ثقافة

” آرت فير بيروت” للفن التشكيلي الفن والمال.. زواج الحرام

أكسم طلاع

انتهت هذا الأسبوع فعاليات معرض بيروت الدولي للعام 2017 “آرت فير بيروت”، حيث عرضت صالات العرض المتخصصة بالفن التشكيلي في المنطقة أهم مقتنياتها الفنية، كما عرضت لوحات لعدد من الفنانين الذين يرتبطون بعقود عمل مع هذه الصالات، وقد شارك 230 فناناً من 42 بلداً وعرض 1400 عمل فني، يمثل آخر أفكار ومنتجات الفن التشكيلي في المنطقة، كما حضر هذه الفعالية مقتنو الأعمال الفنية وتجار الفن التشكيلي وجمهوره, وللتذكير، فإن مثل هذه المعارض الدولية يتم فيها عقد صفقات تجارية بمئات آلاف الدولارات، فضلا عن الجانب السياحي والترويجي الثقافي لمدينة بيروت، كما يقام فعالية أخرى أكبر منها في حجم العقود والعروض في مدينة دبي، حيث يحضر أهم مقتني الفنون في العالم. واللافت حضور الفنان السوري في هذه الفعاليات في ظل غياب  كامل للمؤسسة الثقافية الرسمية!، يعوضه مشاركة بعض السوريين من أصحاب دور العرض المشابهة للدكاكين بثقافتها وإمكانيتها المهنية والمادية المتواضعة”، ولن ينقذها هذا التوصيف من دورها المخرب أحياناً، في تقديم الفن السوري العريق بتواضع غير منافس، مع أنه يملك ميزات الحداثة التي ينشدون، والدهشة التي تغري مقتني الأعمال الذين يفرضون بسلطة مالهم وثرائهم رؤيتهم على المشهد التشكيلي العربي رغم محاولات المؤسسات الرسمية الحكومية ضبط دفة التوجه الثقافي الموازية للسياسات الحكومية في بلدانها، والمتابع لما يعرض في هذه الملتقيات يشاهد بؤس المحاولات الفنية المدعومة بسلطة المال، وسلطة التغريب والتشويه المدروس والممنهج نحو المنطقة ومحاولات تكريس واقع اللامبالاة والاستعجال والفوضى، بذريعة أن العالم يتغير نحو ليبرالية ثقافية تحترم النزعات الفردية في الفنون ونحو عولمة لا تقيم وزنا لاعتبارات الهوية والقومية والعروبة، ولا تكترث لقضية العالم الأساسية ومصائب الاحتلال ونهب ثروات البلاد والشعوب، وتروج لأفكار الفوضى والتقسيم والخصوصيات الشوفينية، ربما يقول قائل ما شأن الفن التشكيلي بهذه القضايا؟ والفن والثقافة لن تكون هي الحياة الإبداعية المجاورة حين تكون مشغولة بالسياسة واليوميات!؟.

لهؤلاء الناس: الفنون رسالة وحضارة وقيم لا تخضع لمقياس السوق، ولا لسلطة المال، وهي رافعة النضال الإنساني في مواجهة التخلف والظلم والإرهاب، كما هي فعل تربية وتنوير ومقاومة، ولن تكون فنوناً إن لم تجعل من هذا الزمن تاريخا يسجل ويحفظ ذاكرة الأمة والوطن والشعب، وأعجب لبلد غني بحسين مروة وخليل حاوي وثقافة جبل عامل وبحر بيروت الذي لفظ كل الغزاة المدججين بحديدهم أن يفتح أبوابه الخلفية لشهوات الآخرين ولوثاتهم.