ثقافة

جسده الثلوج.. وأجنحته العاصفة

سهيل الشعاربأقلام المبدعين، يصبح للكلمة أجنحة ورأس وعيون، يصير لها معنى ووزناً، كل ذلك بفضل القلم الذي يمنحها جسداً تحيا بداخله، تسكنه ولا تنام، تلهث به ولا تتعب، تحترق ولا تترمّد.
إن الكلمات الجميلة، الرائعة والمدهشة، تبقى شاردة دون راعٍ يرعاها، وضائعة ما لم يمسكها القلم ويرسمها فوق الورق.
ولا يمكننا أبداً أن نتخيّل مبدعاً دون قلمٍ في يده، وورقة أمامه، أو مفكّر وفيلسوف بقادر على الاستغناء عن ذاك السيف الصغير الذي يدعونه قلماً، وتلك الدرع البيضاء التي يسمّونها ورقة.
إن أقلام المبدعين كالأشجار الطيبة، وكالشمس له ضياء، وكالقمر له نور، وكالسيف له حد، وكالجواد له عنان، وكالبحر له موج، وكالإنسان له شرف. والشعوب التي تحترم أقلام مبدعيها تنهض حتى لو كانت في العدم.
إن مملكة الإبداع لها باب سحري لا ينفتح إلا بمفاتيح المبدعين، والمفتاح بيد المبدع يتحوّل إلى ذهب يفتح به مناجم اللؤلؤ والياقوت، و يبقى بيد الجاهل مفتاح من تنك رخيص.
القلم سيف، باستطاعة أي إنسان حمله، لكنه لا يخدم الجميع في كل وقت، فحمله سهل، واستعماله صعب وخطير “فهو بيد السّفيه كالخنجر بيد الطفل” وبيد الحكيم كشجرة مثمرة ونهر عذب.
وإذا امتلك المبدع قلماً، صار له لسان، وإذا امتلكه جاهل بقي أخرس. “فالقلم بيدك أيها المبدع له رأس وليس له رقبة، لذلك لا يمكنه أن ينحني..” وبيدك أيها الجاهل يبقى قلماً عادياً، لكنك بالتأكيد، وبسبب قلّة معرفتك، وتطفـّلك على الفن والأدب، يصبح لك ذيلاً، يحركه من يشاء، ورقبتك دائماً ستبقى منحنية.
2
رأس القلم عين، لا ترى إلا إذا أدمعت فوق البياض، مثله مثل الجمر الذي كلما اشتدت العتمة من حوله ازداد توهجاً ولمعاناً، وما أشبه القلم الشريف بنحلة تجمع رحيق الورود ولا تُعطى إلا العسل!.
رغم صغر حجمه، وهشاشة عظمه، نراه قادراً على الوقوف في وجه العواصف والأعاصير، وبلحظةٍ ما قد نراه قلباً ينبض بالحبّ والكرامة، ووردة نبيلة حمراء، ونسراً أبيّاً لا يرتضي إلا القمم مسكناً، جسده الثلوج، وأجنحته العاصفة.
قالوا:
ما من جرح أعمق من جرح يحدثه القلم، ففي حكم الفلاسفة والعظماء، الأقلام أقوى من السّيوف، وحيث لا تكفي الكلمة، يقوم القلم بما تعجز عنه.
“إن في القلم قوة، وفي الأفكار خلود. واتحاد القلم والأفكار يصنع التاريخ، فمستقبل الإنسانية يبرز دائماً من تحت سنّ القلم”.
Souheil-alchaar@hotmail.com