ثقافة

“نوروز بعيون سورية” في الأوبرا.. الأغنية في مواجهة الحرب

“سورية بعيون كردية، وإن جار عليها الزمان رح ترجع أفضل ماكان” مطلع الأغنية التي ألّفها ولحنها سعيد يوسف الذي حوّل  أوتار البزق إلى فانوس سحري،  كما قيل عنه، وقد صدح بها على مسرح الأوبرا احتفالاً بعيد النيروز، وفرحاً بسورية التي انضمت رسمياً إلى الدول التي تحتفل بالنيروز، وهي أول دولة تحتفل بعيد الحبّ والسلام على مسرح الأوبرا بالأمسية الغنائية “نوروز بعيون سورية” التي أقامتها المبادرة الوطنية للكرد السوريين.
تزامنت الاحتفالية مع عرض فيلم صامت عبر صور عكست حضارة الشعب الكردي، الذي يقطن في مناطق متعددة من سورية والعراق وإيران وتركيا، وتاريخه النضالي ضد العثمانيين وصولاً إلى مقاومته الإرهاب في ظل الحرب الكونية التي تتعرض لها سورية، إضافة إلى إرثه الشعبي المتمثل بالصناعات اليدوية ومستلزمات الحياة الريفية البسيطة، مع مقتطفات من الاحتفالات بعيد النيروز، وتوقف الفيلم عند صورة الرواية الأشهر”مموزين” التي ترجمها العلامة الراحل محمد سعيد رمضان البوطي.
كانت لغة الجسد التي يفهمها عشاق الحياة حاضرة من خلال فرقة “خطى”للفلكلور الشعبي الكردي والمسرح الراقص التي رافقت الوصلات الغنائية التي تكررت فيها مفردة نيروز وكرد، وقد ترجم الراقصون مع السوليست معاني النيروز الذي يعني الربيع وبداية جديدة للحياة مع شعاع الأمل والفرح والسلام والأمان، كما شارك المطرب الشاب سردار شريف. وقد عرّفت الأمسية الغنائية بالتراث الموسيقي الكردي الذي يعتمد بالدرجة الأولى على مقام البيات المتقلب بسرعة إيقاعه بين مشاعر اللهفة والانتظار والشوق واللقاء، إلى مقام الكرد الذي يلامس الأحاسيس العاطفية الرقيقة، بالاستناد إلى آلة البزق الأساسية في الموسيقا الكردية بالتناغم مع القانون والناي والطبلة مشكّلاً القانون صولو مع نغمات البزق كصوت ثان ومستوى لحني آخر في إحدى أغنيات شريف.
الأمر اللافت تفاعل الجمهور من كل أطياف المجتمع السوري مع الألحان والكلمات الكردية مع مقتطفات من أغنيات سورية تكريماً للحضور متعدد الأطياف، فتحوّلت الأمسية إلى احتفالية شعبية.
تحقق حلم الانتصار
كوباني شاهداً على الإرهاب
ومن مدينة كوباني التي شهدت مقاومة عنيفة من قبل الأكراد ضد الإرهابيين غنى المطرب الشاب سردار شريف ثلاث أغنيات بمرافقة عازف البزق علي رمضان وعازف الناي ماهر عامر وعازف القانون عماد حريرة والإيقاع مازن حمزة وأحمد حمو، أولها بروشوفا على مقام البيات، التي ألّف ولحن كلماتها التي تتحدث عن المناطق الكردية في سورية التي قاومت وتصدت للإرهاب (قامشلي- عفرين-كوباني ..) وعن حزن أمهات الشهداء، وكانت الأغنية الثانية من تأليف وتلحين الشاعرة مايا حاجي على مقام الكرد تحكي فيها عن قدوم النيروز متمنية أن يكون بداية فرح بعد سنوات من القهر والعذاب، وأغنية كلوسور من أغنيات التراث الكردي.
سورية بعيون كردية
ختام الأمسية كان مع عازف البزق العالمي سعيد يوسف الذي كانت أصابعه تروي حكايات نغمات مشحونة بالشجن، يوسف الذي حاز على جوائز عالمية وكوّن لنفسه مدرسة موسيقية مستنداً فيها إلى خليط موسيقي متنوع من الموسيقا العربية والكردية والفارسية والتركية، حوّل صوته مع نغمات أوتار البزق الأمسية إلى احتفالية شعبية بكل معانيها أثناء غنائه مقتطفات من أغنياته الخاصة أجملها أغنية”سورية بعيون كردية”، ومن أغنيات التراث الكردي، إضافة إلى الموال والأوف ومقتطفات من أغنيات سورية تكريماً للحضور الكبير، ومن الأغنيات التي قدمها توقف عند بعضها مثل إي نيروزا وشوكوراي والتي تقوم مثل أغلب الأغنيات الكردية على مقام البيات والكرد موضحاً أنه يغني جميع ألوان الغناء العربي واستخدم في ألحانه لأكثر من ألف أغنية جميع المقامات الموسيقية.
ملده شويكاني