحن كلنا لهفة لتعلُّم العزف على العود أكثر الآلات تحبباً إلى النفس. فمن منا لا يعرف الأستاذ (أسعد ليلى)، كثيرون كانوا يأتون إليه من أماكن بعيدة لتلقي دروس الموسيقى، أو شراء بعض الآلات الموسيقيَّة.
الفنان (ليلى) من مواليد مدينة حمص عام 1936 درس  الموسيقى في القاهرة  في معهد (مدارس دار الفنون الدوليَّة)  وقد لازم فترة إقامته في القاهرة الموسيقار (فريد الأطرش). ويعتبر من أوائل المؤسسين لنادي الخيَّام إلى جانب الفنانين برهان الصبَّاغ وعزَّام كوثر.. وقد درَّس الموسيقى في عدة مدارس في حمص حوالي اثنتي عشرة سنة. إلا أنه لم يكن مثبَّتاً في وظيفته، مما اضطره إلى ترك التدريس والاتجاه نحو الوظيفة في شركة المصابغ في حمص.
كما أنشأ معهداً لتعليم الموسيقى في منزله باسم معهد (درر الأنغام) دام حوالي عشرين سنة.
كان يعلِّم الأطفال من عمر الخامسة متدرِّجاً في الأعمار حتى سن الستين، فقد علَّم رجالاً كباراً، وإني لأمتنُّ له تعليمي أنا شخصيَّاً على آلة العود، وقد كان عمري اثنان وثلاثين عاماً، علماً أن الكثيرين راهنوا على أنني من الصعب جداً أن أتعلَّم العزف، وأنا في هذا العمر. ومن خلال زياراتي الكثيرة له وجدت أن له أثراً كبيراً جداً وعظيماً أيضاً على الأطفال بشكل خاص، فقد كان لديه طلاب كثر ولا نبالغ إذا قلنا: قد تتجاوز أعدادهم عدَّة آلاف، وأغلبهم من الصغار، وما يثير الانتباه تلك العلاقة الطيِّبة التي كان يقيمها معهم، من خلال استقباله لهم، وحسن إكرامهم وجماليَّة تعليمهم، ومتعة النتائج.
ويعتبر الفنان” ليلى” من أشهر مدرسي الموسيقى في نادي (شعاع) الكائن في حي الزهراء، ولا يخفى على أحد ما لهذا النادي من أهميَّة بالغة في تخريج الكثير من طلاب الموسيقى.
-ومن المهم أن نذكر ما تركه الفنان (أسعد ليلى) من أعمال فنيَّة فقد لحَّن الكثير من الأغاني، لكنه لم يسع بشكل جدي لعرضها على الإذاعة والتلفزيون، وإن فعل فكانت محاولاته بسيطة غير متابعة منه شخصياً، والحق يقال: إن تلك الأغاني جديرة بالاهتمام فقد عُرضت في الكثير من الأماكن في مدينة حمص وغيرها، ولاقت إعجاباً واسعاً، كان يقول: لا بدَّ من أن يأتي يوم، وتجد تلك الأغاني طريقها إلى النور. كانت تلك الأغاني وطنيَّة وبعضها عاطفية وغير ذلك، ومن الجدير أن أذكر أنه لحَّن لي شخصيَّاً عدة أغاني كان منها أغنية مطلعها:
(في عتب في حب في مرسال           مخبَّى بزهرة وقال ما بينقال
هيي لحاله يغني بقلبه الندى           إنت حبيبي لا عتب لا مرسال)
هذه الأغنية قدِّمت في احتفاليات المركز الثقافي في حمص. موقع (ديك الجن).
ومن الجدير أن نذكر له مشاركاته الكثيرة في الاحتفالات الوطنية وغيرها التي كانت تقام في المركز الثقافي في حمص، وكذلك الاحتفالات الفنيَّة في المدارس. وقد كانت له مشاركة هامة منذ بداية شبابه، فقد قام ـ ضمن احتفاليَّة تدشين سد الثورة في مدينة (الطبقة) ـ بتقديم العديد من الأغاني الوطنيَّة احتفاء بهذه المناسبة العظيمة.  كما قام بتلحين آخر أغنية له بعنوان: (مشتقلك يا حمص) قدَّمها مع كورال نادي حمص الثقافي.
شارك في التمثيل في مسلسل (وادي السايح) في دور معلِّم الموسيقى.
الرحمة على روحه الطيِّبة حيث غادر دنيانا نتيجة معاناته للمرض رحمه الله وأدخله فسيح جنته.
سريعة سليم حديد