ثقافة

وصار المعلم رسولاً!.

أكرم شريم
هذا الوعي الكبير والهائل الذي نعيشه ونعيش من خلاله في هذا العالم، بل في كل مكان في هذا العالم، قرية أم مدينة أم بلداً أم بلاداً، وفي كل وسائل الإعلام، وعلى اختلاف أشكالها وأنواعها وطرق العمل فيها، وفي كل أماكن ومقرات وأبنية التعليم من الطفولة الأولى، والتلميذ الصغير الجسم والمطيع إلى المتخرج السعيد من أعلى مراحل التعليم، والمتلهف إلى العمل والمكانة الرفيعة في هذه الحياة ومدى حياته.
هذا الوعي الكبير المنتشر بل والدائم الانتشار والذي يسعى وباستمرار للوصول إلى كل إنسان في كل مكان، حتى صار من الصعب بل ربما من المستحيل إخفاء أية معلومة أو أية حقيقة عن الإنسان في أي مكان في هذا العالم، بل وكشف واكتشاف كل الوسائل والأغطية والأكاذيب، مهما بلغت من جودة الصنع وتعقيده لإخفاء الحقائق عن الشعوب وعن الإنسان والإنسانية، فالعلم متصل بكل مصادر المعلومات بل هو الذي يجمع منها ويتعامل معها يأخذ منها ويعطيها باستمرار، وكل مصادر المعلومات متصلة كلها وبكل مصادر الإعلام، وكل هذه المصادر بأنواعها وأشكالها، والتي تكاد لا تحصى، تنشر باستمرار المعرفة والوعي والعلم وهذا هو خير البشرية والإنسانية الأول في هذا العالم!.
فمن هو هذا الإنسان.. أيها المعلم الطيب العظيم، وأرجو ألا نكتفي هنا بأن كلمة المعلم تعني المعلمة، بل أن نذكر وبالتكريم والتكبير والتبريك، والمعلمة أيضاً، من هو هذا الإنسان ومن هي هذه الإنسانة، من بين كل البشر، الذين ينشرون كل هذا الوعي والعلم والمعرفة؟! أليس هو المعلم والمعلمة؟! هذه الفئة من البشر بل من الناس بل من شعبنا، شعبي وشعبك وكل شعب على الأرض الذين يعطون أكثر مما يأخذون، بل لقد ثبت وفي كل المقاييس المادية والاعتبارية والإنسانية أنهم يعطون أكثر بكثير مما يأخذون، خاصة وأن كل هذه المهن، مهن الوعي والعلم والمعرفة، إنما هي مهن صبر وبذل وحب للعطاء، ونجاح وسعادة بالنجاح حين ينجح هؤلاء الأحباء من الطفولة الأولى في رياض الأطفال إلى الشباب المتفتح اليافع والسعيد بنجاحه، ليس في نيل الشهادة وحسب، وإنما هو سعيد في حياته كلها بسبب هذا التعليم وهذه النتيجة التي هي الشهادة، وكل ذلك وكل هذا العطاء المقدس للفرد حتى ينتقل من الجهل إلى العلم، ولا أعتبر كلمة (المقدس) هنا إلا صحيحة ومعبرة عن مقدار العطاء الإنساني العظيم، والذي لا حدود لفوائده في نشر الوعي والعلم والمعرفة ومن ذلك هذه التوعية التربوية والصحيحة، والاجتماعية والسياسية والوطنية، والأخلاقية، والدينية، والاقتصادية والثقافية والأدبية والفنية والنفسية والوجدانية للأطفال ومن أجلهم بدأ من الطفولة الأولى كما ذكرنا، وإلى آخر مراحل التحصيل العلمي من الشباب، وإلى ذلك هذا الحب في العطاء ..الحب الأبوي والأمومي بالعطاء!، وهل بعد ذلك نقول: كاد المعلم أن يكون رسولاً، أم نحب ونحترم هذا القول ونضيف: وصار المعلم رسولاً؟! نعم! إنه رسول دنيوي إنساني وأخلاقي وإلى آخر قائمة الصفات التي يستحقها من يحوّل الإنسان من جاهل إلى متعلم، بل إلى أعلى مراحل العلم والمعرفة في هذا العالم، وبحيث أوصلنا انتشار الوعي والعلم والمعرفة في هذه الأيام، إلى أننا نسينا أو كدنا ننسى كلمة (الأمي)، التي كانت مؤسفة لدرجة الكارثة في حياتنا! وهكذا تكون النصيحة اليوم وعن قناعة كاملة وحب واحترام وتقدير لا ينتهي، أن المعلم صار رسولاً أيضاً! رسولاً دنيوياً، من الشعب إلى الشعب لينشر كل سعادات ونجاحات الشعوب في محاريب الوعي والعلم والمعرفة وفي كل مكان في العالم وهو يعطي، وبشكل دائم وباستمرار أكثر بكثير مما يأخذ!.