ثقافة

الجمهور يعود

أمينة عباس

مما لا شك فيه أن العصر الذي كان فيه حضور الفيلم السينمائي في صالة السينما طقساً أساسياً وعنصراً ملزِماً من عناصر الحياة الاجتماعية عند الأسرة السورية، قد ولى منذ السنوات الأولى من دخول جهاز التلفزيون إلى يوميات حياة هذه الأسرة واحتل ركناً مهماً من أركان نشاطها اليوميّ، حتى بات اليوم رفيق السهرات وسمير الأمسيات، الأمر الذي أدى مع الوقت إلى انحسار صالات السينما عدداً ودوراً ومكانةً، إلى درجة أصبح من النادر أن نصادف في دمشق أو في أي من مدننا الأخرى داراً للسينما يمكن حضور فيلم سينمائي فيها بشكل لائق، وكثيراً ما كان الحديث يدور في أوساط السينمائيين عن الوسيلة الأفضل لإعادة الحياة إلى الحياة السينمائية السورية، وبالتحديد على صعيد إعادة جمهور السينما إلى صالاتها بنفس الطقوس الاحتفالية التي كانت سائدة في يوم من الأيام.
في السنوات الأخيرة ومع اتساع دائرة إنتاج الأعمال السينمائية في القطاعين الخاص والعام أخذت الروح تعود إلى أوصال الحياة السينمائية في سورية، خاصة وأن معظم الأفلام المنتَجة في السنوات الأخيرة خرجت من أسر السيرة الذاتية التي اعتمد عليها مخرجون كثيرون في سنوات سابقة، وأخذ السينمائيون السوريون يعودون إلى جمهورهم من خلال أفلام تلامس واقعهم ومعاناتهم وتفاصيل حياتهم اليومية في ظل حرب مسعورة على سورية أنبتت العديد من القصص والحكايا الصالحة لأن تتحول إلى أعمال درامية مُحْكَمة.
وبموازاة هذه النهضة الإنتاجية لمسنا توجهاً عند العديد من مؤسساتنا وجهاتنا لمواكبة هذه النهضة من خلال حثِّ العاملين فيها على ارتياد دور السينما، وتنظيم (رحلات) جماعية لحضور الأفلام السينمائية، خاصة بعد أن أصبحت تُقدَّم في أماكن عرض لائقة كدار الأسد للثقافة والفنون (الأوبرا) على سبيل المثال، وهذا التوجه، وإن كان له ما يشابهه في سنوات خلت، إلا أن أهميته اليوم يكتسبها من كونه أتى في مرحلة لم تكن العلاقة فيها بين الفيلم وجمهوره في أحسن حالاتها، وإذ به يعمل على إعادة الجمهور إلى سينماه التي افتقدها طويلاً، وها هو اليوم يعود إليها بجهد جماعيّ واعٍ لأهمية دور السينما في المعركة التي نخوضها اليوم.