ثقافة

الصحافة والموسيقى توءمان لإنجاح العمل الفني في دورة “إعلام ثقافي ..تغطية متخصصة …حضور فاعل”

لسماعها ذاك الحضور الطاغي، الذي يستقر في النفوس ويخلق من الأثر الكثير، فالموسيقى هي السلطانة التي تعطي معنىً لكل ما حولها، وتضفي لمسة سحرية على المكان والزمان ليصبح ألطف وأقرب للنفس البشرية، والموسيقى كسواها بحاجة لمن يضيء على جوانبها، ولما كان للصحافة هذه المهمة كان لابد من التنسيق بينهما لتقدم الموسيقى بأبهى حلة من خلال وسائل الإعلام، وقد خصصت الدورة التدريبية “إعلام ثقافي.. تغطية متخصصة..حضور فاعل” التي أقيمت في ثقافي أبو رمانة يوماً من أيامها للحديث عن الموسيقى وكيفية تعاطي الصحفي مع الفعاليات الفنية، ومن أقدر من عميد المعهد العالي للموسيقا أندريه معلولي وقائد الفرقة الوطنية السورية للموسيقا العربية عدنان فتح الله على الحديث عن الموسيقا  بشقيها الكلاسيكي والشرقي بالإضافة إلى الجوانب التي على الصحفي معرفتها أثناء تغطيته للفعاليات موسيقية.

موسيقى كلاسيكية
بدأ الحديث أندريه معلولي الذي أوضح أن الموسيقى لغة تعتمد على أحرف وأبجدية  متعارف عليها عالمياً مركزاً في حديثه على الموسيقى الكلاسيكية التي لها قواعد وأسس عالمية متفق عليها وتندرج ضمنها موسيقى الشعوب (فرنسية، إنكليزية، لبنانية، وغيرها) حيث تنعكس جغرافيا المكان وعاداته وثقافته عليها، مشدداٌ على أن الموسيقى الكلاسيكية لا تعني بالضرورة غربية، وأضاف معلولي: هناك بعض الأعمال كتبت منذ عدة عصور فكل مؤلف موسيقي يكتب ضمن زمنه وهذا ما يميز موسيقى باخ عن بيتهوفن، كما أن المؤلف لا يكتب من فراغ بل من حالة يعيشها فيعبر عنها بالموسيقا التي تنقل أي رسالة بكل إيجابية، لذا فلكل عمل موسيقي قصة وعلينا نحن كجمهور وصحفيين معرفة قصة المؤلف ورسالته وسياقه لكي نفهمه ونشعر به، كذلك ميز معلولي بين أنواع الموسيقى وقوالبها فكل منها يفرض مسرحاً ومكاناً يناسبها بالإضافة إلى المجموعة التي تؤدي الموسيقى الكلاسيكية، وذكر معلولي أن الاوركسترا مكونة من مجموعة آلات هي الوتريات وآلات النفخ الخشبية والنحاسية والايقاعيات، وهي كل ما يضرب عليه لافتاً إلى أن المايسترو هو مخرج العمل الموسيقي كله فهو يحرك الخيوط، مع العلم أن لكل مايسترو طريقته الخاصة.
تجربة سورية رائدة
وفيما يخص الموسيقى في سورية أشار معلولي إلى وجود  منتجين ضخمين هما: الفرقة السيمفونية الوطنية والفرقة الوطنية للموسيقى العربية، لافتاُ إلى وجود موسيقيين سوريين قادرين على الكتابة  للموسيقى العربية بالطرق العالمية، فالتجربة السورية هي تجربة رائدة والمعهد العالي للموسيقى في سورية هو الوحيد في العالم الذي ينتج موسيقي يتقن علوم الموسيقى العالمية والعربية معاً، الأمر الذي سيساعدنا على تطوير موسيقانا وجعلها في منطقة متقدمة جداَ، وقد رأى معلولي أن الثقافة ليست بتقديم القطعة الموسيقية كما كانت بل يجب الاستفادة من العلوم العالمية وإسقاط ما يلزمنا كموسيقيين شرقيين، وبذلك أقدم أعمالاً عربية مكتوبة أوركسترالياً مما يخلق جسوراً ثقافية مع العالم. وذكر أنه بدون إعلام لا يمكن أن نتطور كفنانين فهو قوة وسلاح ذو حدين وعلى الصحفي عندما يقدم نقده ألا يقتصر على السلبيات بل يشير إلى الإيجابيات أيضاً  فيكون بناءً وهدفه التطوير وليس الإحباط دون أن ننسى أن الموسيقى تلامس الأشخاص بطرق مختلفة، وعلى الصحفي الاعتماد على مؤشر ردة فعل الجمهور لتقييم العمل الفني، ونوه معلولي إلى أن التجارب الموسيقية دخلت بأدق تفاصيل الحياة، مشيراً إلى انتشار العلاج بالموسيقى فهي أسرع من الدواء بالوصول إلى الدماغ وتحقيق التأثير المطلوب.

الموسيقى الشرقية
ولأن الموسيقى الشرقية لها مكانتها وإضافاتها في عالم الموسيقى تحدث عنها المايسترو عدنان فتح الله موضحاُ أنها بداية نشأت لخدمة الشعر في مجتمعنا العربي، وصارت الموسيقا أغلبها مغناة مما أضعف الموسيقا الآلية، لافتاً إلى أن موسيقيي الاوركسترا الشرقية بدأوا بالاستفادة من العلوم لتحقيق حالة اوركسترالية. وعما يميز الموسيقا الشرقية عن الكلاسيكية أوضح فتح الله أن الفارق بينهما هو ربع التون أي ربع الصوت الذي لا تستطيع عزفه الآلات الغربية كما شرح بعض المفردات الموسيقية مثل التعددية اللحنية والهارموني (علم الانسجام بين صوتين) والتوزيع الأوركسترالي (المعرفة بطبيعة صوت كل آلة) والتي جعلت لقائد الاوركسترا الشرقية مهمة كبيرة، فلم تعد الموسيقى تعتمد على خط ولحن واحد بل ظهرت اللونية فيها، ولفت إلى أن العمل جارٍ على تأسيس مكتبة موسيقية يستفيد منها الجيل الجديد، كما ويتم تقديم مشاريع جديدة ومبتكرة يجب أن نسلط الضوء عليها مؤكداً أن الموسيقا السورية الشرقية سيكون لها شأن في المستقبل القريب.

وجب الانتباه
ووجه فتح الله بعض الملاحظات التي على الصحفي الانتباه إليها، فلابد من التمييز بين المشاريع إذا كانت تقدم لأول مرة أم أنها مكررة، وضرورة التعامل مع كل منهما بطريقة مختلفة، فالتجارب التي تنفذ لأول مرة يجب الإضاءة عليها ورعايتها وتشجعيها وعدم إحباطها بينما التجارب المكررة يمكننا أن ننقد الأداء فيها لا أكثر، وألا يكون نقدنا بناء على إحساس بل أن نعتمد على تفاعل الجمهور وتعاطيه،  وأعرب عن أنه في أغلب الأحيان يتم التركيز على المغني وتجاهل جهود الفرقة الموسيقية التي عزفت معه وكانت سبباً رئيسياً في نجاحه، وهذا خطأ منتشر فيه من الإجحاف الكثير ويجب تلافيه.

لوردا فـوزي