ثقافة

من شاشاتهم تعرفون حال ملوكهم

قناة العربية، قناة أن تعرف أكثر، قناة الخبر بلحظته كما تدعي، تدفن رأسها في الرمل بعد أن كسر عمود الاتفاق النووي، العصا الواهية  لشعارها “أن تعرف أكثر”، وهكذا تاه متابعيها النجباء لأنها لم تخبرهم حتى اقل ما يمكن من الأكثر الذي تعد به.
أما السبب فهو الصفعة التي هوت على وجوه آل سعود لحظة توقيع الاتفاق، ليسُمع  دويها في غرفة نوم نتنياهو وغرف نوم الإسرائيليين عموما، والبغدادي أيضا وقطيعه، فالصفعة التي تلقتها المملكة الوهابية بتوقيع الاتفاق النووي التاريخي فعلا بين إيران والمجتمع الدولي، هي صفعة موجعة للدرجة التي ذهبت السعودية إلى تجاهل وقعها، ومحاولة تناسي الألم الناتج عنها “هيهات” كما أن الأمراء السعداء لم يصحوا بعد من هول الضربة، ومنهم من يظن أنها دعاية لا أكثر بينما عظامه ترتجف.
هكذا تعامل إعلام آل سعود مع الموضوع الذي فردت له أكثر من 100 قناة فضائية أمريكية وصهيونية ومثلها أوروبية ساعات بث طويلة لمناقشته والخوض في حيثياته وتوقع نتائج نظرا للأهمية الاستثنائية له والتي طغت حتى على أكثر أخبار الحروب الحامية الوطيس، ومن تابع قناة العربية “على سبيل المثال لا الحصر” طوال اليوم الذي تم فيه توقيع الاتفاق، لا بد وأن نوبات من الضحك اعترته، حيث لم تخصص “العربية” و”شقرائها” نجوى، أي برنامج خاص للحديث عن الاتفاق النووي، شاغل الدنيا ومالئ الفضائيات، وعوضا عن ذلك، قامت ببث فقرات إخبارية كالمعتاد وفقرات منوعة، وإذا اضطرت وجاءت على ذكر الخبر في نشراتها الإخبارية، فكانت تمر عليه سريعا كما لو أنها تخشى حتى ذكر عمومياته.
هذا التجاهل المقصود طبعا لحدث تاريخي بهذا الحجم من قناة “أن تعرف أكثر”!، دلّ بشكل جلي وواضح وواقعي عن وقع “الكف” الذي هوى على وجه آل سعود، رغم كل محاولاتهم الممهورة بدماء الأبرياء وآبار نفطهم السفيه لمنعه. وهذا ما قصدته بنوبات ضحك اعترت من تابعها، كنت أتخيل آل سعود ومن لف لفهم لحظة إعلان الاتفاق وما ستتخيلونه إذا فكرتم بحالهم لدى سماع الخبر “حسب معرفتنا ومعرفتكم فيهم طبعا” لا يمكن إلا أن يكون هزليا ومضحكا، فما رد الفعل لذي سيبديه هؤلاء وهم أساسا ليسوا في وارد من يرد الفعل أساسا.
تقول القاعدة العلمية: لكل فعل رد فعل يوازيه بالقوة ويعاكسه بالاتجاه. وكما أن لكل قاعدة شواذ، “الشواذ “في هذه الحالة هو أن مملكة النفط المجرم لا رد فعل تستطيعه أو حتى تجرؤ على التفكير فيه ولو سهوا، طالما أن معلميها وأسيادها هم من في الواجهة هذه المرة.
بتعليمات من أسيادهم أو من دونها هم اعجز عن رد فعل مزلزل كهذا الفعل. وحده نتنياهو بالأمس وهو يتلمس خده المتورم، وحده من تحدث بلسان حالهم، العاجزون حتى عن تحريكه بلا أمر.
الإرباك والحيرة واللامهنية التي أبداها الإعلام السعودي بمختلف أنواعه حيال “إيران النووية الشرعية” عكس حال مموليه وأسياده من سفكة الدم السوري والعربي، حيث خرس تماما ملوك وأمراء آل سعود صبيان البيت الأبيض، فخرس إعلامهم.  يعنى حتى نديم قطيش أصابه الخرس وهو من الثرثارين الذين لا يدخل لسانهم إلى حلقهم كما يقال، ربما أكل القط لسانه..ربما!.
تمام علي بركات