ثقافة

كل مواطن.. جندي

بشرى الحكيم
أطلت” ديان الشاعر” الشابة ابنة الـ23 عاماً السورية لأم بلغارية، في لقاء ترويجي لروايتها الأولى “هل هناك متسع في الجنة” على منبر الفضائية البلغارية الأكثر مشاهدة وهي القناة التي حملت راية تضليل الرأي العام، وتعمية الصورة الحقيقية فيما يتعلق بالأزمة والحرب على سورية طيلة الفترة السابقة، أما مضيفها فهو مقدم البرنامج الذي طالما عمل على استحضار شخصيات تشاركه ذرف الدموع المزيفة وتشويه الحقائق، وإلباس الذئاب لبوس الحملان، في مسيرة سبقتهم إليها فضائيات عربية وعالمية عديدة.
الإعلامي الذي رأى في” ديان” شابة أصغر من أن تستطيع حمل رسالة سامية، أو أن تقوم بتأليف رواية ذات مغزى، سألها مشككاً عما دفعها للكتابة ففوجئ بردها المباشر والواضح:
** إنه الكذب والتضليل الإعلامي والخدعة الكبيرة التي خدعتم بها العالم؛ حيث لم تعطوا الطرف الآخر الفرصة لطرح وجهة نظره، وهي المؤامرة الكبيرة على سورية، الفظائع التي نعيشها كل يوم، غياب العدل والإنصاف تجاه السوريين، مضيفة أنها بالرغم من أنها لا تمتلك خلفية سياسية لكن روايتها تعرض قصة شابة مثلها تعيش ما يعيشه كل سوري هذه الأيام، ويسألها بخبث مبطن:
** وكيف تتقبلين كل ما يحدث “من مبدأ ديني” وأنت نتاج زواج مختلط؟ ببساطة وثقة تجيب أنها تلقت تربية سورية مبنية على عدم التفرقة بين الناس وأردفت “في بيتنا كما في سورية تماماً؛ نحتفل بجميع المناسبات بغض النظر عن الطائفة التي تعود إليها” وتابعت قائلة: “لقد نشأت على المحبة والاحترام والمبادئ الإنسانية السامية والأخلاقية، أنا أفخر بأصلي، ولهذا فمن واجبي أن أدافع عن وطني الأول”.
على شاشة أخرى ومن ساحٍ آخر، أطلت” نغم” بزيها العسكري، ونغم شابة نقلتها الحرب من ميدان السياحة إلى ميدان القتال؛ فظروف الوطن لم تتح لها العمل بتخصصها لجامعي، فالتحقت بقطاع آخر تشاركت فيه يوميات الحرب والقتال مع شريك حياتها، على الرغم من صعوبة قرارها الذي واجهت به عائلتها وهي كسائر الأهل تخشى وتخاف على ابنتها، لكن ثقتها بنفسها وبقدراتها وإيمانها بنبل القضية التي تدافع عنها، أزالت من أمامها العقبات وحواجز الخوف والقلق.
من المعروف أن الأديب سعيد تقي الدين كان قد أسس في العام 1954وبالتعاون مع عدد من الغيورين على وطنهم، لجنة شعبية هدفها الأساسي؛ العمل على مكافحة نشاط دولة العدو في لبنان، والوقوف في وجه الخطر الذي تشكله تحركاته التجسسية، وذلك لإيمانه أنه على كل مواطن أن يكون عيناً ساهرة في سبيل أمن بلاده، سميت اللجنة في حينها “كل مواطن خفير” والمقولة تصح في كل وقت وزمان ويصح أيضاً أن نقول أن “كل مواطن جندي” في وقت استشرى فيه العداء والتضليل وتكاثر الأعداء كالفطر ين ليلة وضحاها، وأضحت الخيانات وجهات نظر متعددة؛ فبات الوقوف في وجهها ضرورة حتمية، من خلال تنمية هذا الوعي الشعبي الذي يتملكنا جميعاً، وأمام هذا الكم الهائل من السموم والأفكار لابد لكل منا أن يكون جندياً في مجاله، متأبطاً سلاحه ومستعداً.
أليست الرياضة ميدان، واختطاف فوز لفريق هو انتصار، وللعلم ميادين وساحات، واحتلال المركز الأول في مسابقة علمية، انتصار.
وهل أجمل من الفن ميداناً يصول ويجول فيه مبدعونا،  فينتزع فيلم سوري الجائزة الأولى رغم منع السفر والحصار لهو انتصار فكيف إن كان الفوز لفيلمين من مبدعين شابين.
هل رأيتم أنّ في كل ميدان متسع لحمل السلاح، وإن تنوعت ساحات القتال.