ثقافة

نخبة من الفنانين السوريين في ملتقى الإبداع الأول د. باسم دحدوح: صورة مكثفة عن المشهد التشكيلي

يجتمع نخبة من الفنانين التشكيلين السوريين ذوي البصمة في المشهد التشكيلي هذه الأيام  في رحاب قلعة دمشق ضمن (ملتقى الإبداع الأول) الذي تقيمه الجامعة العربية الدولية برعاية وزير التعليم العالي، ومع أن الأيام الأولى للملتقى لم تقدم لنا ملامح المنتج الفني له، إلا أن تجربة الأسماء الفنية العريقة المشاركة تنبئ بقيمة مضافة وجمال واختلاف وأصالة.

نخبة تشكيلية

وأشار د.  باسم دحدوح عميد كلية الفنون في الجامعة العربية الدولية وأحد المشاركين إلى أن الملتقى يضم عشرة فنانين سيقدم كل منهم لوحتان أو ثلاث وهم يمثلون نخبة التشكيل السوري، ولهم تاريخ طويل وهاجس وإنجازات فنية ناجحة، وكل منهم له وجهة نظره سيقدمها، ولكن لديهم قاسماً مشتركاً وبوصلتهم باتجاه واحد هو تقديم عمل ذو قيمة فنية، والنتاج سيكون نواة للعمل في الأيام القادمة  لتأسيس متحف للفن المعاصر والحديث في الجامعة، كما سيكون هناك معرض فني يضم اللوحات الناتجة عن الملتقى. وبيّن دحدوح أن الفعل الثقافي فعل نخبوي وتاريخي، والفن عندما يقرأ بطريقة صحيحة نرى بأنه –على الرغم من كونه إبداع فردي- إلا أنه  يقام  ضمن مجموعات تبادل فكري وثقافي، مشدداً على أنه في  هذا الوقت  أصبح هناك ضرورة للتمييز في الفن واللوحة والإبداع  بين القيمة واللاقيمة، لافتاً إلى أن المعيار الذي يحدد قيمة العمل ليس “وصفة طبية” بل هو العمل المبني على ثقافة تشكيلية مع تحقيق الشروط .

وأضاف دحدوح: إنه بالإضافة إلى أن منتج الملتقى هو ثروة تساهم برفع الذائقة البصرية، إلا أنه هناك أهداف تربوية علمية للملتقى حيث سنقوم برحلات علمية لطلابنا للملتقى كي تصل الفائدة لهم، ناهيك عن أنه يتم تصوير جميع لحظات الملتقى بكاميرا فيديو تتابع اللوحة منذ لحظة ولادتها، وقد يتم عرض الفيديو مرافقاً للمعرض، وتمنى دحدوح ألا يكون هذا الملتقى مجرد رقم بين الملتقيات، مبدياً تفاؤله بأنه ملتقى مختلف بكل تفاصيله سواء اختيار الأسماء  بدون أي شوائب أو مجاملة  ليتم تقديم صورة مكثفة عن المشهد التشكيلي، وبما يتم فيه من حوار بين الفنانين، مؤكداً أنه ليس بالضرورة أن يكون الملتقى تراتبياً وسنوياً فعندما يتهيأ المناخ الإبداعي له ستتم إقامته.

ومن وجهة نظر دحدوح يمر المشهد التشكيلي السوري بأزمة يجب الاعتراف بها، وهو في حالة احتضار وكذلك في حالة مخاض إبداعي، فالمشهد فيه عبث، وعلى ما يبدو هذا العبث والفقاعات في المشهد الثقافي عموماً والتشكيلي خصوصاً أصبحت تؤدي إلى تشويش كبير، وأصبح من النادر وجود فن راقٍ، ولذلك جاء هذا الملتقى نخبوياً كي يعمل على مفهوم القيمة والفن الحقيقي، وكنوع من الحماية للفنانين الحقيقيين والكبار بعطائهم، وهو فسحة أمل لنلتقي وندردش ويشعر الفنان بوجود من يقدّره، معتبراً أن “الفنان ليس سوبرمان” ويكفينا أننا نعمل بالفن رغم هذه الظروف الصعبة، ومع أنني لا أقلل من أهمية الفن ودوره إلا أن دوره ليس سحرياً ولسنا قادرين على القيام بثورة فنية ثقافية، لأن الفن يحتاج إلى مناخ يساعده وإلى ترفيه لكي نرى عطاءه الحقيقي، فنحن نساهم في ثقافة المجتمع والذائقة الفنية لا أكثر لأننا مخترقين بيومياتنا، ولذلك رأينا كل هذه البشاعة على الرغم من وجود جانب جميل مازال صامداً و يجب عدم نكرانه.

حاضن حقيقي

وذكر دحدوح أن الجامعة تطمح لتكون حاضناً حقيقياً لفكرة الإبداع مع إعطاء مساحة حرة للفنان وأن تكون نموذجاً مشرفاً للطالب، وأكد أن الجامعات الخاصة هي فرصة لشريحة كبيرة من الناس، وهي تهيئ مناخاً للطالب وتقدم جهوداً مضاعفة عن الجامعات الحكومية، ومع أن شريحة الطلاب من حيث الموهبة أقل إلا أنه بجهودنا نرتقي بهم للمنافسة، حتى أن طلاباً كثيرون انتقلوا من الجامعات الحكومية إلى جامعتنا.

لا أحب اللوحة أن تثرثر فهي نص بصري لا يحتاج لشروح- هذا ماقاله دحدوح- فإما أن تحبه وإما لا، وإما أن تحاوره أو لا، وما إن تمسك اليد أداة الرسم حتى  تصبح كأبرة قياس الزلازل تحمل دقات القلب وتعكس الزمان والمكان وتعبر عنه، مؤكداً أنه يبدأ لوحته بمكان ثم يذهب إلى آخر، وليس هناك شيء مخطط لما أقوم بتنفيذه، بل أنا  تلقائي و”أتبع قلبي” فقط، مشيراً إلى أن اللوحة تكون معافاة عندما تقدم لي الدهشة، ويعمل عليها الفنان دون خطة مسبقة، وفق الحرية المطلقة المبنية على مهارات وثقافة واسعة عبر جمل بصرية مختزلة ودقيقة، فالعمل الجيد يحظى بإجماع ولا يخبئ نفسه.

لوردا فوزي