ثقافة

الـلـواء الـسـليـب فـي الـقـلـب والـذاكـرة

تناولت الندوة التي أقامها فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب بالتعاون مع فرع القنيطرة  موضوع “لواء اسكندرون العروبة والتاريخ” الذي عملت الدولة العثمانية على تزوير تاريخه واسمه إلى اسم تركي، كما غيرت بعض معالم الجغرافيا، لكنها لم تستطع أن تغير نفوس وقلوب السوريين على تلك الأرض، بانتمائهم الأصيل إلى الوطن الأم سورية، وشوقهم للعودة إلى حضن الوطن. بهذه الكلمات القليلة والتي تحمل في مضمونها الكثير مهّد رئيس فرع دمشق للاتحاد محمد الحوراني للندوة التي جاءت على أربعة محاور بهدف الإحاطة بكافة الجوانب والتفاصيل التي تتعلق باللواء، وتقديم صورة متكاملة عن تلك البقعة من الأرض السورية.

أجمل مناطق بلاد الشام

البداية كانت مع د. نديم شمسين في محور “اللواء السليب جغرافيا وتاريخيا” حيث   أكد أن اللواء أجمل مناطق بلاد الشام، وهو يضم الكثير من الجبال والسهول والمناطق الساحلية، والعديد من الأماكن السياحية. كما تحدث شمسين بالتفصيل عن القرى والنواحي التي يضمها اللواء، وعقد مقارنات مع واقعها اليوم وما طرأ عليها من تغييرات على يد السلطات التركية بهدف تزوير الحقائق والتاريخ.

استئصال الأرمن من مكونات اللواء

في المحور الثاني الذي حمل عنوان “دوافع تهجير الأرمن من اللواء” رأى الباحث سركيس برونسوزيار وهو أحد أبناء اللواء، أن مشكلة كيليكيا هي أساس ونواة مشكلة اللواء، وبدأ من اتفاقية أنقرة الأولى التي لم يتحدث عنها أحد إلا بشكل خجول كما يقول، والخطورة أن فرنسا تخلت عن الحدود الطبيعية لسورية ورسمت حدوداً وهمية وهذه كانت بداية المشكلة، فتلك الحدود الحديثة مجرد خط وهمي على الخارطة، ولا توجد إمكانية للدفاع عن هذا الشكل. واليوم لولا تلك الحدود المفتوحة  لكان من السهل على جيشنا محاربة الإرهاب. وفي حديثه عن الأرمن في اللواء كأحد المكونات الأساسية هناك، أكد برونسوزيار أنهم تعرضوا للاضطهاد والبطش التركي، فقد كانت الإستراتيجية التركية تعتبر بأنه لا يحق لأي عنصر بالتواجد على الأرض التركية إلا الأتراك، لذا عمد هؤلاء لاستئصال الأرمن وغيرهم من أبناء اللواء، وقد كانت الهجرة الأولى للأرمن عام 1894، وإثر المذابح التي تعرضوا لها على أيدي العثمانيين هاجر قسم من أرمن اللواء وكيليكيا إلى حلب واللاذقية ودمشق. أما الهجرة الثانية فكانت عام 1909إثر مذابح أضنة، أما الهجرة الثالثة فكانت عام  1915. وهنا أكد الباحث أن الأرمن لم يتخلوا عن أرضهم بل صعدوا إلى أعالي الجبال وقاوموا الأتراك فترة 40 يوماً، وفي مرحلة لاحقة بعد أن نقلهم الأسطول الفرنسي، تم تشكيل كتيبتين أرمنيتين شاركتا في المجهود الحربي في الثورة العربية الكبرى، إضافة لهجرات أخرى ذكرها الباحث برونسوزيار شبيهة بالهجرات السابقة.

عصبة الأمم أداة للإمبريالية

أما كيف تمت تهيئة الأجواء الدولية لخلع اللواء، فقد حاول الباحث زهير ناجي أن يقدم مقاربة تاريخية سياسية تبحث بدقة عن الظروف الدولية التي ساهمت في سلخ اللواء عن الوطن الأم، مؤكدا أن ذلك تم بمؤامرة تحت ستار عمل دبلوماسي ولجنة دولية، كما تحدث عن الظروف التي رافقت الحرب العالمية وصراع الدول الكبرى التي أرادت عمل قوس لمحاصرة الاتحاد السوفيتي، والدور الذي لعبته عصبة الأمم كأداة لتنفيذ سياسات الدول الإمبريالية.
شعب اللواء إلى جانب وطنه

المحور الأخير كان مع الباحث أحمد سليمان الإبراهيم والذي تحدث عن اللواء بين الماضي والحاضر، مؤكداً أنه وبالرغم من قيام الحكومة التركية عبر مراحل بتغيير معالم اللواء، وممارسة سياسة التتريك وتغيير الكنى ليتم فصل الإنسان السوري هناك عن وطنه الأم إلا أن ذلك لم يحدث، واعتبر إبراهيم أن عرب اللواء اليوم مظلومون ويعتبرون أن وطنهم الأم نسيهم، وإلى الآن لم يتبن قضيتهم داخل اللواء أي حزب سياسي، وكل ما قدم عبارة عن مجهودات فردية في مواجهة مراكز بحوث ودراسات. وطرح إبراهيم عدة أسئلة منها تساؤله حول السبب أن أبناء اللواء ليس لهم مقاعد في جامعة دمشق كما كان سابقاً، وختم بالقول أن شعب اللواء رغم كل الظروف القاسية التي يعيشها لا يزال سورياً، وهو اليوم يقف مع وطنه الأم بدليل المظاهرات التي اندلعت في اللواء وأضنة بمشاركة مئات الآلاف التي استشهد فيها الكثير من السوريين أبناء اللواء.
جلال نديم صالح