ثقافة

رفقاً بالألقاب

جلال نديم صالح

ونحن نقرأ سيرة حياة أحد العباقرة في الفن أو الأدب تتبادر إلى أذهاننا الكثير من الأسئلة، منها ترى أي جهد بذله أحدهم ليستحق لقباً يتفرد به ويجعله علامة بارزة في المجتمع، على سبيل المثال كم عانى بليغ حمدي أو محمد عبد الوهاب في مسيرتهما الفنية حتى نالا لقب “موسيقار” عن جدارة وبشهادة الجميع. وكم تفردت الفنانة أم كلثوم فيما قدمته حتى وصفت بـ “كوكب الشرق” وهناك من الأمثلة الكثير المشترك بين هؤلاء أنهم نالوا تلك الألقاب عن جدارة، تثميناً لما قدموه حقيقة على أرض الواقع، هذا الواقع اختلف اليوم على ما يبدو من وجهة نظر البعض فلم يعد غريباً أن يترافق اسم أحد المطربين ممن يمكن أن نعد سنوات عمرهم الفني على أصابع اليد الواحدة بلقب “النجم” ويكفي أن يقدم هذا “النجم” حفلة خارج حدود سورية ليصبح نجماً عربياً، فما بالنا إن واتته الفرصة ليكون ضيفاً لدى  إحدى الجاليات السورية في الخارج، حينها يصبح لقب النجم العالمي هو المرافق له أينما حل. وفي السياق ذاته ليس بالمستغرب أن يترافق اسم عازف ما على آلة موسيقية بلقب المايسترو. هذا الواقع بتنا للأسف نعيشه عندما نتابع بعض وسائل الإعلام التي أصبحت تتبع هذا الأسلوب لترفع من شأن أحدهم ولتخلق هالة من التميز والخصوصية حوله، دون اعتبار حقيقي لما قدمه أو حققه هذا الشخص، ودون تقييم هل يستحق اللقب أم لا.
في ظل هذا الواقع.. من الموضوعية أن نتساءل عن الظلم وعدم المسؤولية في هذا، وعن المصداقية التي من المفترض أن تشكل الجانب الأهم لأي وسيلة إعلامية. ترى ألا يعتبر هذا في أحد وجوهه خداعاً للمتلقي، ولمن عوّمناه بهذه الطريقة، وفي الوقت ذاته أليست الألقاب أمانة ومسؤولية؟ أمانة في يد من يطلقها ومسؤولية على من يحملها؟ متى سنتنبه إلى أن قيمة اللقب قد تهبط وبريقه سيخبو، عندما نوزعه هنا وهناك دون اعتبار ووجه حق فرفقاً بالألقاب وبأصحابها الحقيقيين وبنا أولاً وأخيراً.